صفحات العالم

الأدوار العربية والغربية والروسية تنتظر نتيجة مهمة أنان


ثريا شاهين

على الرغم من صدور النقاط الخمس عن اجتماع وزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، استمرت المواقف الروسية في مجلس الأمن الدولي على حالها، وكذلك الشروط الروسية.

ويتأكد بالتالي، لمصادر ديبلوماسية أوروبية، أن لا إشارة لتغيير روسي حيال الموضوع السوري في المجلس، وكذلك ان ما توصل إليه الطرفان ليس له أي تأثير على الوضع على الأرض في سوريا.

والإشارة السلبية، جاءت بدورها، من أسلوب الرد السوري الاربعاء الماضي على طروح الموفد الدولي والعربي كوفي أنان الى دمشق، حيث طلب إعطاءه يوماً إضافياً للتفكير والرد، وان دمشق تحتاج الى ان تحصل على ضمانة تتضمن فقط “ان توقف المعارضة القتل وتسلم سلاحها”. الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن تنتظر مهمة أنان. كما ان تطور ما صدر عن العرب وروسيا ينتظر نتيجة هذه المهمة أيضاً.

على أن المصادر، تشير الى ان مهمة أنان ليست سهلة، ويتوقع له ان يزور دمشق مرات عدة في إطار مهمته، علّه ينجح في إقامة حوار بين النظام والمعارضة. وأنان موفد يلقى رضا من العرب والولايات المتحدة والروس، لذلك سيبقى في المرحلة الراهنة يقصد دمشق، مع ان نجاح مهمته محفوف بالمخاطر، لان القضية، قضية سياسية كبيرة، ولن ترضخ القيادة السورية لمطلبه وقف القتل والعنف.

الورقة العربية ـ الروسية وفقاً لأوساط ديبلوماسية عربية، هدفها مد الجسور بين الطرفين بعدما كان الروس شعروا أن هذه الجسور سقطت مع العرب، وهناك ضرورة لإعادة مدّها.

والعرب من خلال النقاط الخمس رأوا ان الخيارات التي تعارض الخيار الروسي ليست متبنّاة فعلياً من الغرب، على اعتبار ان هناك تقارباً أميركياً ـ روسياً يعتقد العرب أنه حاصل. لذلك لم يُرِد العرب استمرار كسر الجسور مع روسيا، وعملوا لتنازل طفيف، وعمل الروس لتنازل غير مباشر. موسكو بشكل مباشر رفضت موضوع تنحّي الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها قبلت بالنقاط الخمس، لكن ما يشمل ذلك في المعنى ترفضه هي في النقطة التي تتضمن ذلك. وما حصل على المستوى العربي ـ الروسي، ليس اتفاقاً كاملاً، بل انه محاولة للتوصل الى أرض مشتركة، ستترجم الى حد ما في مجلس الأمن الدولي في حال أعيدت الأمور إليه. كما انه مدماك أول لتفاهم محتمل في المجلس، من دون ان يعني ان التفاهم حاصل فعلياً. كذلك انه لا يعني ان الأمور نهائية لا بالنسبة الى العرب، ولا بالنسبة الى الروس، ولا بالنسبة الى الأميركيين.

انه إعلان نوايا، وهذا هو الإطار الذي يمكن للأطراف الثلاثة اللعب في سياقه.

لكن ليس هناك من التزام أو تعهد. انه تعديل طفيف في المواقف لم يتبلور أكثر، انما قد تتطور الأمور نحو تنازل أكبر أو تقارب أوسع.

وتفيد مصادر عربية أخرى، ان موسكو من خلال اتفاقها مع العرب أعادت الموضوع السوري الى الجامعة العربية. والعرب أيضاً تمكّنوا من إحداث ثغرة في الجدار الروسي، عبر الواقعية من قبل الطرفين، قد تكون مقدمة لحلّ يتفاهم حوله الطرفان، لكن كل طرف يضغط من الباب الواسع، مع عدم القدرة على تقديم تنازلات أقوى. وفي هذا الوقت جرى تجميد مشروع القرار الأميركي، الذي قد يستأنف طرحه في حالة واحدة هي ان يأخذ بالنقاط الخمس العربية ـ الروسية، هذه حدود الموقف في المرحلة الراهنة، حيث هناك رغبة بحصر الخلاف بالغطاء العربي ـ الروسي وكذلك الحل.

الروس لا يريدون خسارة العرب، والعرب سيستمرون في محاولاتهم للتوافق مع الروس وصولاً الى إقناعهم بالسير في قرار صادر عن مجلس الأمن حول سوريا. الروس حتى الآن لم يصلوا الى القبول بهذه المرحلة، ولا بوادر حالياً للتغيير.

إزاء هذا الواقع، لا يزال الغرب يفتش عن الطريقة الفضلى لإزالة النظام، بحسب مصادر ديبلوماسية غربية. الغرب لديه ضوابط، إذ يحتاج الى غطاء شرعي دولي للقيام بعمل عسكري، وفشل في ذلك بسبب الموقف الروسي. لكنه لم يوفر وسيلة لفرض عقوبات اقتصادية واستنفدت كأقصى ما يمكن فعله، وعلى أساسها كان التوقع بانهيار النظام بصورة سريعة. لكن الدعم الاقتصادي أتاه من إيران والعراق. هذا فضلاً عن الدعم الديبلوماسي الروسي في مجلس الأمن. وبات الحل الوحيد بتسليح المعارضة. الغرب يتمتع بنَفَس طويل في مواجهة النظام السوري، لكن الوقت المستقطع يدفع ثمنه الشعب السوري. ذلك ان واشنطن وباريس ولندن تريد قراراً عن مجلس الأمن يدعو الى وقف العنف الذي يرتكبه النظام، وعدم صدور قرار يدعو الى وقف العنف من الجهتين، أي النظام والمعارضة، يبقى أفضل من صدور قرار يساوي بينهما. في حين أن روسيا تريد قراراً عن المجلس ولكن يوازي بين النظام والمعارضة.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى