بشير البكرصفحات سورية

الاخضر الابراهيمي..لا ما في امل!

بشير البكر

  هل علينا أن نأمل من وراء اتفاق كيري-لافروف التوصل لتسوية سياسية، تقود في نهاية المطاف لإبعاد بشار الأسد، ورموز نظامه المسؤولين عن القتل، على غرار ما حصل في اليمن، حيث أفضت المبادرة الخليجية برعاية الأمم المتحدة، إلى تنحية الرئيس علي عبدالله صالح عن السلطة، وإعفاء بعض أقاربه وأعوانه من مسؤولياتهم العسكرية والأمنية ؟

لم يغادر الرئيس اليمني الحكم بسهولة، بل ناور عدة اشهر، من داخل المبادرة الخليجية. حاول أن يلعب على هامش الوقت، ولكنه لم يفلح بسبب ضغط الساحات السلمية في صنعاء وعدن وتعز، ولو لم يتعرض لمحاولة اغتيال،واضطراره للسفر إلى الرياض للعلاج، فإنه لم يكن في وارد التسليم بمقتضيات الحل السياسي. وكانت التقديرات تتجه إلى ترجيح كفة المواجهة العسكرية، لاسيما انه بقي ما يناهز ثلاثة عقود صاحب اليد الطولى في المؤسسة العسكرية، والحزب الحاكم، والأوساط القبلية.

بدا الحل السياسي للوضع السوري إغراء كبيرا منذ مؤتمر جنيف في حزيران/يونيو 2012، رغم أن الأطراف كافة كانت ترى استحالته في ظل إصرار النظام على الحسم العسكري، وعلى عكس منطق الأمور، فإنه كلما تقدم البحث عن الحل، كلما ازداد النظام توحشا ودموية، حتى صار استمرار السير في هذا الطريق مرادفا لعمليات القتل والتدمير والتهجير الجماعي. ولا يختلف أثنان من المراقبين، على أن المرونة العربية والدولية أتاحت للنظام أن يكسب الكثير من الوقت، الذي ما لم يكن في الإمكان الحصول عليه بواسطة التفوق العسكري وحده. ولعلنا منذ ذلك الوقت نقف عند العاقبة الأكثر مفارقة و خطورة، فالحل الذي كان يفترض فيه ان يحمل السلام والمصالحة، لكنه اتبع بسلسلة من المجازر، وراح النظام في ظله يقفز من مغامرة إلى أخرى من دون أي رادع، كما لو أنه يمتلك تفويضا بذلك.

وإذا أردنا أن نتأمل مليا في مسيرة هذا الانحراف الخطير، فإن النتيجة الماثلة للعيان تتمثل في أن فرصة الحل لم تتجاوز حدود المناورة الخبيثة، التي أتاحت لروسيا أن تتحرك لوحدها في الساحة، من دون لاعبين آخرين، من أجل توفير مظلة دولية للنظام السوري، بانتظار أن يستعيد المبادرة العسكرية، حتى يأتي الحل محصلة لميزان القوى على الأرض، وليس مدخلا لتسوية سياسية، تقود سوريا نحو مرحلة جديدة على أسس انتقالية، كما نصت على ذلك فلسفة الحل.

سيقف مؤرخو الثورة السورية طويلا عند الاخضر الابراهيمي المبعوث العربي الدولي ، الذي خلف الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، الذي رفع يديه بعد أن يئس من إيجاد طريق يقود إلى تسوية ديبلوماسية. جاء الابراهيمي ليثبت العكس ، ورغم انه لم ينجح ولو في تثبيت هدنة اكثر من 24 ساعة، فإن عناده وإصراره على جدوى الدور لا يثير الإعجاب، بقدر ما يدعو إلى الرثاء، ومع أنه عبّر مرات عن يأسه من إمكانية اقناع النظام السوري بالجلوس على طاولة المفاوضات، فإنه لم يرفع إلى مجلس الأمن تقريرا واحدا يلامس حدود المأساة الانسانية، التي ألمت بالسوريين وببلدهم، وظلت الإحاطات التي قدمها للمنظمة الدولية وصفية، لم تثمر حتى في حث الأطراف الدولية على تأمين الحد الأدنى من الإغاثة لمئات آلاف اللاجئين لدول الجوار، الذين فروا من القتل.

الثابت اليوم هو، أن هذا الانحراف مرتبط إلى حد كبير بمواصلة إدارة الابراهيمي للمسألة، على النحو الذي شهدناه منذ بداية تعيينه. ذلك أن الحل السياسي تحول من هدف كبير إلى ورقة مناورة بيد موسكو، التي تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية السياسية والأخلاقية عما حل بالشعب السوري. فالروس الذي يلعبون منفردين في ساحة الحل السياسي، هم الذين يواظبون على تزويد النظام بالسلاح، وهم من يواصل من التحكم بشروط العملية بالكامل،وتبدى ذلك أخيرا في تدخلهم السافر بتحديد هوية الشخصيات السورية المعارضة، التي ستتم دعوتها لحضور مؤتمر الحل، ومثلما يتمسكون ببقاء الأسد في السلطة، فإنهم يرون على الجانب الآخر رئيس “هيئة التنسيق ” السورية في الخارج هيثم مناع، أفضل من يصلح لترويج الحل، طالما انه ليس من دعاة اسقاط النظام.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى