صفحات الثقافة

الأيام وابتكاراتها/ ألبارو سوليس

 

 

“الكلمات، العيون التي ربَّما يجبُ علينا ألَّا نراها”.

(خوسيه كارلوس بيسيرّا)

صمت

الأيَّام، ألواحٌ صغيرةٌ على كتفٍ مهزوم/ المطر يتآكلُ في قطراته على نقطة إسمنتٍ واحدة/ كلماتٌ، واحدةٌ تلو أخرى، تعكِّر الهدوء للتّعب/ تنضجُ الكلمات بعيداً عن الشجرة/ في مكانٍ آخر، أجسادها تحمل المعنى/ ألواحٌ صغيرةٌ في يدٍ متعبةٍ، صامتة على آذان من يريد الاستماع.

*

كلماتٌ في عيون الأعمى الذي ما زال يرفع رأسه ليفكَّ شيفرة النجوم.

*

في ذاكرة الخطط والأيَّام، البحر الذي ما زال يغضب في الليل.

*

كلماتٌ مهمةٌ نهائية،

أضواء صغيرةٌ ترتجف من بعيد.

لأنها وحدها حين لا يراها أحد،

الكلماتُ تُرشد السفن حينما تهز العاصفة براعة الغرقى.

 

يوم أحد

الجذور العالية المنحنية تحتفي

برحيل الطرق المُذهلة،

بتدخل الأقبية والسفن.

وبالشاعر سانت جون بيرس

 

*

أريد بساطاً نفترشه في المساء

وأن أتذكَّر أنني خلعتُ العشبة السيئة بيديّ،

وأنا أُخرج من الشمس الجذور التي نبتت برضاها تحت الأرض.

*

خلعتُ العشبة من حقولٍ حصدها أبي بالليمون البرتقالي الأصفر.

وأتذكَّر

حينما أقام أبي حداداً للكماته على الجدار،

وحينما قرّر أنَّ الحقائب ليست مُهمّة في المكان الذي سيذهب إليه،

فضمّ يديه في جبص الجدار الذي ما زال يسند البيت،

والسقف الذي نزعته الرياح مرَة

كي تُرينا عين العاصفة،

كأنوار صغيرة تحاكي النجوم،

حينما يعلم جميعُنا أنّ الوداع كان صدعاً في الجدار.

*

 

صدعٌ لا بدّ من إخراجه للشمس، انتزاعه كعشبةٍ لا يرغبُ بها أحدٌ، ما زالت تنمو في بيّارات أبي،

في الحقول التي تُركت لمصيرها منذ زمن.

 

يومٌ من النزهات

اليوم متوّجٌ ببسلةٍ حلوة حامضة

وداعه الذي لا يذبل، تغيُّر مشهده،

نظرةُ أبي الساهرة التي تنعسُ تحت شجرة تمر هنديّ قديمة،

ضفّة نهرٍ لا أحد يذكر اسمه.

 

*

وهذه الصدوع التي تتوّج السماء،

تدور حول الليل،

غير منظورة في النهار.

 

*

أريد يوماً من النزهات،

أن أكمن تحت شجرة تمر هنديّ قديمة

أن أراقب أحفادي وهم يجرون حول الماء،

وأن أحلم بذلك البرتقال الحامض في مساءاتٍ لم يُقم أبي للكماته حداداً على الجدار.

 

*

العشبة تُجفّف الشمس أمام البرتقال الحامض،

الليمون الأصفر يدور ويدور في الهواء،

كتلك الأقمار الصناعية التي تدور وتدور في الهواء،

بحثاً عن أرض تدور وتدور لتعود دوماً وفجأةً

للمكان ذاته.

 

 

* ترجمة عن الإسبانية: غدير أبو سنينة وتُنشر بالتعاون مع “إلكترون حر”.

 

** Álvaro Solís شاعر مكسيكي من مواليد فيَّاإرموسا، 1974. نشر عدَّة دواوين، منها “الليل المظلم” و”الأيام وابتكاراتها” و”سجلُّ لا أحد”.

 

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى