صفحات سورية

الثالوث المقدس في المعادلة السورية !! النظام … المتظاهرون السلميّون…. المعارضة


ثامر إبراهيم الجهماني

تقديم :

إن إرهاصات الربيع العربي بدأت من دمشق .إن تلك المخاضات العسيرة التي بدأت في بداية العام 2001 ، والتي سميت آنذاك بربيع دمشق ، وتبلورت بشكل واضح بانتشار المنتديات والتجمعات ، وما وثيقة إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي وهو الشكل الأكثر وضوحا في تلك الفترة ، إلا بدايات الربيع الذي أجهض نتيجة للقمع الوحشي والعنيف للمعارضة السورية تمثل باعتقال مجلس إدارة منتدى جمال الأناسي ، وعشرات الناشطين ، وتم إغلاق كافة المنتديات في دمشق والمحافظات .

” النظام ” :

مازال النظام متعنت يرفض أن يستوعب ما يحدث ويرفض التسليم بأنه زائل . متمترساً خلف شعارات الممانعة والمقاومة والمؤامرة الخارجية (( الكونية )) واصفاً الجماهير الغاضبة والمعارضة بالعمالة والارتهان للغرب وأمريكا ، مازال بشار الأسد يصرف من حصالة أبيه في هذا الطرح .فالأسلوب هو هو والطريقة والأدوات هي هي . الأجهزة الأمنية التي بناها والده لا زالت هي التي تقمع وتقتل ، وتم الاستعانة مؤخراً برجالات الحرس القديم ليديروا أوراق المعركة حسب تعبير بشار .

على ماذا يعتمد النظام ؟

لقد مارس حافظ الأسد إبان حكمه سياسة أن تخرج قوياً من الأزمة ، أو بتعبير أدق كان نظامه قائم على وجود الأزمات ، باعتبار سوريا دولة مواجهة وممانعة وداعمة للمقاومة ، وكان يتمترس خلف دشم ثقيلة الهضم (( التوازن الاستراتيجي )) .

-لقد ركز النظام على توجيه ألته الإعلامية ليشعر العالم أنه نظام إصلاحي صحيح أنه تأخر لكنه قادم وبقوة بحزمة من القوانين والوعود الاقتصادية والحوارات الخلّبية تحت صوت المدافع وأزيز الرصاص .

الناس باتوا يقولون (( الله يرحم أيام الطوارئ )) فقد أوقف العمل بقانون الطوارئ والحكام العرفية لكن لم يتم تغيير رجل الطوارئ .

وما حزمة القوانين التي يتغنى النظام بها ، كمثل الأهزوجة التي تتغنى بها الأمهات لينام الطفل الخائف من قصة الغولة .

–                     النظام يراهن بأنه باقٍ معتمداً على حصن مكين هو الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن بمغازلة اقتصادية واضحة ووعود بمكاسب أخرى تجري بالخفاء .

–                     النظام يراهن على الوراق الضاغطة التي يمتلكها والتي أوجدها حافظ السد لمثل هذه المواقف والتي يعتقد أنه يمتلكها وهو الماهر باللعب بها ، على سبيل المثال :

•                    التهديد الواضح للأمن الإسرائيلي المرتعب من سقوط النظام حين أرسل بعض الشبان الفلسطينيين المغرر بهم في حزيران المنصرم ليموتوا على حدود الجولان وهم عزل بعد تصريحات رامي مخلوف ابن خالة بشار مخاطبا ً “إسرائيل” أن امن إسرائيل من امن سوريا .

•                    منذ وقت ليس بالبعيد صرح السفير السوري في الأردن في لقاء علني مع بعض الفعاليات السياسية في العاصمة عمان أن زوال النظام السوري سيؤدي حتما زوال الأنظمة المجاورة بصيغة ( تهديد ) ترافق ذلك مع زيارة لأصف شوكت للعاصمة عمان ناقلا رسالة تهديد بقصف الأردن بالصواريخ .

•                    الرشوة التي قدمها النظام لحزب العمال الكردستاني ( 3 مليون دولار ) ووعود بدعم مستمر مقابل زعزعت الأمن في تركيا ، تجلا ذلك بالعمل العسكري الذي راح ضحيته 26 عسكري تركي .

•                    لا ننسى تهديدات النظام لدول مجلس التعاون الخليجي بتحريك الخلايا النائمة ( الشيعية ) والتي بدأت تتململ في دولهم .

•                    وما تصريحات المعلم بمسح أوروبا من الخارطة واتخاذه إجراءات صارمة بحق كل دولة تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي ، بصلافة السياسي المستهتر بالمجتمع الدولي ، وباعتقاد النظام انه سيلعب بتلك الوراق جيدا ً مما سيرعب العالم بأسره وإلا سيحرك خلاياه النائمة في أوروبا وأمريكا بعمليات انتحارية كما هدد على لسان المفتي حسون .

مازال النظام يعتقد نفسه مقدساً لا يجوز المساس بوجوده ، معتقداً أن الحل الأمني الذي تحول إلى حل عسكري هو الأنجع لخروجه من الأزمة ، معتمداً على عامل الزمن في إجهاض الثورة ، مستغلاً كل تلك المهل التي تعطى له وأخرها المهلة العربية .

المتظاهر السلمي :

خرجت الجماهير السورية مطالبة بالحرية والكرامة ، انطلاقا ً من درعا جنوبا ً لتعم أرجاء سوريا شرقا ً وغرباً وشمالاً وشرقاً .

انتشر الفعل الثوري السلمي وتطور أفقياً وعامودياً ، ليشمل كامل رقعة الوطن مترافقا ومتزامنا ً مع ارتفاع سقف المطالب من عزل محافظ درعا ورئيس فرع الأمن السياسي فيها إلى إسقاط النظام .

لم تتراجع الجماهير الثائرة سلمياً عن مطالبها رغم القمع الوحشي وارتفاع عدد الشهداء والمعتقلين والجرحى والمهجّرين . الجماهير تدرك أنها تحارب وحدها في الساحة وما من نصير إلا الله وإرادة الناس .

لم يفلح النظام من لي رقبة المتظاهرين باللعب على وتر الطائفية بل على العكس زاد ذلك بتماسك الجماهير (( واحد واحد واحد الشعب السوري واحد )) .

كلما ازداد القمع والتجويع ازداد إصرار الجماهير على الصمود أمام آلة القتل الوحشية للأجهزة الأمنية .

أسلوب جديد ابدعته حوران مؤخراً وتم اعتماده وهو الإضراب المفتوح تضامنت معه العديد من المحافظات والمدن والقرى جوبه هذا الأسلوب بقمع وحشي شديد لما له من تأثير على شل اقتصاد النظام .

بدء العام الدراسي أعطى للثورة حيوية وضخ فيها دماء جديدة وأساليب أكثر إبداعية في الفعل الثوري السلمي مما أحرج النظام .

عامل جديد دخل على الخط الثوري هو جموع من المنشقين عن الجيش اتخذوا على نفسهم الوعود بالوقوف مع الثورة وحمايتها من عسف النظام ، مما يدخل هذا العامل متغيرات جديدة على المعادلة السورية .

ارتفع سقف المطالب هذا الأسبوع حين سميت هذه الجمعة بـ (( جمعة الحضر الجوي )) نتيجة الخشية من استمرار النظام باستعمال سلاح الطيران ضد المتظاهرين كما فعل في حمص و ادلب وحماة .

المطالب التي يرفعها المتظاهرون مقدسة ولا يجوز الاقتراب منها .

المعارضة :

إنها العنصر الصعب في المعادلة السورية .

لقد خذلت المعارضة السورية جماهير سوريا . لتأخرها عن الالتحاق بركب الثورة ، وحين حاولت ذلك أصبحت عامل معطل ، ولم تستطع الارتقاء على المستوى السياسي بما يتماشى مع الفعل الثوري ، المعارضة أصبحت عبئاً على الثورة ، لكن المتطلب الدولي لوجود كيان أو هيكل تمثيلي للثورة فرض بنفسه ودفعها لواجهت الأحداث لتتصدر المشهد .

تنقسم المعارضة إلى ثلاث أقسام :

1-                   معارضة الداخل

2-                   معارضة الخارج

3-                   التشكيلات والهيئات والتيارات الجديدة النشأة .

1-                   معارضة الداخل : هزيلة تتراوح أفعالها وشعاراتها (( اللاءات الثلاث )) بين الوعي الثوري المحترز والتطبيق العملي والمطلب الفعلي الجماهيري والفجوة كبيرة ومن أبرزها هيئة التنسيق الوطني ( حسن عبد العظيم ) وتيار الدولة ( لؤي حسين ) .

2-                   معارضة الخارج : متسلطة بليدة تفرض رأيها باستبداد يمارس على الجميع الداخل والخارج والجماهير ، حصدت قبول واستحسان من المجتمع الدولي ، وتأييد من الجماهير بشكل عاطفي لضرورات الوجود بدأت تفقد شيئاً فشيئاً بعض التأييد لدى المتظاهرين ، وما تزال معتمدة على حاجة المجتمع الدولي لوجودها .

بنفس الوقت لا تستطيع ان تكون عامل مؤثر وموجه للثورة . ومن أبرزها المجلس الوطني السوري .

3-                   تيارات أخرى ظهرت نتيجة لحاجة الشارع وللفراغ والبون الشاسع بين المعارضتين والتي بدأت تبرز على الساحة وتثبت وجودها على المشهد وإن كان بشكل بطيء لا يتماشى مع متطلبات الشارع لأسباب أمنية كونها تعتمد في كوادرها على داخل سوريا ، والإمداد اللوجستي والمادي مثال الجمعية الوطنية السورية ،

*التيار الصامت : هو العامل الأهم بعد المتظاهرين السلميين وصحوتهم سترجح كفة القبان .

خلاصة :

المعارضة ليس لها سيطرة على الشارع ولا يمكن أن تكون ، لم تستطع المعارضة إلى الآن الخروج من عباءة العمل السياسي ,ان ترتقي لمستوى الفعل الثوري على الأرض .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى