صفحات العالم

الائتلاف يدفن جمهورية الأسد

 

    علي حماده

بالامس كانت سوريا على موعد مع جولة واسعة من الاعتراف الدولي بالمعارضة الممثلة بـ”الائتلاف الوطني لقوى المعارضة” برئاسة معاذ الخطيب، تمثلت بإعلان ١٣٠ دولة مشاركة في مؤتمر اصدقاء سوريا في المغرب الاعتراف بالائتلاف ممثلا شرعيا للشعب السوري، بما يعني ذلك من سحب اعتراف بالنظام في سوريا، واستطرادا  تسليم سفارات سوريا لممثلي الائتلاف بعد طرد ديبلوماسيي النظام على التوالي. لقد اتت الخطوة التي تزامنت مع اعتراف حمل رمزية كبيرة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا، حيث اعلن الرئيس الاميركي قرارا اميركيا كان منتظرا منذ زمن اعتراف بلاده بالائتلاف عينه، ودعوة رئيسه واركانه الى واشنطن لاجراء محادثات تتناول مستقبل سوريا. ومن اللافت ان يأتي هذا الزخم الديبلوماسي الكبير في اعقاب جولة مفاوضات اجرتها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف في حضور المبعوث الاممي – العربي الاخضر الابرهيمي في العاصمة الايرلندية دبلن. ومعنى هذا ان المفاوضات كانت الفرصة الاخيرة التي منحت لموسكو كي تستقل سفينة التغيير في سوريا، ولكنها لم تلتقطها لانها وفق تعبير وزير خارجية فرنسا السابق آلان جوبيه، علقت في فخ مواقفها وتعجز عن الخروج منه. والمفاوضات توقفت بين واشنطن وموسكو عند نقطة اساسية هي مصير بشار الاسد وفريقه، اذ ترى اميركا ومعها ١٣٠ دولة عبر العالم بينها معظم الدول العربية، ان على الرئيس السوري التنحي لانه فقد شرعية بقائه، ولان اي تسوية مستقبلية لا يمكن ان تضمه. فتورطه المخيف في الدم السوري، لا يؤهله للبقاء في الحياة العامة، وانما يؤهله لملاحقات واسعة النطاق من محكمة الجزاء الدولية اسوة بمجرمي الحرب في يوغوسلافيا السابقة وغيرها.

فشلت المفاوضات الاميركية – الروسية، فتحركت واشنطن خطوة اضافية في محاصرة النظام في سوريا. ولا يستبعد المراقبون ان تكون المرحلة المقبلة التي تلي الاعتراف الكبير بالائتلاف، للتسليح المدروس لـ”الجيش السوري الحر”، ولا سيما ان المعركة على الارض هي الاساس الذي عليه تبنى المواقف. لقد انتهى بشار، وبات اشبه بالطريد في قلب بلده سوريا. ولعل ما صرح به رئيس الاكوادور قبل يومين ان بلاده مستعدة لدرس طلب استضافة بشار الاسد اذا ما تقدم الاخير بطلب في هذا الخصوص، يكشف حقيقة المآل الذي بلغه النظام من الانهيار. خلاصة القول ان المعارضة السورية التي حصدت اعتراف ١٣٠ دولة بها سائرة بخطى حثيثة نحو قلب صفحة سوداء من تاريخ سوريا، والانتصار بات على الابواب. والمهم اليوم هو ان يتزامن تصعيد القتال ضد النظام في العاصمة والمناطق الحساسة مع الجلوس الى الطاولة والتفكير بجدية ومنهجية في شكل سوريا الغد، والصيغة التي سترسو عليها بعد دفن جمهورية آل الاسد. ان التحدي كبير، حاضرا، لكنه سيكون أكبر مستقبلا. ذلك هو بيت القصيد.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى