صفحات الناس

الأسد.. ‘عكيد’ باب الحارة 7/ فادي الداهوك

 

كثيرون هم الذين وجدوا في ما تشهده المنطقة، وسوريا على وجه الخصوص، فرصة لتحقيق أحلامهم. قد يكون أحدثهم في تحقيق ذلك، وإن كان بشكل مؤقت ربما، هو أبو بكر البغدادي. إلا أن الأسد أقوى بكثير منه، فهو يحقق حلماً قديماً، حلم الأبد، الذي كان الأسد الأب يسعى إليه قبل أن يولد البغدادي.

إطلالة البغدادي وتنصيبه خليفة للمسلمين، كانت حتى وقت قريب، الصورة الأبرز من مشاهد تولي السلطة في المنطقة، لكن الحفل الباذخ الذي أطل فيه الأسد، كان أغنى مما حاول البغدادي إيصاله من رسائل.

افتتح بشار الأسد خطابه بالحديث عن الثورة كـ”عدوان”، وبدت، الثورة، وكأنها تحاصره حتى في تلك القاعة التي ألقى فيها خطبة الأربعاء، فسرق شعاراتها. ذلك ساعده على إحضار أعضاء مجلس الشعب واحداً واحداً إلى قصر الشعب، مفتتحاً ولايته الجديدة بأول انتهاك دستوري، تمثّل بأدائه القسم خارج البرلمان، إذ تقول المادة 90 من الدستور السوري: ” يؤدي رئيس الجمهورية امام مجلس الشعب قبل ان يباشر مهام منصبه القسم الدستوري الوارد في المادة السابعة من الدستور”.

أراد الأسد إظهار “الوجه المسالم” أو “المدني” لنظامه. فكان في مقدمة الحضور، أمام المنصة، شبان وطلبة، ووجوه مألوفة تمثّلت في عدد كبير من الممثلين السوريين. فحضر أبو عصام، عباس النوري، العائد إلى الدراما السورية من باب الحارة، وأيمن زيدان، الذي ينافس النوري على منصب “عكيد” الحارة في الجزء السادس من المسلسل. ورمى برجال الدين ونسائه، في زاوية متطرفة من يمين القاعة. جَمَعهُم: سنة، وشيعة، وإسماعيليون، وعلويون، ودروز، وقبيسيات، وغابت راهبات معلولا “المحررات”. لكن الكل هتف بالفداء، بالروح والدم له، ومن كانوا يقاطعونه في مجلس الشعب ليلقوا أبيات الشعر فيه، فعلوا ذلك في القصر، لكن الكاميرا تمنّعت عن تصويرهم.

أراد الأسد النيل من السعودية بصورة ملفتة. ربما أراد استكمال ما بدأه نجدت أنزور في فيلم ملك الرمال، الذي “يفضح سيرة مؤسس المملكة” بدءاً من الفترة التي كان فيها ملكاً على الحجاز، فدخل في مشهد درامي، مستعرضاً حرس الشرف على مقام الحجاز، الذي يبدو أنه اقتراحٌ من طاهر مامللي، صانع معظم شارات المسلسلات السورية، ثم فتح جنديان من المراسم باب القصر أمام الأسد، في تقليد روسي قيصري، لكن المشهد ظهر مشابهاً للباب الذي يفتح في مسلسل باب الحارة، إذ أن القيصر في روسيا لا يدخل على موسيقى تصويرية فيها كمنجات وتشيلو، ما يشي بأن الحفل كان له مخرج، عزّام فوق العادة، أو بسام الملا، والمخرجان على أي حال منذ 6 سنوات تعهّدا باب الحارة، وهزما الانتداب الفرنسي، وعلم الاستقلال في حارة الضبع.

أراد الحديث عن فلسطين، فغرق في الحديث عن السعودية مجدداً. أعاب على “آل سعود” أنهم قالوا عن حزب الله في العام 2006 “أن هؤلاء المقاومين متهورين”. ثم عاد مرة أخرى إلى فلسطين، إلى غزة. فقال عن مقاومي “حماس” بدون أن يسمي الحركة بشكل صريح لأنهم “ناكرو جميل”، إنه يجب “التمييز بين المقاومين الحقيقيين، والهواة الذين يلبسون قناع المقاومة لتحسين صورتهم”.

ولم ينسَ شكر منافسيه في الانتخابات الرئاسية. ماهر حجار، وحسان النوري. وقال ” أوجه التحية للدكتور حسان النوري والسيد ماهر الحجار لأن خوضهما الانتخابات بتلك الظروف كان تحدياً”. وهنا لم يستطع إخفاء ابتسامته.

داخلياً، حضر رئيس مجلس الوزراء الأسبق، أحد صقور الفساد الذين عاقبهم الأسد نفسه في النصف الأول من العام 2011. لكن ذلك الصقر- محمد ناجي عطري- ظهر بكامل لياقته محافظاً على كِرشه وغمّازات خدّيه. لم يكن معاقباً.

أما الأبعد من ذلك، كان حضور مدير إدارة المخابرات العامة، اللواء علي مملوك، بعد إشاعات قوية تحدّثت عن عزله، إثر حدث أمني كبير، لم تتكشّف تفاصيله بعد، حصل قبل أسبوع قرب وزارة الدفاع، وفي محيط القصر الجمهوري. والرسالة من حضور اللواء مزدوجة، إذ يعتبر البعض أنها لنفي نبأ عزله. لكن البعض الآخر يقول غير ذلك، فالقادة الأمنيون لا يحضرون هكذا مناسبات في سوريا، ويرجحّ أنه سيكون في موقع مرموق قريباً، إلى جانب الأسد، ولاسيّما أن نائب الرئيس، فاروق الشرع كان مغّيباً.

المدن

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى