صفحات العالم

الأسد المتأهب!


طارق الحميد

العنوان أعلاه هو اسم المناورة العسكرية المشتركة التي أعلن أنها ستتم بالأردن في شهر مايو (أيار) القادم، بمشاركة أميركا وسبع عشرة دولة «عربية وصديقة»، بحسب تصريح رئيس هيئة الأركان الأردنية، وهو التمرين الذي ستستخدم فيه كل صنوف الأسلحة البرية، والجوية، والبحرية، فمن الذي سيستهدفه ذاك «الأسد المتأهب»؟

سؤال مستحق، خصوصا أن سوريا ملتهبة بنيران «الأسد المتوحش»، وقد يقول إن هذه المناورات ليست الأولى، والاسم ليس بجديد، حيث كانت هناك مناورة «الأسد المتأهب 2011». لكن المعلومات تقول أيضا إن مناورات «الأسد المتأهب 2011» تمت في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، والثورة السورية اندلعت بشهر مارس (آذار) من ذاك العام، مما يعني أن المناورات جاءت بعد الثورة لا قبلها. واللافت أن تلك المناورة كانت عبارة عن تمارين أردنية – أميركية فقط، بينما مناورات «الأسد المتأهب 2012» تتم بمشاركة 17 دولة «عربية وصديقة». ولا أعتقد أن الهدف من المناورات هو التعامل مع إيران، فالدول العربية لن تشارك في ضرب إيران جنبا إلى جنب مع إسرائيل، وإن كان بعضها يتمنى أن تضرب إيران بلا شك، فإيران هي عدوة دول الخليج الحقيقية، وهذا ما تجاهر به طهران أفعالا وأقوالا. وسبق أن سألت مسؤولا خليجيا رفيعا عما إذا كانت دول الخليج تقدر عواقب ضربة عسكرية على إيران، فجاءت إجابته مباشرة: «عواقب ضرب إيران عسكريا ستكون أقل من عواقب إيران نووية على دول الخليج».

وعليه؛ فإن دول الخليج ستكون سعيدة بتقليم أظافر طهران، لكنها لن تشارك في ذلك، فموقف الخليجيين سيكون: «لم آمر بها، ولم تسؤني»، ولذا فمن الأرجح أن يكون «الأسد المتأهب» مستهدفا لـ«الأسد المتوحش» في دمشق، وليس بالضرورة من أجل التدخل العسكري، وهو غير مستبعد، وإنما من باب نصيحة الرئيس الأميركي الأسبق روزفلت الشهيرة التي تقول: «تحدث بهدوء، واحمل عصا». وعندما نقول إن التدخل الخارجي ليس مستبعدا فلأسباب بسيطة ومنها تعالي الأصوات في أميركا، مثلا، ليس من أجل تسليح المعارضة، وإنما لتسديد ضربات جوية أميركية على قوات الطاغية الأسد، الذي يرتكب جرائم حقيقية بحق الإنسانية، ولا يمكن التساهل معها، بأي شكل من الأشكال.

ومن هنا فيبدو أن مناورة «الأسد المتأهب» هي رسالة لـ«الأسد المتوحش» في سوريا، بل وهكذا يجب أن تكون، فهذه هي اللغة التي يفهمها طاغية دمشق المدعوم من إيران وعملائها، بالعتاد والمال، من أجل قتل السوريين، ويكفي هنا تأمل تصريح لـ«زعيم شيعي يرتبط بصلات قوية مع دمشق» في لبنان، بحسب «رويترز»، يقول فيه إنه: «لا سوريا بعد الأسد»، بلغة تهديدية واضحة!

وعليه؛ وما دام أن ما يحدث في سوريا يقول إننا نعيش بقوانين الغاب، فأهلا بـ«الأسد المتأهب» إذا كان ينوي القضاء على «الأسد المتوحش»!

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى