صفحات الناس

الأرمن ضحايا تهجير جديد بعد معارك كسب/ طـارق الدبـس

مع اندلاع معارك الساحل قرب الحدود التركية ووصول كتائب المعارضة الإسلامية إلى مدينة كسب معلنةً السيطرة عليها، فرّ عشرات المواطنين الأرمن هرباً من عمليات انتقام قد ترتكبها المعارضة ضدهم، ولا سيما أن معظم الأرمن الذين كانوا يقطنون في كسب يؤيدون نظام الرئيس بشار الأسد.

وشهدت مدينة اللاذقية وصول العشرات من النازحين الأرمن خلال الأيام الماضية، استقر معظمهم في شارع (الكيدون) الأرمني في حي العوينة، بحسب ما يؤكد الناشط في شؤون الإغاثة مؤمن فاخوري، موضحاً لموقع NOW أن “العائلات الأرمنية النازحة استُقبِلت من قبل الأقرباء والأهل”، نافياً أي “دور للحكومة السورية بمساعدة هؤلاء النازحين وإيوائهم في مراكز خاصة”.

ويقدّر فاخوري أعداد المواطنين الأرمن الذين نزحوا من كسب نتيجة المعارك هناك بـ500 شخص، بينهم أطفال ونساء وعجائز، لافتاً إلى أن “معظم هؤلاء من الفقراء الذين يعملون بالزراعة، فلا يملكون أي قدرات مادية تساعدهم على التعايش مع أوضاعهم الصعبة ولو بشكل مؤقت”.

ويشكل الأرمن النسيج الإجتماعي الأساسي لمدينة كسب التي تعتبر من أهم المناطق السياحية في سوريا، حيث كان يرتادها السياح العرب كل عام قبل اندلاع الثورة. وإلى جانب عملهم في الزراعة يستفيد الأرمن من الخدمات السياحية التي يقدمونها لزوار مدينتهم.

وأثار اقتحام كسب من قبل المقاتلين الإسلامين الذعر في نفوس سكانها الأرمن، بحسب ما يقول لـNOW أحد النازحين ويدعى ستراك ديمجريان، مشيراً إلى أن “الأمر حصل فجأة”، وأضاف: “لم نكن نتوقع هجوماً من هذا النوع، خصوصاً وأن المنطقة بكاملها خاضعة لنفوذ القوات النظامية. لقد هربنا بملابسنا من دون أن نأخذ معنا أغراضنا الشخصية”.

ويؤكد ديمجريان أنه لم يشاهد أياً من مقاتلي المعارضة في كسب: “سمعنا أصوات الرصاص والقذائف قبل أن تصل المعارك إلى المدينة، فقررنا الهرب فوراً خوفاً من عمليات انتقام قد ترتكبها مجموعات المسلحين ضدنا”.

ويبدي معظم الأرمن في كسب تأييداً لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، باعتبارهم أقلية تخشى على نفسها من الخطر الإسلامي الأصولي الذي يهوّل منه النظام، ما يعزز لديهم احتمال ارتكاب أعمال عنف ضدهم من قبل مقاتلي المعارضة، خصوصاً وأن من بين المقاتلين الذين دخلوا إلى كسب عناصر تابع لجبهة “النصرة”.

لكن كتائب المعارضة سعت إلى طمأنة المدنيين في المناطق الساحلية التي اقتحمتها، مؤكدة أنها ستقوم بحمايتهم وعدم المسّ بممتلكاتهم. وبُثَّ شريط فيديو على موقع “يوتيوب” يظهر مقاتلين من المعارضة وهم يتجولون في إحدى الكنائس الأرمنية داخل كسب، متعهدين بحمايتها.

 إلا أن هذه التطمينات من قبل المعارضة لن تجد لها أي تأثير في نفوس الأرمن، وفق ما يقول المدّرس الأرمني النازح من كسب جورج هاكرزيان لـNOW، موضحاً أن “الطائفة الأرمنية باتت تشعر أنها الحلقة الأضعف في الصراع المحتدم بين النظام ومعارضيه”.

 وأضاف: “في الاساس الأرمن لا يؤيدون النظام، لكنهم يريدون الاستقرار والأمان. ونتيجة التجارب الملموسة فإن الخطر الأصولي يبدو أسوأ بكثير من النظام، فالأخير لم يؤذِنا بل على العكس سمح لنا بتدريس لغتنا في مدارس خاصة بنا وترك لنا حرية العبادة”، وتساءل هاكرزيان: “هل ستؤمّن لنا المعارضة، بما فيها الأصولية، هذه الإمتيازات؟”.

 وتُعتبر كسب المدينة السورية الثانية التي تشهد نزوحاً أرمنياً بعد محافظة حلب التي فرّ معظم الأرمن فيها من أحيائهم واستقروا في دول الجوار، لاسيما لبنان. وإلى جانب كونهم جزءاً من الأقلية المسيحية في سوريا، يُعتبَر الأرمن الأثنية السابعة في البلاد. وبالرغم من أنهم لا يشكلون أكثر من 1 بالمئة من تعداد السكان، فإن الحضور الأرمني في سوريا يبدو بارزاً نتيجة احتكارهم عدداً من الحرف والمهن وإتقانهم لها.

يشار إلى أن معظم الأرمن لجأوا إلى سورية بعد عمليّات التطهير الديني والعرقي ضد الأقليّات المسيحيّة التي حدثت أثناء انهيار الإمبراطوريّة العثمانيّة، ويتركز وجودهم في مدن حلب والحسكة ودمشق ودير الزور وحمص واللاذقيّة، والأحداث الأخيرة أجبرت العديد منهم على مغادرة البلاد.

موقع لبنان ناو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى