صفحات العالم

الائتلاف في جحيمه!/ سميح صعب

 

 

منذ اللحظة التي بدأت فيها مقاتلات الائتلاف الدولي قصف مواقع تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) في سوريا، يمكن القول إن الائتلاف قد دخل في جحيم الحرب السورية. لا يعني هذا ان الكثير من الدول الاعضاء في الائتلاف لم تكن مشاركة باشكال مختلفة في هذه الحرب.

كانت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “سي آي إي” تقيم غرفة عمليات في تركيا والاردن لتدريب مقاتلين من المعارضة السورية تعتقد انهم معتدلون وان في امكانها الاعتماد عليهم لالحاق الهزيمة بالنظام السوري وان تتجنب التعاون مع المقاتلين الجهاديين الذين ينتمون الى تنظيم “القاعدة” بفرعيه “داعش” و”جبهة النصرة”. وفعلا زودت اميركا ما يعرف بحركة “حزم” و”جبهة ثوار سوريا” أسلحة متطورة مضادة للدبابات من طراز “تاو”. وأشاد مسؤولون اميركيون ببراعة المقاتلين السوريين في استخدام هذا النوع من الصواريخ في مواجهة الجيش السوري النظامي في شمال سوريا وجنوبها.

أما بعض الدول العربية الخليجية، فلا يخفى انها كانت تدعم فصائل سورية جهادية ولا سيما منها تلك المنضوية تحت لواء “الجبهة الاسلامية” وأبرز مكوناتها “جيش الاسلام” بزعامة زهران علوش. في حين انه يؤخذ على تركيا تعاونها حتى مع “داعش” وخصوصا في مجالين رئيسيين: شراء النفط السوري الذي استولى عليه التنظيم المتطرف في دير الزور والرقة والمساعدة في ضرب اية محاولات لإقامة كيان كردي سياسي جنوب الحدود التركية، وما يجري في مدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي هذه الايام، أبلغ دليل على التورط التركي في دعم جهاديي “داعش” على رغم ان تركيا اسمياً هي من اعضاء الائتلاف الدولي الذي يفترض ان تكون اسباب قيامه المعلنة هي تدمير الكيان الجهادي الممتد بين سوريا والعراق.

ما تقدم، يدل بوضوح على ان التدخل الذي كان يمارسه أعضاء الائتلاف الدولي في سوريا منذ ثلاثة اعوام كان على أشده، وانفقت عشرات المليارات من الدولارات من اجل تدمير سوريا قبل تدمير نظامها. لكن ما يفعله الائتلاف الدولي اليوم لا يعدو كونه تدخلا أوسع بعدما شعر بخطر الجهاديين وكأنه كان يلزمه ثلاثة أعوام لاستدراك خطرهم ليس على سوريا فحسب، بل على المنطقة والعالم والحضارة ككل.

يحاول الرئيس الاميركي باراك أوباما اليوم ان يتعمق في شرح اخطار “داعش” وتبرير الاسباب التي تحمله على دخول حرب ضده. ربما كان عليه وعلى باقي الدول المشاركة في الائتلاف ان يدركوا قبل ثلاثة أعوام أن العبث بالساحة السورية يمكن أن يفجر المنطقة ويحولها جحيماً. الائتلاف الدولي يدخل الآن هذا الجحيم على نطاق أوسع.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى