صفحات العالم

التدخل في سوريا


ساطع نور الدين

الصور الدقيقة التي نشرها السفير الأميركي في سوريا روبرت فورد الأسبوع الماضي على موقعه على فايسبوك لمواقع عسكرية سورية في محيط مدينة حمص وسواها، لم تكن مأخوذة من قمر صناعي تجاري، على حد زعمه. الدقة العالية التي تميزت بها الصور والتوضيحات والتعليقات المصاحبة لكل منها تجزم، حسب الخبراء في مثل هذه الامور، ان مصدرها قمر تجسس عسكري، او حتى طائرة استطلاع فائقة التطور.

المغزى، إذا صح هذا الاستنتاج، هو أنها صور مجانية توزع على المسؤولين والمتخصصين بمتابعة الوضع في سوريا، ولا يشتريها السفير فورد من شركة تجارية توفر هذه الخدمة، وقد كان نشرها على هذا النحو متعمداً، للإعلان أن أميركا شرعت في عملية مراقبة مكثفة لما يجري على الارض السورية، وإخضاع الجيش السوري الذي يقصف حمص وبقية المدن السورية للرصد من الجو او الفضاء المفتوح على مختلف اشكال التصوير والتدقيق، ومن جميع البلدان المعنية بالشأن السوري.

نشر الصور لم يكن عبثاً. القصد الاول هو التأثير النفسي في القيادة السورية التي اختارت اللجوء الى مثل هذه الحملة العسكرية على المدن، فضلاً عن التأثير المعنوي في صفوف الجيش السوري بضباطه وجنوده، الذين تزداد انشقاقاتهم يوماً بعد يوم، ويتحولون الى عصب الثورة على النظام السوري ورافعتها الاساسية، في غياب البدائل السياسية الضعيفة التي لم تستطع منافسة الجيش السوري الحر وبقية التشكيلات العسكرية المنشقة على كسب الشارع وحمايته ورعايته.

الرهان على شق المؤسسة العسكرية السورية عن النظام ليس جديداً. لعله كان ولا يزال احد اهم أسرار الثورة في سوريا، التي لا يمكن كشفها في تركيا وحدها. هذا الرهان اكتسب زخماً إضافياً في القرار الاخير للجامعة العربية بدعم المعارضة السورية سياسياً ومادياً، وهو ما يعني حرفيا التسليح الذي لا يقصد توزيع السلاح على معارضين مدنيين، كانوا سلميين، لكنهم أشتروا الاسلحة الفردية من الاسواق اللبنانية والعراقية خاصة، للدفاع عن منازلهم وقراهم ومدنهم.. بل يعني تحديداً تسليح الوحدات العسكرية المنشقة وتدريبها وتمويلها لكي تتمكن من إنهاء الأزمة بسرعة.

هو قرار عربي لا جدال فيه. وتوجه غربي لا شك فيه أيضاً. وهو لا يحتاج الى قوات عربية ودولية لحفظ السلام ولا لأي شكل من اشكال التورط العسكري المباشر في الأزمة السورية المستعصية، الذي لا يزال البعض يتوقعه ويستوحي التجربة الليبية او العراقية التي يبدو ان الوضع السوري لا يحتاجها ولا يستدعيها.. ولا يفرض على اي بلد عربي او غربي إرسال قوات برية الى الارض السورية.

التدخل الخارجي في سوريا بدأ للتو.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى