خالد ممدوح العزيصفحات سورية

الثورة السورية: والتعاطي الروسي الجديد

 


خالد ممدوح العزي

دارسة : لمواقف روسيا اتجاه الثورة السورية :

أنهى الوفد السوري المعارض زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو في 29 حزيران “يونيو “2011 بعد دعوة رسمية تلقها الوفد من القيادة الرسمية في الكريملين وتمثل اللقاء بشخص الممثل الرسمي للرئيس الروسي السناتور ميخائيل مرغليف،والوفد المعارض برئاسة رضوان زيادة .بالرغم من عدم اجتماع الوفد بمثلين من الدبلوماسية الروسية بهيئة وزارة الخارجية ،لكن اللقاء عقد بعيدا عن الوعود والتطمينات التي يمكن يتلقها أي وفد أو يقدمها ،لكن روسيا وضعت نفسها اليوم في موقع الوسط الايجابي بين النظام والمعارضة ،من اجل الواسطة الشريفة والتي تحاول روسيا أن تقوم بها ،لكن الواسطة التي تحاول موسكو لعبها لا تزال بعيدة ،بسبب فقدانها لأي مبادرة قد تحملها موسكو وتقنع بها الطرفان ،لان موسكو لا تزال تصر على الحوار بين الطرفين ،وهذا يعني إخماد نار الثورة الملتهب في المدن والنواحي السورية، لكن الملفت للنظر من الموقف الروسي أثناء الزيارة كان تعبير السياسية الروسية العلني والمختلف لكونها تصر بأنه لا يوجد صديق لروسيا في سورية سوى الشعب السوري ،و القيادة تذهب وتأتي والشعب باق.

روسيا والثورات :

لقد اتسعت الهوة بين روسيا وشعوب المنطقة العربية بعد ربيع الثورات العربية التي عصفت بالعالم العربي والتي اربكت الساسة الروس في اخذ المواقف السريعة ،لقد تأخرت روسيا في اخذ المواقف الداعمة لهذه التغيرات العربية معللة دورها بأنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة الداخلية ،وهذا مرض موسكو الروسية المزمن ،التي تعاني بدورها من أمراض الربيع ذات الحراك الشعبي،وخاصة بعد ربيع براغ في العام 1968 الذي أدى إلى احتلال تشيكوسلوفاكيا وقتها ،مرورا بحركات التغير التي عصفت سابقا بحديقة روسيا السوفياتية الخلفية والأمامية في عام 1990 والتي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي، والدول الاشتراكية بعد انهيار جدار برلين،مرورا بالثورات الملونة التي كادت أن تغير وجهة الحديقة الروسية في العام 2004م والتي كادت أن تعزل روسيا دوليا، وصولا إلى الربيع العربي التي تلقته روسيا شوكا يابسا،مما أدت هذه المواقف الروسية الحذرة من التغيرات، إلى اتساع هوة الثقة بين المنطقة العربية وشباب التغير، مما اجبر روسيا والقادة الروس على تغير مواقفهم وتلينها تدريجيا بعد أن أصبحت الهوة كبيرة بين الأنظمة القمعية والشعب المصر على التغير. بالرغم من الموقف الروسي المؤكد على أهمية التغيير السلمي ونبذ العنف، والدعوة إلى الحوار والحل السياسي ضمن الأطر القانونية وعلى أساس الوفاق الوطني، ورفض استخدام القوة من جانب السلطة في مواجهة المواطنين دون تنديد أو شجب يمثل انتقادا مباشرا للسلطات الحاكمة. وقد اقتصر ذلك على السلوك اللفظي ممثلاً في تصريحات المسؤولين الروس والبيانات الصادرة عن وزارة الخارجية الروسية دون تدخل مباشر أو طرح مبادرات أو محاولة وساطة مباشرة، في كل الثورات بلا استثناء.

موقف المعارضة السورية من روسيا :

في العام 1973 في حرب أكتوبر ضد العدو الإسرائيلي،كانت روسيا في العالم العربي تمثل القوة المدافعة عن العرب والصديق الوفي لقضية العرب في حربهم ضد الصهيونية والامبريالية العالمية،مما دفع بالعديد من العائلات العربية تسمية أبنائهم”بأسماء الأسلحة التي استعملت في حرب رمضان “سخوي، فنتوم، غراد ، سام ،روسيا” عرفانا بالجميل لروسيا السوفياتية ،لكن اليوم اختلف ففي كل المظاهرات العربية وخاصة السورية يتم حرق الأعلام الإسرائيلية والروسية،والابتعاد الشعبي عن روسيا وعدم الثقة بسياستها، باعتبارها حامية ومدافعة عن الأنظمة الدكتاتورية العربية ،وهذه المواقف الغير واضحة في السياسة الروسية بالنسبة لشعوب المنطقة تمهد لقطع العلاقات من روسيا في المستقبل بحال تغير الأنظمة الحاكمة . لذا ذهبت المعارضة إلى روسيا من اجل عرض موقفها وطرحها المستقبلي،وهذا النهج اتبع مع المعارضة الليبية حين تم استقبالها في روسيا ،فالمعرضة السورية وعلى لسان رئيس الوفد المعارض رضوان زيادة شخص المشكلة بان على روسيا أن تلعب دورا مميزا في مستقبل سورية الجديدة دون الدفاع عن نظام بائد مصيره الذهاب، وهناك عدة نقاط تم تحديدها وتم تكليف روسيا القيام بها ومن أبرزها تسليم السلطة سلميا إلى نائب الرئيس لكي يتم التمهيد لتشيل حكومة انتقالية .

موسكو والثورة السورية الجديدة:

يرى محللون سياسيون وخبراء استراتجيين،بان روسيا الذي أغضبها التدخل العسكري الدولي ،في ليبيا ترفض التعاون مع هذه الدول الراعية في ممارسة الضغط على سورية،حرصا منها على صون علاقاتها الوثيقة مع هذا البلد .

يصر الخبير الروسي “اكسندر فيلونيك”أستاذ الدراسات الشرقي في معهد الاستشراق في أكاديمية العلوم الروسية ،”:لقد رأت روسيا ما جرى في ليبيا،ويمكن افتراضا منطقيا بان موقف روسيا من سورية سيكون أكثر صرامة من موقفها بشان ليبيا،”احتمال أن تأخذ الأحداث في سورية منحى مشابها لما يجري في ليبيا مما يثير قلق روسيا “.

إن موقف روسيا من مشكلة ليبيا مع المجتمع الدولي كان بسيط اذهبوا بأنفسكم إلى ذلك الميدان الملغم . أما بالنسبة إلى سورية موقفها أكثر بساطة، المنطق يدعو روسيا بان تقول لا.

لان المشكلة أصبحت اكبر من توافق أو لا توافق، موسكو لا تريد لنفسها أن تكون شبه ملحقة بالقرار السياسي الأمريكي الذي يطلب منها الموافقة على أي قرار يريده دون الأخذ بمصالح روسيا المنطقة،وتجاهلها وتجاهل دورها وقدرتها.

العلاقة مع نظام سورية ليس على حساب شعبه،كما تصور النظام السوري الذي خرج بمظاهرة كبيرة في سورية كتبت على يافطاتها، شكرا “روسيا والصين” وكان النظام يظن بان روسيا تعطيه كرت ابيض بإجرامه وبطشه،طبعا ليس الوضع على يتصوره النظام السوري :

-أولا من خلال تصريح وزير الخارجية الروسي” سرغي لافروف”، الذي دعا السلطات السورية إلى معاقبة المسؤولين عن مقتل المتظاهرين خلال مواجهات مع قوات الأمن السوري.

-ثانيا من خلال مواقف روسيا السابقة التي تعارض وتحاول الدخول بواسطة،ولكنها بالنهاية لا تعارض القرارات الدولية، وكلنا يذكر جيدا موقف روسيا من العقوبات الاقتصادية على إيران والتي روسيا أيدتها ولم تعارض المجتمع الدولي.

– ثالثا روسيا التي تحاول أن تفعل شيء قبل فوات الوقت للنظام الذي كان محسوب عليها وقريب من روسيا.

-رابعا روسيا تعمل بالدرجة الأولى لحساب مصلحتها الأساسية التي من خلالها تحاول أن تفرج عن شيء مقابل سيء خاص بها، وهذا قانون الدبلوماسية العالمية وروسيا أصبحت فنانة في إدارة العلاقات الدبلوماسية الدولية .

العلاقة الروسية – السورية :

لقد تمثل موقف روسيا بالنسبة لسورية من خلال موقف نائب سفيرها في الأمم المتحدة بانكين،الذي أكد بان: “الأزمة في سورية لا تشكل خطر على السلام والأمنيين الدوليين،وإنما الخطر الفعلي والحقيقي على الأمن الإقليمي قد يأتي من تدخل خارجي،أن مثل هذه الأساليب تؤدي إلى دوامة عنف بلا نهاية وقد تسبب في حرب أهلية”

بالطبع روسيا لا تريد توتر حاليا العلاقات مع البلد الذي تربطها به علاقات قديمة منذ الحقبة السوفياتية، بالوقت الذي زار سورية أول رئيس روسي فكان الرئيس الحالي “ديميتري ميدفيديف” في العام 2008، والذي وعد بتنمية التحتية في قطاع الغاز والنفط وبناء محطة نووية.بالوقت التي تشتري سورية الجزاء الأكبر من أسلحتها من روسيا ،وسورية كانت من الدول القليلة التي دعمت التدخل العسكري السوري في “اسيتيا الجنوبية” عام 2008،منطقة جورجيا الانفصالية الموالية لروسيا. فإذا كانت اليوم روسيا تحاول إيجاد مخرج مناسب للنظام السوري للخروج من أزمته،من خلال مواقفها الاعتراضية على التحركات الدولية، لا يعني هذا بأنها ستقف وراء أخطاء النظام السوري وتعاطيه مع الشعب بهذه الوحشية والقمعية ، ولن تقف روسيا ضد الشعب وتحمي النظام وهذا الوضع بالطبع لن يدوم كثير،روسيا التي سوف تجد نفسها وسيط نظيف أو مساعد في حل الأزمة السورية. فإذا كان الرئيس السوري يبلغ نظيره الروسي ميديفيديف أثناء اتصال هاتفي بتاريخ 24ايار 2011 ،بأنه عازم على محاربة القوى المتطرفة في سورية وإحباط قدراتها، لكنه لم يستطيع حسم المعركة مع الشعب المطالب بإسقاط النظام .

نصائح ميدفيدف للاسد باصلاحات سريعة :

لكن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف كان السباق بتقديم الصيحة للرئيس السوري وفق معلومات خاصة منشورة، وأشار على نظيره السوري بأخذ تجربة آخر رؤساء الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشيوف في الاعتبار. غورباتشوف الذي انتخب عام 1985 أمين عام الحزب الشيوعي السوفيتي،الذي كان وراء نشوء نظرية “البيريسترويكا” كسبيل للخروج من الأزمة الشاملة التي كان يمرّ بها البناء الاشتراكي نتيجة الخلل والفساد الذي تراكم على امتداد عقود من الزمن استمرّ في التبشير بهذه النظرية على مدى ثلاثة أعوام قبل أن ينفرط عقد الاتحاد السوفيتي وتنهار دوله ويخرج غورباتشيوف من السلطة ويحلّ محلّه بوريس يلتسين.،في تجربة مريرة وأليمة لروسيا الاتحادية دامت ثماني سنوات عندما انتهت بانتخاب الرئيس فلاديمير بوتين.ومن خلال المعرفة الحيثية لمسار تجربة “الغلاسنست والبيريسترويكا” فإن مسارعة غورباتشيوف إلى تطبيق الإصلاحات التي روّج لها كانت ستوفر للاتحاد السوفييتي السابق الوصول إلى اقتصاد مختلف عمّا حصل في مرحلة لاحقة، لكنه أجهض بنفسه المسار المفترض والطبيعي للأمور ممّا أدى إلى ضياع “ثروات” علمية وتكنولوجية كبيرة إذ أضاع 3 سنوات في الكلام على الإصلاح ولم ينفّذه كما لم يفسح لانتقال تدريجي من سيطرة الدولة إلى القطاع الخاص وعدم القفز إلى هذا الأخير دفعة واحدة ممّا سهّل اختلال روسيا والدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفييتي قبل أن تستقر.

الموقف الروسي الاولي من الثورة السورية :

روسيا التي تعمل وفقا لاستقلالية خاصة بها لأنها لا تريد أن ترى نفسها مجبرة على اللحاق بالمواقف الأمريكية والغربية،من خلال موافقتها التلقائية لكل القرارات التي تأخذ في مجلس الأمن،دون الوقف أمام مصالح روسيا الخاصة، وحقوقها المستقبلي،حول دورها في هذه المناطق ،أو الدول الذي يتغير فيها الحكم ،والعراق كان المثل الحي لروسيا . إذا كانت روسيا لا تطمح إلى لعب دولي مميز في خارطة الدول السياسية ،لكن هذا لا يمنع أن يحافظ على مصالحها الاقتصادية والتجارية ،في دول ربطتها علاقة لعقود طويلة .

طبعا إن لإستراتيجية الروسية الجيدة المتعامل بها مع كافة الدول والتي بدأت تتغير من تحالفات إيديولوجية إلى تحالفات اقتصادية،روسيا التي لها باع طويل في صراعها مع أمريكا، تعرف متى وكيف ترفع الصوت بوجهها،من اجل الوصول إلى مكتسبات خاصة،يمكن التفاوض عليها والتي تهم بالدرجة الأول دول الاتحاد الروسي،وحديقتها الخلفية التي تعتبر مركز نفوذ تاريخي لها ،فإذا روسيا لن تأخذ بنصائح روسيا،لن تصارع روسيا العالم من اجلها.

ومن هنا نرى تصريحات روسية تقول بأننا لا نريد أن نتحول إلى فترة الحرب الباردة من خلال نشر أسلحة الدرع الصاروخية مجددا في مناطق أوروبا الشرقية المحاذية لروسيا، بعد أن حسم هذا الملف ليعود مجددا إلى ساحة الصراع الدولي .

لقد أشار الرئيس بوتين بحديث هام جدا يتعلق بروسيا ودول الاتحاد الروسي وخلفيتها على اثر الاحتجاجات في ليبيا بأنه يخاف من انتقل ألعدوه العربية ،”عدوت الثورات” إلى الفضاء الروسي ،في مناطق النزاع المتوتر في بلاد القوقاز. من هنا يأتي الموقف الروسي الرسمي الدائم الذي يقول بأنه لا يجب التدخل في أية دولة وفي شؤونها الداخلية ذات السيادة المستقلة ،وهذا ما عبر عنه الرئيس بوتين بتريح في 26 نيسان “ابريل “2011:” لماذا التدخل في ذلك النزاع،،،”الليبي” ،،،أليس لدينا أنظمة أخرى عوجاء في العالم ؟؟؟هل سنتدخل في كل مكان النزاعات الداخلية؟؟؟هل سنقصف كل الدول. إذا الموقف الروسي موقف تابت وغير متغير من مسألة التدخل بالشؤون الداخلية. ولكن هناك استدراك للموقف الروسي من خلال تطور موقفها في ليبيا الذي أقرت بتمثيل المجلس الانتقالي، ومن ثمة لاحقا في استقبال وفد المعارضة السورية.

سورية الأسد وروسيا الاتحادية:

يكتب غسان شربل في صحيفة الحياة اللندنية مقالة بعنوان “القرارات الصعبة بتاريخ 13 حزيران” يونيو ” 2011″ والذي أعرب فيها عن أمله بألا تقع سورية في خطأ الإسراف في الرهان على الموقف الروسي”. ولبد من التذكير بان روسيا الحالية هي غير روسيا القديمة أو الاتحاد السوفياتي، روسيا التي تنظر لعلاقاتها وتحالفاتها من خلال مصالحها الاقتصادية الهائلة مع أوروبا لا تقارن بمصالحها مع سورية، على رغم أهمية الأخيرة خصوصاً لجهة توفير موقع على المتوسط . فإن التفكير الروسي الجديد لا يعتمد على التحالف الإيديولوجي الذي انتهى وقته منذ زمن وإنما مع المصالح الاقتصادية والمالية. “ومن خلال هذه الإستراتيجية رسمت روسيا دورا بدأنا نلاحظ فيه، الاختلاف، والصراع التي تخوض غماره اليوم مع الأمريكان على عدة أمور منها:” تعددية القطب الواحد، الحديقة الخلفية لروسيا ،ملف إيران النووي، المحافظة على مصالحها الخاصة في مناطق نفوذها التاريخية ، عدم محاصرتها من خلال توسيع حلف الناتو في الجمهوريات السوفيتية السابقة على حسابها” وهذه الرسالة التي أرسلتها روسيا للعالم في حرب جورجيا في أب”أغسطس”من العام 2008 …الخ “.

السلاح الروسي :

لقد أتبت السلاح الروسي قدرته العالية في استخدامه لقمع الجماهير العربية المنتفضة، على الأنظمة والتي استخدمت هذا السلاح في حربهم ضد الداخل بدل استعماله ضد الخارج وتحديدا ضد العدو الإسرائيلي، كما كانت هذه النخبة العسكرتيرية تروج لهذه الأنظمة بناءا لعملية التوازن الاستراتيجي في إقامة معادلة التوازن العسكري بين العدو والأنظمة العربية من اجل الحرب القادمة،لكن هذه الأنظمة نجحت في فعل أحداث توازن رعب في داخل الأنظمة نفسها،لكن اليوم بات هذا السلاح ضروري في الاستخدام ضد الشعب،كما هو حاصل في كل من ليبيا ،اليمن وسورية، فكان للدبابات الروسية 72 دورا هاما في محاولة إخماد الثورات العربية ، كما كان للرشاشات “ال بي كي سي”، والطائرات المروحية والمدافع المباشرة ،ونقلات الجند “بي ام بي” وصواريخ “الغراد “.لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل يحقق دور موسكو الرافض لأي قرار إدانة قد تصدر عن مجلس الأمن الدولي يدين بها النظام السوري.

فالموقف الروسي الرافض والمتعنت من إي إدانة دولية للنظام السوري من خلال قرار أممي في مجلس الأمن الدولي ، خوفا من إدخال المنطقة بحروب خارجية كالتي حصلت في ليبيا،بالرغم من تصريح مبعوث الرئيس الروسي “مخائيل مرغيلوف” من بنغازيفي 10 يونيو/حزيران ،والذي يقول فيها بأنه على موعدا قريب بلقاء وفد من المعرضة السورية في موسكو والتي تمت فعليا بزيارة الوفد المعارض في أواخر حزيران ،وكأن روسيا تقول للعالم سوف احسم موقفي إذا أتت المعارضة إلى روسيا،وإذا كانت هناك من ضمانات دولية مؤكدة لا تسمح بتكرار سيناريو ليبيا.

بالرغم من الخوف الذي يسيطر على روسيا لكنها تقر وتعترف بان عملية الانتقال يجب أن تتم على أيدي السوريين أنفسهم دون التدخل الأجنبي،كما صرح بها المتحدث باسم الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش،وكذلك يجب إعطاء القيادة السورية وقتا كافيا لإتمام الإصلاحات التي وعدة بها ،وتنفيذ الأفعال بدلا الأقوال .

الموقف الروسي الجديد من الثورة:

تكمن مشكلة النظام السوري بأنه بعيدا جدا عن القراءة الجيو- سياسية والتغيرات التي تعصف بالعالم ككل،لكنه اعتمد الحل والنظرية الأمنية هذا تصريح بوتين رئيس وزراء روسيا من فرنسا في 21 حزيران، “يونيو”من هذا العام ، والذي يضع مصير القتلى في سورية على ضمير الرئيس بشار الأسد ويقول بأنه لا يمنع من الضغط الدولي على سورية دون التدخل العسكري الغربي فيها ، والذي يخيف موسكو هو التدخل العسكري تحت غطاء أممي كما حدث مع ليبيا في اتخاذ القرار الدولي بحماية المدنيين ،وهنا يشير بوتين ضمنا إلى طلب ضمنت دولية حول أي تحرك مستقبلي باتجاه سورية ،ويصر بان سورية ليست حليفة لروسيا وانتهى عصر التحالفات الإيديولوجية السابقة،واليوم تقوم الإستراتيجية على الاستفادة الاقتصادية المتبادلة بين الدول ، فسورية هي الأقرب إلى فرنسا وأمريكا منها لروسيا لان سورية نامت في الأحضان الغربية و فرنسا في أيام الرئيس “نقولاي سركوزي”،كانت عراب هذه العلاقات الجديدة ومفتاح الانفتاح على النظام السوري ، وحسب تصريح بوتين بان روسيا ليس لها إي أطماع عسكرية واقتصادية في سورية. وهذا ما يؤكده رئيس معهد التقييمات الإستراتيجية بموسكو ألكسندر كونوفالوف، يقول بأن روسيا لن تتيح تكرار خطأ القرار الليبي. ويعتقد الخبير، إذا لم تمرر بشكل أو بآخر إمكانية التدخل العسكري، فإن روسيا يمكن لها “تمرير” القرار.

ولنفاذ القرار يجب أن تصوت عليه تسع دول من أعضاء مجلس الأمن، بما في ذلك عدم اللجوء إلى “حق الفيتو” من قبل الأعضاء الدائمين الخمسة في هذا المجلس.

وإذا امتنعت روسيا و الصين، فإن مشروع القرار سيُعتمد، حتى لو صوتت ضد ذلك دول مثل لبنان وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل. ويشير خبراء إلى أن روسيا يمكن أن تمتنع عن التصويت، ما سيجعل الصين تقليدها في الموقف

إضافة إلى الحديث الصحافي الذي أدلى به الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى مجلة” فنينا نشيال تايمز” في 19 حزيران يونيو من هذا العام بأنه متعاطف مع الرئيس الأسد إنسانيا، لأنه يعاني من ظروف صعبة، الأسد تأخر في إدخال الإصلاحات، بالرغم من رغبته في الإصلاح وسقط ضحايا كان يمكن أن لا يسقطوا،بالطبع يتحمل مسؤوليتها من هم في السلطة ،لأننا ابلغنه بأنه عليه أن يجري إصلاحات والتحضير لانتخابات حرة والجلوس على طاولة الحوار مع المعارضة،لأننا لا يمكن مساعدته كما حصل مع القرار 1973 مع ليبيا.وتأكيد على تصريح السناتور مرغيلوف في موسكو بان صديق موسكو الوحيد هو الشعب السوري يعني بأننا أصبحنا فعليا أمام تغير في الخطاب الروسي الرسمي.

روسيا إذا تساوم الغرب على الحفاظ على مصالحها الخاصة والتي تهم دولة الاتحاد الروسي ، ومن هنا لبد من الإشارة بان صقور الكريملين في روسيا لا يدافعون عن نظام راحل دون عودة ولا يستطاعون تحمل جرائم النظام السوري الذي يرتكبها ضد شعبه .

فأمام هذا التحول في الخطاب الروسي المتوازي مع الخطاب الدولي في رفع النبرة ضد نظام الأسد،وبظل تمدد الحراك الداخلي السوري الخارج وعن انضمام المزيد من المحتجين إلى حركة الثورة السورية،وبظل فشل الحل الأمني والعسكري في الإطباق على المدن من قبل القوات العسكرية ،وبظل المشاركة القوية للمدن المحتلة ،لبد من القول بان النظام السوري يتلاش شيا فشيا ،أمام حركة الشارع اليومية والتي تمنع النظام السوري من الصمود بوجه قوته .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى