صفحات المستقبل

البيض و التشبيح و تزوير الحقائق


تابعنا جميعاً ما تعرض له بعض أعضاء هيئة التنسيق قبل اجتماعهم مع السيد نبيل العربي ,من الرشق ببعض البيض من قبل بعض المتظاهرين الغاضبين , وحضرني في هذا السياق مشهدين , قديم و حديث.

المشهد الأول : الزمان منتصف التسعينات ,المكان ألمانيا ,المناسبة انتخابات جرت آنذاك ,الحدث رشق مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية هلموت كول الذي كان متوجهاً لاجتماع انتخابي بالبيض من قبل بعض أعضاء الحزب المنافس, فكان رد فعله هو رشقهم أيضاً بالبيض ,ولم يتم اتخاذ أي اجراءات أمنية أو قضائية بحقهم ,ثم اتخذ الأمر منحى هزلي في وسائل الاعلام.

التعليق : هل يمكن مقارنة حادثة القاهرة بحادثة ألمانيا ,فالرشق بالبيض هو إجراء ديمقراطي للتعبير عن (الامتعاض), فإذا رشق الألمان الذين ليس ليهم آلاف القتلى ,أو مئات الألوف من الجرحى و المعتقلين و المشردين و المهجرين ,السيد كول بالبيض فقط لاختلافهم معه بالرأي حول قانون ما ,فبماذا يجب أن يرشق الغاضبون هؤلاء المعارضين (الوطنيين) , عندما تكون حياة الملايين هي النقطة التي نختلف فيها مع هيئة التنسيق (الوطني).

المشهد الثاني : الزمان نهاية 2011 ,المكان برزة , المناسبة تشييع أحد الشهداء , الحدث إطلاق النار العشوائي على المدنيين العزل ,والاعدام الميداني للعديد من الأبرياء أي التشبيح الإرهابي الموصوف .

التعليق : امتلاء الصفحات والقنوات (بتشبيح الثورة وما في حدا أحسن من حدا) ,فرمي البيض على بعض الأشخاص هو الخبر حتى على بعض صفحات الثورة ,و نسينا الدماء التي سالت , فلم يُذكر أسم أحد من الشهداء ,وتحولوا إلى أرقام ,وصار البيض رديفاً للرصاص الحي ,ألا ساء ما تحكمون .

بصراحة لم أستطع التعاطف إلا مع الشهداء الذين أردتهم رصاصات الشبيحة ,و شعرت بالغضب من هؤلاء الذين يتاجرون بهذا الدم هناك في القاهرة , و الذين يرفضهم الثوار ويصّرون على التحدث باسم الثورة , وشعرت بالغضب مرة ثانية عندما يوصف البيض وبعض صرخات الغضب بالتشبيح , واجراء المقارنات بين الثورة و الشبيحة لكي نصل للقول بأنه تشبيح ولكن من وجه آخر.

كلمة أخيرة لهيئة التنسيق ,لا أستطيع أن أجد وصفاً لكم خيراً من وصف الله عزّ و جل للمنافقين في قوله :

وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ.

بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم

http://the-syrian.com/archives/52557

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى