صفحات الناس

الاغاثة السورية: ما فرقته الحرب لا يجمعه رمضان/ سلام السعدي

 

 

شهد نشاط الجمعيات الأهلية في سوريا تصاعداً لافتاً خلال شهر رمضان الحالي. إذ تقوم غالبية تلك الجمعيات على تقديم الإغاثة العاجلة، وخصوصا الغذائية، سواء للأسر النازحة التي تقطن في مراكز الإيواء التابعة للنظام السوري، أو لتلك التي تقبع في حصار خانق في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وقد وجدت تلك الجمعيات في شهر رمضان فرصة مناسبة لزيادة نشاطها، عبر إقامة “افطارات خيرية”، و توزيع وجبات غذائية على بعض المناطق، فضلاً عن إقامة معارض لبيع الألبسة والمواد الغذائية بأسعار معتدلة.

مثلاً، تقيم جمعية “نور للإغاثة والتنمية” فعالية بعنوان “لقمة وطن” في مدينة دمشق، تقوم خلالها بـ “طهي وتوزيع حوالي 2000 وجبة غذائية يومياً للمحتاجين والفقراء طيلة شهر رمضان”. فيما أطلق مركز “بادر التنموي” ما سماها مبادرة “سكبة رمضان التطوعية” حيث يقدم وجبات إفطار على مدار شهر الصوم.

ويقول عبد الحفيظ القسطي مسؤول المركز لصحيفة حكومية: “يتم التوزيع في مناطق الشام القديمة ونهر عيشة والدحاديل، بالإضافة إلى إقامة مطابخ للمبادرة في حمص وبانياس بالتنسيق مع جمعيات أهلية، توزع على أسر الشهداء وجرحى الجيش العربي السوري”.

انقسام إغاثي

بالرغم من تزايد إعداد تلك الجمعيات بشكل كبير وعمل معظمها في الإغاثة، غير أن فاعليتها تبقى ضعيفة. ويعود ذلك لجملة أسباب أهمها الحجم الكبير للكارثة الإنسانية في سوريا وصعوبة تقديم الدعم لملايين السوريين المحتاجين، بالإضافة إلى الفساد الهائل في عمل تلك الجمعيات، حيث يتم توزيع المساعدات على المقربين والموالين للنظام. ويخشى معظم السوريين المؤيدين للثورة التعامل مع هذا النوع من الجمعيات التي ترتبط بعلاقات وثيقة جداً مع النظام وأجهزته الأمنية.

في المقابل، تعمل الجمعيات الأهلية في مناطق المعارضة في ظل ظروف قاسية وإمكانات محدودة. يقول الناشط عدي محمد في الغوطة الشرقية لـ”المدن”: “توجد هنا جمعيات كثيرة، تقدم الإعانات الغذائية في شهر رمضان لمعظم المقيمين في الغوطة تقريباً، حيث لا يوجد أي مصدر للدخل يمكن الاعتماد عليه”. يضيف: “الأمر يعتمد على حجم التبرعات التي تصل إلى تلك الجمعيات شهرياً، ففي حين تكون التبرعات شحيحة عادةً، تزداد بصورة كبيرة في شهر رمضان”.

هكذا تنقسم الجمعيات الأهلية في سوريا بين تلك الموالية للنظام والتي تعمل بشكل كامل في كنفه وتحت رعايته ورقابته، والجمعيات التي نشأت مع اندلاع الثورة السورية، فتطورت مع ازدياد الحاجة إليها ونمو مصادر تمويلها.

ويمكن اعتبار كلا الطرفين مستجداً على العمل الأهلي الذي منع بشكل شبه تام طيلة حكم البعث، وبدأ يشهد تطوراً محدوداً مع اهتمام الدائرة مقربة من رأس النظام بالعمل الأهلي، وتحديداً رامي مخلوف، بالإضافة إلى أسماء الأسد. الأول أسس جمعية “البستان الخيرية” التي بقيت من دون نشاط حقيقي يذكر، وأشبه بواجهة استخدمها رجل الأعمال ليعطي انطباعاً باهتمامه بالشأن العام. أما النشاط الأهلي الأوضح قبل اندلاع الثورة فكان لأسماء الأسد وللجمعية التي رأستها وهي بعنوان “الأمانة السورية للتنمية”.

ومع اندلاع الثورة، سمح النظام للمقربين منه بتأسيس عدد كبير من الجمعيات الأهلية لتساهم في تحشيد الموالين له، وذلك تحت مسميات عدة.

وتعمل الجمعيات الأهلية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وعددها يتجاوز 1400 جمعية وفق بيانات الحكومة، وهي تحت إشراف مباشر لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. حيث تتقدم المنظمات غير الحكومية بطلبات موافقة وإشهار لتلك الوزارة، التي تقوم بدورها بالتحقق من الأشخاص المشاركين في الجمعية ومن أهدافها ونشاطها. وبعد الموافقة على إشهارها، يتم إلزامها بإطلاع الوزارة على محاضر اجتماعاتها والبيانات المالية بصورة دورية، فضلاً عن إرسال مندوب من الوزارة لحضور اجتماعاتها.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى