صفحات الثقافة

الأزمة السورية.. لا بديل عن الحلّ السياسي/ غادا فؤاد السمّان

بعد ثلاثة أعوام من الخوض في مستنقع الدمّ السوري، وبعد تورّط جميع الأطراف التي تشغل ساحة القتال المتنامي بين الجيش النظامي وفصائل عديدة متناحرة على الأرض السورية، التي تتمثّل في جبهات مختلفة ومتنوّعة أصيلة ودخيلة على المجتمع السوري، تحمل أسماء وعناوين ما أنزل الله بها من سلطان، لم تترك معظمها خرماً، يمتّ بصلةٍ إلى الإسلام إلا وأعلنت انتماءها إليه، والمُستغرب عند بعض هذه الفصائل التي تدّعي الإسلام ما ترتكبه من بشاعاتٍ باسمه، كالنحر بالتكبير على الطريقة الإسلامية المعتمدة للأضاحي، من نعاج وأبقار وأغنام وجِمال وغيرها. أمّا التكبير على عنق إنسان فهو قمّة الكفر والتجاوز والخسّة، مهما كان يمثّل هذا الإنسان من معتقد أو انتماء، وهنا لا بدّ من مساءلة المعارضة السورية المتمثلة في مجلس الائتلاف، هل تأتمر هذه الفصائل بإمرتها فعلاً، وهل تلتزم سياستها بحنكةٍ وحكمةٍ وموضوعية؟ وما القاسم المُشترك بين الفصائل ‘الإسلاموية ‘ وجورج صبرا وميشيل كيلو وبرهان غليون وعبد الباسط سيدا وسهير أتاسي مثلاً؟ وأيّ دور لعبته المعارضة الخارجية منذ ذلك الحين وحتى اليوم من أجل الشعب السوري؟ هذه المعارضة التي تدّعي شرعيّتها الدولية، غير التكريس الإعلامي لظهوراتها المتكررة على الشاشات والفضائيات التي تتعاقب فيها بالتناوب بين الرؤوس والأذناب للمشيئة الدولية، وهي لا تملك غير عدّادٍ للضحايا والمشردين والمعتقلين والمعاقين واللاجئين، الذين يندى لأوضاعهم الإنسانية والاجتماعية الجبين، ولا يحقّ لأحد أن يُحاسب دولة كلبنان مثلاً، استطاعت أن تؤوي ما تؤوي من اللاجئين السوريين، على الرغم من ضيق أراضيها وضيق أوضاعها الاقتصادية أصلاً، التي انعكست سلباً على البيئة اللبنانية بحكم الاختلاف البيئي أولاً، وبحكم التداخل الديموغرافي الذي بدأ يتشتّت بفعل ضغط اللجوء السوري المُتكرر والمتغلغل في ما بينها، والذي بلغ تعداده ما يقارب النصف أو أ[كثر للتعداد السكاني اللبناني أساساً.

ولا يخفى على أحد أن لبنان يكاد يكون البلد المضيف الوحيد الذي شرّع أبوابه وأراضيه من دون قيد أو شرط لإقامة السوريين، الأمر الذي جعل من المواطن السوري منافساً في العمل، وظلاً ثقيلاً في الإقامة، ناهيك عن مظاهر التسوّل التي فرضتها الأحوال المتدهورة للاجئ السوري، ولطالما ارتفعت الصرخة في وجه المفوضية العليا للأمم المتّحدة، وارتفعت مثيلاتها في وجه المعارضة السورية التي تتقاضى المبالغ تلو المبالغ لتزداد ثراء، جرّاء إطالة أمد الأزمة السورية، في حين المواطن السوري يزداد ذلاً وتعتيراً ألزمه الاعتراف مؤخّراً بالتوّرط والندم لترك بيته وأرضه وبلده وامتطاء الموجة التي قادته إلى الخراب والتشرّد والويلات. وهنا لم نجد في المعارضة السورية الخارجية أيّة بادرة لتفسير ما يحصل من تدهور للأوضاع السورية، تماماً كما لم نلمس لديها خطّة فعلية لإزاحة النظام، غير توريط الشعب السوري بالصراع المسلّح الذي لم ولن يحسم المعركة لصالح أحد، بل هي مجرّد عملية استنزاف للجيش الوطني وتخريب مؤسسات الدولة وهتك اللحمة الشعبية الوطنية، وتدمير البنية التحتية والبنية الاقتصادية للقطر السوري، فهل حقاً المتضرر هو النظام السوري أو الحكومة السورية، التي لا تزال تتمتع بقيادةٍ كاملةٍ للأموال السورية ومفاصلها الاقتصادية. كما تفتقر المعارضة السورية حتى اليوم إلى مشروع حقيقي يؤهّلها وطنياً لتتبّوأ مكانة سياسيّة ترجح كفّتها لمصلحة الشعب السوري، فمن السخرية أن تبدأ مثلاً بمشروع تحرير المرأة السورية، فمن بوسعه أن يشكك في حريّة المرأة السورية في اتّخاذ مواقفها وقراراتها، وهي بكامل الأهلية والاستقلالية والتمرّد إن لزم الأمر، والمرأة السورية حرّة منذ الثلاثينيات والأربعينيات، عندما كانت تواكب الرجل سياسياً ونضالياً لدحر الاحتلال العثماني أولاً، والفرنسي الذي تلاه، ولهذا الجانب شرح يطول لا يتّسع له المقام، حتى إن تشدّقت به المعارضة بمناسبة أو غير مناسبة، فالمرأة السورية واللبنانية حصرياً تتقدّم بمكانتها جميع نساء المنطقة العربية، وثمّة مفاتحة ومصارحة لا بدّ منها أمام الذات أولاً وأمام القارئ العربي في كلّ مكان، وأنا في هذا الصدد شأني شأن الجميع الذين وقفوا على الأحداث ومفارقاتها ومبالغاتها الضارية، تِبعاً لمزاجية البثّ الإعلامي المرتهن لأنظمة مغرضة بحق الاستقرار السوري والسيادة السورية والاستقلالية السورية أيضاً، حين بدأت القيامة العربيّة تابعناها بشغفٍ وتماه وأيّدنا جميعاً شهوة النهوض للشعب السوري على أمل أن تحرّكه العقول النيّرة لا العجول المُستطيرة، وكنّا مع مطالب الشعب بالإصلاح ورفعنا اللافتات أمام مرايانا مع من رفعوها في الميدان، وتوسّمنا خيراً في تجاوب الدولة لحركات الإصلاح وتعديل الدستور، وزيادة الرواتب وإتاحة فرص العمل وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتغيير الحكومة وتبديل مجلس الشعب، وكانت عجلة التغيير تتسارع لاستدراك المشاكل المستعصية، وبدأت عملية مكافحة الفساد المستشرية في مفاصل الدولة ودوائرها ومؤسساتها التي يشتكي منها المسؤول قبل المواطن، إلا أنّ الشعب الذي خاض تجربة المظاهرات السيّارة للمرة الأولى في سوريا، ونجح في تكريسها وتلمّس تجاوب القيادة على أثرها، استبدّ بمحركيه الغرور وبدا كأنّهم على تسابق مع حركة الإصلاح فما إن تُنجز الدولة مطلباً حتى تُشرع المعارضة في تمرير آخر، إلى أن ضربتها النشوة صفعة واحدة وألهمتها شعار الإسقاط وبدأت بموال التنحّي غير مدركة أبعاد هذه القفزات البهلوانية لدولة ضاربة في الأعماق لأكثر من أربعة عقود متتالية محكمة ومحكومة بتراتبيّات عقائدية ونظامية وأسس متينة ومتغلغلة في صميم التركيب والترتيب للمجتمع السوري، ربّما حرمت الشعب السوري الكثير من حقوقه في الرخاء والرفاهية، وربّما أثقلت عليه بالكثير من الواجبات والالتزامات والمحاذير والمخاوف، إلا أنها والحقّ يُقال منحته أهمّ سُبل العيش الهانئ حين تمتّع بكامل الأمن والأمان الذي تفتقد إليه أكثر المجتمعات الأمريكية تطوّراً، ولعلّ افتقاد الأمن في سوريا هو الضربة القاضية التي أطاحت بجميع الطموحات وقضت على مفهوم الحرية، هذا الشعار الأجوف الذي رفعته المعارضة في وجه النظام، ولم تنجح بأدواتها المحلية أو المُستوردة في تكريس شيء على أرض الواقع سوى الفوضى العمياء والغوغائية المُطلقة والدمار المريع، وأظنّ القارئ هنا بغنى عن التفصيل، فكل لاجئ هو وزارة إعلام متنقّلة قادرة على تصوير الحدث وتجسيد المأساة وتلخيص المشهد، ولا أخفي أنني كنت ممن يتهكّمون لدرجة السخرية على الإعلام السوري الذي يتحدّث مراراً وتكراراً عن نسبة تأييد الشعب لـ’رئيسه’، وكنت كغيري أسارع للقنوات البديلة لأقف على نسب أدقّ في رفض الشعب السوري لـ’رئيسه ‘، إلى أن اضّطرتني الظروف وبعد 4 سنوات من الغياب عن دمشق العودة إليها، وأشهد أن تلك العودة لم تكن أقلّ من تفكير مبرم بعملية انتحار ذاتية غير قابلة للنقاش، لكثرة ما كنت وغيري نسمع عن الجحيم المفتوح داخل دمشق وحولها، وبين ليلة وضحاها غادرت الأراضي اللبنانية وبدأت المسافة بالعدّ العكسي أقيسها بمنسوب دموعي المنهمرة بغزارة لم يسبق لها مثيل وكأنها حسمت أمرها بنيّة ريّ المسافة الشاسعة الخاوية البور علّها تُثمر شوادر ومخيّمات إيواء تستوقف المتوجهين إلى الأراضي اللبنانية وتستبقيهم هناك داخل أراضيهم بعزّة وكرامة واكتفاء.

وصلتُ دمشق بعد عناء الحواجز العديدة جدّاً التي لم نعهدها من قبل، كان الحديث مع السائق استطلاعي بامتياز طال النسوة اللواتي شاركنني الرحلة إلى دمشق، اجتهدتُ في حيادي وتحيّزي لزحزحة نواياهم بظلم النظام لسوريا عموماً ودمشق وأطرافها خصوصاً، فوجئت بالزوابع البشرية التي تلعن وتشتم وتسبّ الساعة التي عرفوا فيها ما يُسمّى بالجيش الحرّ وبالفصائل الأخرى وترحمّوا على ايام الأمن والأمان واليسر والوفرة بشهوة منقطعة النظير، علماً بأن معظم الموجودين هم ممن قُصِفت بيوتهم وتشرّدوا داخل القطر إلى مناطق مغايرة.

طبيعة الحديث وأولياته غرست في ذهني شهوة التقصّي عن الحقيقة، وهكذا مضيت منذ اللحظة الأولى لم أترك شخصاً أو امرأة أو طفلة خلال إقامة قرابة الشهرين، طبعاً لم يكن معظمها إرضاءً لمزاجي بل نزولاً عند رغبة فرع ‘فلسطين’ بمراجعة ملفي عند كل زيارة للحصول على إذن بالمغادرة، وهذا الإذن يحتاج لوقت حتى يتمّ تحريره من الجهات الرسمية، ولا بدّ من الإشارة هنا الى أنّ المراجعة هي من باب التكدير وليس التقدير، وقد تنبهوا إلى أنني شاعرة مهمّة ولكن من طراز محظور التداول، إذاً الفترة الطويلة التي قضيتها في دمشق كانت كفيلة باستنباط بيئات مختلفة لشرائح اجتماعية متنوّعة ومتفاوتة ومتناقضة أيضاً، لم أترك قاصيا أو دانيا إلا حاورته مطوّلاً، ودمشق لا تعجّ بأهلها إلا القليل منهم، بل تعجّ بأهل المُدن المنكوبة، لم يعد الصمت سيّد الحضور كما في السابق، بل أصبح الجميع يتحدّثون في شأن البلد وفي الراهن المأزوم وفي التحديات السياسية بصوت مرتفع لا يكترث للومة لائم، وأقسم ولستُ أدين بقسمي هذا لأحد، أنني لم أصدف أحداً يرغب بإزاحة النظام سوى خمس نساء فقط صادفتهنّ في أكثر من مناسبة كنّ يتحدّثن بلسان المعارضة بلغة متهوّرة تتوعّد بالأمن والاستقرار وترغب في ما ترغب بالقتل والتدمير، وتعد في ما تعد بتحويل دمشق لإمارة سلفية، كواحدة من إمارات موزعة بالتقسيم على الشمال والشرق والغرب والجنوب السوري، أذهلني هذا الطرح الرديء، ومقتُّ هذا التفكير الساذج، ورفضّت هذا المنطق الأعور الذي لا يكترث بحضارة موغلة بالتاريخ، بل يطمح الى إمارة موغلة في الجهل والتخلّف. لا أنفي أنّ التناقض المريع أصابني بـ’الحول ‘ وضعف التركيز، ولا شعورياً بدأتُ أفتح مسامعي إلى خطاب متحيّز للوطن، لكرامته، لعزّته، لشموخه، لرفعته، لنهضته، لعليائه، لاستقلاله، لاستقراره، لأمنه، لأمانه، لاستعادة ابنائه، لرجوع أهله، وكان اللقاء مع المجتمع الأهلي الذي ينشط للمرّة الأولى في دمشق، متمثلاً في أربعين امرأة وربّما أكثر، من نساء ‘سوريا الخير’ سيدات يتمتّعن بإمكانات جيدة ونوايا وفيرة لتأهيل جميع الكوادر لاستيعاب ما يُمكن استيعابه، بتوزيع المعونات من جيوبهن الخاصّة، إيماناً منهنّ بشرعية المواطنة للجميع، من دون تفريق أو استثناء، وبأحقيّة جميع المتضررين بالاحتفاظ بكرامتهم بعيداً عن التشرّد والعوز، رافضات المساعدات الخارجية المشروطة بالتشهير الإعلامي وإذلال المستفيدين منها، ومعتمدات بالكامل على إمكاناتهن ومجوهراتهن ومدّخراتهن الشخصية وصديقاتهنّ الميسورات، وقد انطلقن بأربع نساء رائدات لهذا التجمّع، واعتذر مسبقاً لضعف الذاكرة في قصقصة الأسماء وهنّ، أم سبأ وجانيت قازان والدكتورة منال والصديقة العزيزة مريم الصفدي، التي أتاحت لي الاطلاع عن كثب لصولاتهن الميدانية الإنسانية الفائقة وجولاتهن التي لم يسبق للمجتمع الأهلي أن عرفها سابقاً، والأمر الذي جعلني أنحني إكباراً لهذا التجمّع النسوي الحقيقي عندما عرضت السيدة الأولى أسماء الأسد تقديم الدعم المادي والمعنوي لهنّ، فما كان منهنّ إلا أن رفضن المساندة حتى لا يُقال انّ هذا التجمّع الأهلي لديه أطماع ومطامح، ككثير من الجمعيات الأهلية المعروفة.. التي تبدأ بالشعار الطوباوي وتستمرّ بجميع الدناءات الممكنة، صعدتُ قاسيون معهنّ حين وقفن دروعاً بشرية ضدّ الضربة الأمريكية، كنت أشاهد منزلي عند التقاء الأضواء البرّاقة في ساحة ‘الجسر الأبيض’ التي لم تفقد أنوارها الساطعة، كما جميع مناطق دمشق، رغم الأزمة الكارثية التي تعتريها، عرفتُ معنى الانتماء وأنا أشاركهنّ التمرّد على الضربة الأمريكية التي أرادها الأوباش الذين فرّوا بأجسادهم الجبانة تاركين الرغبة بالضربة الأمريكية لمدينة تعجّ بالأرواح والأجساد والأطفال والنساء والشيوخ والشباب، بقيت ليلة كاملة هناك أرتعد من البرد ومن حماقة هؤلاء الذين هانت عليهم دمشق وأرادوا لها القصف، ومعظم السكان غير مكترثين للهمجية الدولية صامدين في بيوتهم مع الهيبة والشرعية، بكيتُ خجلاً من دمشق ومن أهلها الصامدين ومن نفسي التي غرر بها الأنذال حين تذرّعوا بوعود مبهمة لم يرتقوا لمعرفتها هم أنفسهم. وفي ضحى اليوم الثاني كان لي موضوعي الذي شقّ أوار الصمت المستبدّ بي، سألتهم عن حال الذين شهدتهم في بيروت حيث وجّهت وجهي على الأرصفة والطرقات والممرات العشبيّة، سألتني أم سبأ بحماسة مماثلة: ما رأيك غادا أن تعملي على إقناع اللاجئين بالعودة إلى دمشق، ونحن هنا بدورنا نعد باستيعابهم وإيوائهم وإكسائهم وإطعامهم والأهم الحفاظ على أحقّيتهم في التعليم. ومن هنا أسأل: هل يملك اللاجئ نيّة العودة، هل تعزّ عليه كرامته وهو على أعتاب المفوضية، هل يعنيه ما يسبّبه من ضيق وضغط وحساسية للمواطن اللبناني، خاصّة بعدما تحوّلت الشوارع العامة إلى منصّات مفتوحة على التسوّل بجميع الأوقات المتاحة وغير المتاحة، هل يعنيه هذا النداء ليس بضرورة العودة إلى بلده الأوْلى ببؤسه، بل بوجوب عودته لمعالجة بؤسه وترميم وطنه بلهفته وتعبه، هل يرتضي أنه مجرّد رقم زائد على لوائح تفريغ الوطن خارج وطنه للحصول على الرقم الصعب لانهيار وطنه بالكامل على يد ثلّة من المُدّعين واللصوص، لصوص الكرامة التي سرقوها منه، ولن يعيدونها له حتى لو تشكّى عليهم في لاهاي شخصيّاً.

بعد هذا الاسترسال الكثيف لا يعني أنني أمنح كامل ثقتي للدولة ومسؤوليها، بل أحتفظ بأحقّيتي بالمطالبة بالإصلاح أولاً وتالياً وأخيراً، وبأحقيّتي بمحاربة الفساد، وبأحقّيتي بمساءلة وإدانة ومحاكمة المجرمين الذين تورطوا بالدم السوري مهما بلغت مكانتهم أو مناصبهم، وبأحقّيتي بالحلم بمواطنيّة حرّة لدولة متطوّرة وحكم عادل منطقي موضوعي شريف قائم على المساواة بين جميع أبناء الوطن، وبأحقّيتي بالسعي للمصالحة الوطنية بعد الحوار السياسي الذي لا بدّ منه ولا بديل عنه.

‘ كاتبة واديبة سورية

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى