صفحات الناسلقمان ديركي

البلم والنَّفَر/ لقمان ديركي

 

 

النَّفَر وما أدراك ما النَّفر، شخص بالعبري كَفَر، ثم عَبَرْ، استفادت من شعاع طلعته البهية كل دول الجوار. فالنفر لا يحب الجلوس بلا عمل، فما بالك بالنزوح بلا عمل. النفر يبحث عن عمل، وإذا لم يجد العمل سيبدأ فوراً بالتفكير بالسفر، وإلى أين؟! إلى بلاد الكفار، حيث الظروف ملائمة أكثر لصنف البشر، وقد سمع النفر الكثير عنها، وعندما علم بأن صدورها مفتوحة للاجئين من بني وطنه هرع إلى السفارات ووقف في طوابيرها وكله أمل، وابتسم للواقفين من صنف مختلف، ابتسامة النَّفَر، ثم يخرج مطروداً تقريباً وفي سماء حوله يتطاير جواز السفر، يفشل النفر في الحصول على الفيزا، الغالية والعزيزة، ليست مأكله في الحقيقة، مأكله هو على مائدة المهرّب. ووينِكْ يا أقصراي، أين أنتِ يا سفارة أوروبا في اسطنبول، في أقصراي المهرّب أعظم من السفير، يقول النفر، وكذلك في أزمير، يردّد نفرٌ زميل، لكن لكل مهرب ثمن، ولكل طريق ثمن، وأرخصها طريق البحر، وأرخص أرخص ما في طريق البحر البلم، والبلم وما أدراك ما البلم، أشهر من نار على علم، عفواً.. شو يعني عَلَم؟!!

هاد اللي طالبت ناشطة بوضعه على البلم، وقلنالها أنو البلم مطاط، وإذا غرزتِ فيه أي علم بينبعج وبيغرقوا النفرات، بقى بدك النفرات يغرقوا كرمال عَلَمْ!! إي البلم.. بطل الفلم، خيرتكِ فاختاري ما بين البلمِ والعَلَمِ، يكون بعلمك نزار قباني سافر لأوروبا بالبلم، أكابرية البلد عم تسافر فيه، رخيِّص وكويِّس وابن حلال، بس المهرّب أيام بيطلع ابن حرام، وإذا طلع ابن حرام بلوة مصبَّرة قرد ملفلف سعدان فهذا من مصلحتك عزيزي النَّفَر، المهرّب الناجح.. ابن حرام بالضرورة، لذلك اضحك بعبَّك عزيزي النفَّر، ولا تتأفف، ولا تتذمر، أهم شي هي، يعني لا تنقّْ، لا تدق تليفونات للمهرّب كل ثانية وتعوفه حياته وحياة البلم اللي عم ينفخه بنفسه ليوصلك فيه، ولوين؟!! على بر الأمان، على إيطاليا، على اليونان، ورح تشوف بلاد يا نَفَر ما كانت تخطر لك على بال، صحيح أنك سائح بالصرماية، متجول بالكلاش، ونَفَر بالقندرة، فإنك ستصبح بشراً بالشحاطة في النهاية حالما ترتمي جثتك الطاهرة على شواطئ بر الأمان، في إيطاليا أو اليونان. أنت جثة، قال المهرّب للنَّفَر، فرد النَّفَر بفم ملآن: جثة على كيف كيوفك يا أبو شريك، هي نحن لها، نحن أصانص الجثث، خلاصة الجثث، نحن جثث مثلجة.

نريد أن نصل إلى ثلوج الشمال قبل أن يذوب الجليد عنَّا فنتعفن، ونتفسخ، أكتر مما مفسوخين، نحن النفرات نحب الحياة، لا تأخذ فكرة سيئة عنا، لكننا فقط نحب الخطر، مو مشان المصاري الله وكيلك، بس ما في أحلى من السفرة بالبلم، هاد عمي أبو مرتي زلمة ختيار وكتير بيحب يتأكد إذا سمك القرش حقيقة أم خيال، قال أفلام هوليوود ما بتدخل براسه، بيحب الأفلام الأوربية ذات الإنتاج الصغير أكثر، شايف أديشه مثقف؟! إي هاد من ركاب البلم، بقى شو؟! استبينا.. بطلع بالبلم وبعمل لك بعدها لَمّ شمل؟!

– لأ حبيبي.. لأ.. خدني معك بالبلم.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى