صفحات الناسنائل حريري

البطالة السورية: 60%..وأكثر/ نائل حريري

ليس من الغريب أن يكون العام الثالث لأحداث الثورة السورية أشد وطأة وتأثيراً من سابقيه على الاقتصاد السوري. بالنظر إلى ما شهده هذا العام من تراجع اقتصادي في دمشق وحلب – أكبر مدينتين في البلاد – وما أدى إليه من ارتفاع خيالي في مستويات التضخم، بالإضافة إلى هجرة ضخمة لرؤوس الأموال السورية وخراب البنية التحتية الهائل.

التصريحات التي صدرت عن جهات حكومية أو معارضة أو دولية – بما فيها تصريحات عبد الله الدردري المشرف على مبادرة (الإسكوا) لإعادة الإعمار – لطالما طرحت إمكانية إنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية رغم اختلافاتها في تحديد الكلفة اللازمة. وعادةً ما كانت تقتصر على إحصاء الخسائر المادية، وتكاليف البناء والإعمار والتشغيل المادي.

لكنّ إحصائيات تضمنها تقرير صادر عن “الإيكونوميست البريطانية” راحت تنقّب في جانبٍ آخر من الخسائر الفادحة. معلنةً أنّ معدل البطالة في سوريا ارتفع إلى 60%. الأرقام التي تشير إلى حقيقةٍ أشدّ إيلاماً: ليس هناك ما يمكن أن يشكّل نقطة بداية فاعلة، لا سيّما وأنّ فاتورة العقوبات على قطاع النفط وأعمال التخريب بالنسبة للحكومة السورية تبلغ 13 مليار دولار على الأقل في الوقت الذي انخفض فيه إنتاج النفط اليومي من 380 ألف برميل قبل بداية الثورة السورية إلى 40 ألف برميل. هذا النفط السوري المتبقي أصبح رهين البروتوكول الذي وقّعت عليه الحكومة السورية في كانون الثاني يناير الماضي لتنظيم مقايضة النفط مقابل الغذاء لمواجهة الأزمة الاقتصادية الناتجة عن العقوبات المفروضة عليها.

تبدو الأرقام منطقية عند مقارنتها مع تقرير المركز السوري لبحوث السياسات الذي قدمه عن الربع الأول من العام الحالي بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والذي بيّن فيه أن 2.3 مليون سوري خسروا أعمالهم منذ بداية الأزمة حتى الآن، مشيرًا إلى أن نسبة البطالة ارتفعت إلى 48.8%، وأن “العدد الكلي للعاطلين عن العمل ارتفع إلى 2.965 مليون سوري”.

يؤكد التقرير المنشور كذلك أن قطاعات الزراعة والتجارة والتصنيع انخفضت إلى أقلّ من ثلث مستوياتها قبل الأزمة، وأن هذا العامل يعتبر الأساس في تراجع الليرة السورية من 47 ليرة مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية الأحداث إلى نحو 210 اليوم. وقد أدى هذا التدهور إلى تضاؤل فرص العمل في القطاع الخاص بشكلٍ واضح، إذ أشارت تقارير صادرة عن مؤسسة التأمينات الاجتماعية في سوريا إلى ارتفاع عدد العمال المسرحين من القطاع الخاص من 70 ألف عامل خلال العام 2012، إلى ما يقارب من 130 ألف عامل حتى منتصف العام 2013. وقد تم تسريحهم دون حصولهم على تعويض مناسب لأن القانون الناظم لعلاقات العمل في القطاع الخاص يجيز لرب العمل فصل العمال بشكل تعسفي ودون أسباب.

وأفاد التقرير الذي شارك فيه خبراء للأمم المتحدة في بيروت أن السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر كانوا يشكلون أقل من 1٪ قبل الأزمة، وارتفعت نسبتهم اليوم إلى ما يقارب 19%. ويتابع التقرير أن الأمور تزداد سوءا باستمرار، ففي يوم 4 أغسطس الجاري حظرت الحكومة السورية استخدام العملات الأجنبية، ما قد يؤدي إلى خنق نشاط صغار التجار، واقتصار الاستيراد على مجموعة من كبار الاقتصاديين الذين سيقومون باحتكار الأسواق، وما سيقلّص من النشاط الصناعي والتجاري ويقلّل من فرص العمل المتوفّرة.

الحكومة السورية من جهتها كانت قد أعلنت طرح مشروع “تشغيل الشباب” في أواخر 2012 بهدف القضاء على البطالة وتوفير 25 ألف فرصة عمل، ولكن سرعان ما أعلنت وزارة العمل بأن هذا البرنامج تدريبي وليس تشغيلياً، وأن الهدف منه فقط تهيئة الشباب لدخول سوق العمل عبر تدريبهم مؤقتاً في أجهزة الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى