صفحات الناس

الأطفال المهاجرون ورحلة ضياع الحقوق والاستغلال الجنسي/ وجدان الربيعي

 

 

 

لماذا يصر المواطن العربي على الهجرة؟ هل ضاقت به بلاده إلى درجة المخاطرة بحياته وحياة أولاده؟

لماذا يرمي الآباء أطفالهم في عرض البحر، هل اعتقادا منهم بأن حياتهم سوف تكون أفضل أو لأنهم يخططون للحاق بهم؟

كيف تتعامل دول الاتحاد الأوروبي مع هذا الملف الشائك؟ وما دور المؤسسات العربية والإسلامية في أوروبا في المساعدة على إيجاد حلول من أجل حماية الأطفال المهاجرين الذين تعرضوا

ويتعرضون لأبشع أنواع الاستغلال في مراكز الإيواء وغيرها؟

محمد كزبر نائب رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا قال لـ«القدس العربي» أن الحكومة البريطانية طلبت من بعض المؤسسات الإسلامية ان تبحث عن عوائل مسلمة تتبنى بعض الأطفال اللاجئين الذين وصلوا بدون عوائلهم إلى الأراضي البريطانية، مؤكدا ان هناك عددا من الأسر استجابت لذلك وتبنت عددا من الأطفال وأن السلطات البريطانية المختصة في قضايا اللجوء تدرس إمكانية حماية الأطفال المهاجرين إليها من العراق وسوريا ومناطق أخرى بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني.

مخيمات اللجوء في اليونان وبلغاريا وإيطاليا غير آمنة

وتقول الصحافية والباحثة سلوى عمور التي قامت بإعداد فيلم وثائقي جديد بعنوان «الأطفال المنسيون» والذي بث قبل أيام على قناة «اي تي في» البريطانية، حيث زارت مخيمات اللاجئين في كل من اليونان وايطاليا وبلغاريا لـ«القدس العربي»: كان الهدف من الزيارة هو الكشف عن الحقيقة والإنتهاكات التي تمارس بحق اللاجئين الأطفال الذين عبروا الحدود بحثا عن الأمان ليجدوا أنفسهم فريسة لمافيات المتاجرة بالبشر والاستغلال الجنسي حتى داخل مخيمات اللجوء، حيث لا يشعر فيها الأطفال بالأمان خاصة بعد إختفاء مئات الأطفال منها».

«قمنا وفريق العمل بالدخول إلى بعض المخيمات التي من الصعب دخولها حيث تمنع المنظمات الإنسانية ذلك بمن فيهم الصحافيون يمنعون، لكن استطعنا التسلل وكان هناك ترحيب كبير من قبل اللاجئين الذين أرادوا أن ننقل أوضاعهم الصعبة إلى العالم، للأسف وضع الأطفال مقلق وحقوقهم ضائعة. قمنا بالتصوير بحذر تجنبا لمعرفة السلطات بوجودنا، كان العمل جادا ومتعبا ولم يكن الوصول إلى المخيمات بالأمر السهل. الانتهاكات كبيرة بحق الأطفال الأيتام تحديدا الذين فقدوا أهلهم إما في الحرب وأما غرقا عند الهروب بحرا أو موتا من البرد القارس».

وتضيف: «قصص الأطفال تقشعر لها الأبدان. صدمتني قصة محمد ونغم اللذان هربا من حلب في سوريا، قتلت والدتهما أمام أعينهما وخطف الوالد من قبل جماعات مسلحة ومن ثم قتل، قالت لي نغم 13 ربيعا وهي الأخت الكبرى لمحمد -التحقنا في مخيم اللجوء لكننا لم نشعر أبدا بالأمان لذلك حاولنا الهرب فاعترضتنا الشرطة اليونانية وحاولت منعنا وضربت أخي الصغير البالغ من العمر 12 سنة بالعصي لكن في النهاية هربنا من المخيم التعيس وذهبا للعيش في محطة للوقود كانت مهجورة حيث أقمنا في خيمة صغيرة وكنا نقطع يوميا مسافات طويلة مشيا على الأقدام لنحصل على الطعام من المخيم. الطعام كان قديما وأحيانا غير صالح للأكل. أنا لا أنام من البرد والخوف ودائما أذكر الحرب والقتل، أمنيتي أن أخرج من هنا أنا وأخي وأشعر بالأمان منذ 5 سنوات لم نتعلم في مدرسة، نشعر بأننا غرباء والجميع ضدنا».

وتذكر سلوى أن أكثر من 200 طفل اختفوا من داخل مخيم للاجئين في بلغاريا حيث تم خطفهم، عاد عدد قليل منهم بعد المساومة على دفع فدية للمافيات أما الباقي فإلى هذه اللحظة لم يعرف مصيرهم وتتراوح أعمارهم بين 3 و15 سنة.

وتشير أن الأطفال الذين التقت بهم من اللاجئين هم من الأكراد العراقيين ومن السوريين وبعض الأفغان وأنهم أشتكوا لها من سوء الأطعمة التي تقدم لهم وأنهم أصبحوا لا يأكلونها لأنها غير صالحة للاستعمال الآدمي حيث تسجل يوميا حالات تسمم.

وتقول: «لم نستطع ذكر كل شيء في الفيلم الوثائقي وهناك تجاوزات خطيرة لا يمكن السكوت عنها، لكن خلاصة القول أن الأطفال لا يشعرون بالأمان على الرغم من تطمينات السلطات، الأطفال هناك بحاجة إلى علاج نفسي طويل الأمد فهم محرومون من التعليم ويعانون من الإستغلال الجنسي والتهديد بالخطف وبعض الأطفال القصر يتم اعتقالهم في سجون للكبار في مناطق نائية وبعيدة عن كل شيء والمافيات تستغل قضية اللاجئين للمتاجرة بهم وابتزازهم وبيعهم أو سرقة أعضائهم. كل هذا يجري في دول أوروبية تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان اختارها هؤلاء الأطفال لتكون ملاذهم الآمن لكنهم قالوا لي:(نحن لا نريد البقاء هنا أرجوك ساعدينا نريد ان نعود إلى بلادنا، نحن هنا لا نشعر بالأمان)».

وعن مدى نية بريطانيا رغبتها في إستقبال 3000 طفل سوري يتيم حاورت «القدس العربي» السيد أنس طعمة مدير»مؤسسة الرعاية الإنسانية» في بريطانيا وهي مؤسسة تعنى بشؤون السوريين في سوريا ودول الجوار واللجوء وقال: «هناك اجتماعات مستمرة بين الحكومة البريطانية والجمعيات الإنسانية التي تهتم بموضوع اللاجئين حول رعاية الأطفال السوريين وحمايتهم، هناك معلومات جديدة تفيد بموافقة بريطانيا على استقبال 3000 طفل سوري من الدول الأوروبية الفقيرة أو من تركيا التي لا تستطيع تقديم الرعاية لهم والمسألة في مرحلة الدراسة الآن».

«كمؤسسات إنسانية كانت الحكومة البريطانية تطلب فهم الطبيعة السورية وكيفية التعامل مع اللاجئين الجدد، وهي أيضا أعطت مناقصات لمؤسسات قادرة على إدارة ملف اللاجئين السوريين. وتقدم الحكومة للبلديات المحلية التي تقبل باستقبال اللاجئين جزءا من مشروع لإدارة هذا الملف حسب العدد الممكن استيعابه، كان سؤالهم مالذي يمكن ان تقدمه المؤسسات السورية الإنسانية وغير السورية في بريطانيا لهؤلاء خارج التعهد الحكومي؟».

وأضاف طعمة: «نحن اجتمعنا مع وزير شؤون اللاجئين السوريين في الحكومة السابقة وعرضنا وقتها خبرتنا في التعامل مع موضوع الدعم النفسي للأطفال ونفهم الطبيعة السورية واللغة والسياق الثقافي واقترحنا مشروع الخط الساخن للاجئين في بريطانيا وتم النقاش حول رعاية الأيتام والشروط التي يجب ان تتوفر لرعايتهم».

وعن الشروط التي يجب توفرها لتبني أو رعاية الأطفال الأيتام من اللاجئين الجدد قال: «سيكون التعامل مع هؤلاء الأطفال تحت برنامج الرعاية، وهناك جهة حكومية تحاول تقييم العائلات المناسبة لاستقبال الأطفال».

موضحا ان هناك عائلات لم يرزقوا بأطفال فالأولوية لهؤلاء وهناك أسباب عديدة تجعل العوائل تتبنى الأطفال اللاجئين والكثير من المعطيات التي تجعل الأسر تساهم في رعاية هؤلاء بما ذلك الجانب التعاطفي والإنساني في الموضوع. وتابع يقول: « للرعاية شروط منها ان تكون العائلة قادرة ان توفر غرفة خاصة للطفل وعلى الاهتمام به وتربيته وحمايته والحكومة تدفع لهذه الأسر التي ترعى الأطفال تكلفة الحليب والطعام وأمور أخرى»..

وهو يحذر من قلق الجمعيات الإنسانية بما يتعلق بالطفل القادم من بيئة شرق أوسطية مختلفة كل الاختلاف عن البيئة الجديدة خاصة اختلاف اللغة والطقوس الدينية والاختلاف الثقافي بالإضافة إلى التخوف من إهمال الأطفال وعدم رعايتهم بالطريقة المناسبة عند وصولهم إلى الأراضي البريطانية خاصة وأنهم يحتاجون إلى دعم نفسي كبير. داعيا العرب والمسلمين القادرين حيث ينتمون إلى الخلفية نفسها ان يسجلوا في هذا البرنامج بحيث يشعر الطفل بأنه في بيئة أقرب للبيئة التي نشأ فيها ولا يشعر بالغربة.

منوها أن العائلة التي تقدم على هذا البرنامج لا تستطيع ان تختار الطفل أو جنسيته أو لونه أو عرقه فهذه أمور تقررها الجهات المختصة وهي واحدة من الاشكاليات.

اللجوء ولم الشمل

ويعتقد د.سمير القريوتي الصحافي والمحلل السياسي المقيم في ايطاليا، أن تشجيع الأهل أطفالهم على الهجرة بمفردهم يعرضهم لخطر الهجرة غير الشرعية، ويقول «شاهدت العديد من الأطفال الذين يخضعون لعملية إبتزاز دائمة. الأطفال المهاجرون هنا ليسوا فقط من العرب وأنما إيضا من الأفارقة. صغار في العمر يوزعون على مراكز البلد للتسول أو لحماية السيارات في مرائب غير قانونية أو يعيشون حياة لا تناسب عمرهم. انهم أحداث قاصرون لكنهم يعيشون كما يكافح أي شخص على سفح جبل ويقطع الصخور، انهم بدون حقوق ومعظمهم بدون إقامات رسمية لذا رعايتهم صعبة حتى على الدولة التي تستضيفهم».

ويضيف: «رغم وجود قوانين لحماية الطفولة في أوروبا، إلا أن هناك أيضا بعض الأعراف التي تمنع إعادة هؤلاء إلى بلدانهم، وهناك أسلوب وحيد وهو لم الشمل، وهذا يعني جذب عائلة الطفل إلى أوروبا للعيش معه، وقوات الأمن وبعض القضاة يرون ان عملية إرسال هؤلاء الأطفال هي مقدمة لجلب العائلة».

ظهرت مشكلة الأطفال اللاجئين بمفردهم كواحدة من أكبر قضايا الضغط في أزمة اللاجئين وهذه بعض المعلومات الصادرة عن أوضاعهم:

بريطانيا: اختفى المئات من الأطفال اللاجئين الذين وصلوا إلى الأراضي البريطانية بدون مرافقة شخص بالغ، وفق ما أفادت صحيفة «إندبندنت» نقلا عن معلومات وزارة الداخلية. وذكرت الصحيفة أن السلطات لا تعرف مكان وجود ما مجموعه 360 طفلا لاجئا، ونوهت بأنه لا يوجد اتصال مع أكثر من 200 من الأطفال اللاجئين منذ أكثر من عامين.

وأعربت الداخلية البريطانية عن مخاوفها من أن يكون هؤلاء القاصرين قد وقعوا ضحايا لتجار الرقيق أو يتعرضون للعنف، وقد يكون من بين أسباب اختفاء الأطفال المذكورين إصابتهم بهزات وصدمات نفسية وفقدانهم للثقة في السلطات، وكذلك الخوف من الترحيل.

تجدر الإشارة إلى أن عدد الأطفال الذين تسللوا إلى بريطانيا على مدى السنوات الخمس الماضية بدون الآباء أو الأوصياء، بلغ 9287. وتم وضع معظمهم في دور الأيتام أو مع عائلات لتقوم بتربيتهم.

ودعت مفوضة في حقوق الأطفال في المملكة المتحدة آن ونغفيلد الحكومة لأن تباشر على الفور في البحث عن الأطفال المفقودين، وقد أعلنت بريطانيا مؤخرا عن أنها ستقبل المزيد من الأطفال.

ألمانيا: هذه ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن اختفاء أطفال لاجئين، فقد كشفت بيانات المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة في ألمانيا، أن حوالي 9 آلاف من الأطفال اللاجئين القادمين إلى ألمانيا من افريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى، اختفوا دون أثر منذ بداية العام. وذكرت صحيفة «نوين أوسنابريكه تسايتونغ» نقلا عن المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة أن عدد الأطفال واليافعين اللاجئين المفقودين وصل إلى 8991 من القاصرين بدون عائل منذ بداية العام إلى تموز/يوليو الماضي، في الوقت الذي لم يتجاوز فيه هذا الرقم 4749 بداية العام. وأضافت وسائل الإعلام، أن الآلاف من الأطفال القصر، الذين هم دون سن الـ 14 سنة قدموا إلى ألمانيا بقصد اللجوء والإقامة، ولم يكونوا مصحوبين بذويهم أو خاضعين لإشراف شخص بالغ.

اليونان: كما تحدثت وسائل إعلام أجنبية الشهر الماضي، عن تعرض أطفال لم يتجاوزوا الـ7 سنوات إلى اعتداءات جنسية داخل مراكز اللجوء في اليونان، لتعود مسألة حمايتهم إلى الواجهة من جديد.

تركيا: وقد كشفت وسائل إعلام تركية في أيار/مايو الماضي، فضيحة مدوية بخصوص تعرض أطفال لاجئين لاعتداءات جنسية، وطالبت المعارضة التركية بفتح تحقيق قضائي آنذاك.

وكالة الشرطة الأوروبية: وفي تصريحات صحافية قال رئيس وكالة الشرطة الأوروبية برايان دونالد: إن هناك خمسة آلاف طفل مفقودين في إيطاليا وحدها، وألفا آخرين في السويد، محذرا من أن البنية التحتية الإجرامية الأوروبية بدأت تستهدف اللاجئين الآن.

وأضاف «ليس مستبعدا أننا نبحث عن أكثر من 10 آلاف طفل وليسوا جميعهم مستغلين إجراميا، بل يمكن أن يكون بعضهم لدى أقربائه، لكننا فقط لا نعلم أين هم، وما الذي يفعلونه، ومع من». وتابع: «سواء كانوا مسجلين أم لا، فنحن نتحدث عن 270 ألف طفل، معظمهم بلا مرافق».

وأكد أنه تلقى أدلة على استغلال جنسي لهؤلاء الأطفال، ففي ألمانيا الوجهة المفضلة للاجئين وفي المجر مدخلهم إلى أوروبا، وجدت أعداد كبيرة من المهاجرين. محذرا من وجود بنية إجرامية كاملة تطورت خلال الشهور الماضية حول استهداف اللاجئين وهناك سجون اعتقلت فيها أغلبية من المرتبطين بجرائم حول أزمة المهاجرين.

وتفيد معطيات الشرطة الأوروبية بأن 10 آلاف طفل لاجئ اختفوا في أوروبا بدون أثر بما في ذلك 5 آلاف قاصر اختفوا في إيطاليا وألف طفل في السويد، ووثقت وكالة الشرطة كذلك تقاطعا بين العصابات المنظمة للتهريب وعصابات تجارة البشر التي تستخدمهم للجنس والعمالة.

منظـمة إنــقــاذ الطفولة: وقدرت منظمة «إنقاذ الطــفـــولة» الدولـــيـــة، عدد الأطفال الذين دخلوا أوروبا دون مرافقين بـ 26 ألف طفل، بينما قدرت الشرطة الأوروبية (اليوروبول) التي تملك 900 محلل وضابط استخباري، أن 27 في المئة من المليون لاجئ في أوروبا العام الماضي كانوا أحداثا.

السويد: وفي تشرين الأول/أكتوبر كشف المسؤولون في مدينة تريلبورغ، جنوب السويد، عن فقدان 1000 طفل نبهت السويد، في تقرير منفصل إلى أن العديد من اللاجئين الذين قدموا من غير مرافق اختفوا، وهناك القليل من المعلومات حولهم.

منظمة الأمن والتعاون في أوروبا: قالت مريانا بيركت من «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا» إن الأحداث غير المرافقين في مناطق الصراع هم الأكثر هشاشة وأولئك الذين أرسلوا بدون عائلاتهم ليجلبوهم لاحقا أو هربوا بدون عائلاتهم يجب حمايتهم.

القدس العربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى