صفحات سوريةغسان المفلح

الثورة السورية ونقد أسلحتها


غسان المفلح

لم تتعرض ثورة في التاريخ لكل هذا الكم الهائل من الانتقاد والتشهير والتجهيل، كما تعرضت له وتتعرض له الثورة السورية. المشكلة تكمن اساسا عدا عن المصالح والنوايا السيئة، والمضمرات والمعلنات منها، هنالك اس حقير يكمن خلف هذا الكم، وهو وضع الثورة في ميزان المقارنة مع العصابة الحاكمة..وهنا اخطر ما في المقاربات التي تتناول الثورة تشهيرا بشكل خاص، ويتزعم هذا الاتجاه ثلاث قوى تتمحور في:

– اتجاه رفض التدخل العسكري الدولي، وهذا ما تغطيه فعاليات غربية كثيرة، وكل ذلك من أجل تبرير عدم التدخل، وبعضها يريد احداث دربكة وتشويش في الرأي العام اتاحت للعصابة الحاكمة مزيدا من الوقت في قتل شعبنا السوري وتدمير حياته اليومية.

– اتجاه ارتبط وثيقا بالفهم الاسرائيلي لطبيعة الوضع السوري ودعمهم غير المحدود للعصابة الحاكمة، وتلاقى ذلك مع ما يمكننا تسميته بالاسلام فوبيا، وآخر صيحاته هو الفيلم الذي لم تعرف هويته بعد، اتاحت لنفس القوى ان تحدث بلبلة جديدة في اجواء ما يسمى الربيع العربي، واستنفار القوى الاسلامية المتشددة والتي غالبها ما كان ولايزال مأجورا عند البنية الاستخباراتية في الشرق الاوسط..ولسان حالهم أرأيتم هذا هو الربيع العربي..

– الاتجاه الآخر هو الذي يتزعمه من يسمون انفسهم بالعلمانيين، وكثر منهم ينحدر من أقليات لها دوافعها المتعددة، وهنا يتلاقى معظم هذا التشهير مع ما تطرحه وسائل اعلام العصابة الأسدية، وحزب الله وإيران وروسيا..وهؤلاء أيضا يجمعهم مع البقية رفض التدخل الدولي ورفض تقديم أية مساعدة أو عونا للشعب السوري..

من ينتقد الثورة لم أرهم يتحدثون عما سمي بسوق السنة في المناطق الساحلية، وهو عبارة عن سوق يعرض فيه عسكر العصابة الأسدية وشبيحتهم ما نهبوه من بيوت الناس في المدن الأخرى، أي أنها غنائم حرب من أهل السنة ورزقهم..عجيب… مع ذلك الثورة أية ثورة هي ثورة لأنها اصلا هي حالة نقدية للوضع القائم أولا من أجل تغييره..فأية ثورة لا تستوعب النقد ليست بثورة..لكن ثورتنا السورية، لها وضعها الخاص..لم يدفع شعبا في التاريخ ثمنا لحريته كما دفع شعبنا..لم يترك شعبا أيضا دون مساعدة حقيقية كما ترك شعبنا في مواجهة تحالف اصوليات دينية وطائفية وعنصرية ودولية…والقائمة تطول.. كان اداء القوى الاسلامية التي خرجت وتدعي الاسلام زورا وبهتانا وقامت بقتل السفير الامريكي إنما هم عبارة عن ثلة من المرتزقة مدعومة أصلا من القوى ذاتها، يريدون الانتقام للقذافي ولصدام وللأسد ولإيران…أية مهزلة وإسرائيل ليست بعيدة عن تلك الخارطة المعقدة..

لم يرف جفن مقتدى الصدر في العراق لدماء الشعب السوري واطفاله كحال بعض اسلاميي من خرجوا في تونس مصر وليبيا واليمن..الخ..هذا الخروج العنيف في الواقع هو ما أراده اصحاب الفيلم والقائمين عليه.. ومن يدعون الاسلاموية اعطوهم هذه المادة على طبق من ذهب… الاسلاميون مشكلة في طريقة تعاطيهم مع بعض الاحداث،هذا صحيح ولكن كيف يمكن ادراجها نقديا؟ سنعود إليها في مقاربات لاحقة.. منذ بدء الثورة السورية والخارطة التشهيرية بها قائمة في كل الميديا العالمية والاقليمية والداخلية.. الخروج من المساجد هذا اول انتقاد تشهيري وجه للثورة السورية..ثم جاء دور التسلح والتشهير بالجيش الحر.. وكأن الجيش الحر هو حزب ملائكة!!

مع ذلك حتى ولو كانوا كذلك ونتمنى ان يكونوا كذلك، إلا أن العنف له مقتضاياته وشروطه التي يفرضها على الجميع..هنا يجب الحديث عن أس هذا العنف… السلاح المنتشر فرضه عنف العصابة الأسدية، بعدها يمكننا الحديث عن أن انتشار هذا السلاح اصبح من ضمن لعبة العنف ذاتها..وبالتالي التخلص من العنف يجب ان يتم عبر التخلص من اسه المعروف للقاصي والداني..الدفاع الاهلي عن النفس..بعد أن فشلت التظاهرات السلمية لمدة أشهر في الدفاع عن الناس بسبب شدة القتل للمدنيين الذين بقوا ولايزالوا دون حماية من احد، هذه المعادلة أوصلتنا لكي يحمل المجتمع الاهلي السلاح دفاعا نفسه وعن رمزياته وامواله واعراضه التي انتهكت وسرقت واستبيحت.. المجتمع الاهلي لم يكن لديه قيادة عسكرية.. ليس جيشا منظما.. اللاعب الاقليمي والدولي ايضا ليس مسيحا..التضامن مع المجتمع الاهلي السوري من بعض الفئات في المجتمعات العربية الأخرى ليست جريمة..وليست قاعدة وجهاديين منتشرين بل هي في الاساس مساعدة وتضامن مع شعبنا…

إن عنف العصابة الأسدية المستشري وفشل المجتمع الدولي في حماية مجتمعنا الاهلي يعد سببا رئيسا في حمل السلاح في سورية.. فكما نرى تفتح المجتمع الاهلي سياسيا..أيضا عندما حمل السلاح تعددت الرايات السياسية لهذا السلاح وهذا طبيعي من وجهة نظري..

ولا علاقة له بالحوادث الفردية هنا وهناك.. مطلوب منا بدل هذا التشهير ان نجد طريقة ما لدعم الثورة واسلحتها، أو حمل المجتمع الدولي على التدخل، لأن العصابة الأسدية ومن يقف معها لاتملك أي أفق سياسي…حالات الانتقام مفسرة لكنها ليست مبررة بأي حال من الاحوال.. شعبنا يواجه مصيره وحيدا…لهذا كلما شعر بمزيد من هذه الوحدة كلما توجه أكثر إلى الله ورمزياته.. وهنا تكمن القضية..

دعونا لانكذب على الناس وعلى انفسنا..تواطأتم جميعا على ترك شعبنا وحيدا والان تطلبون منه أن يرمي اسلحته ويسلم نفسه للعصابة الأسدية من جديد..و الجميع يعرف أن هذا لن يحصل..وحيدا سينتصر هذه هي المعادلة.. وانتصاره بدء منذ اللحظة الذي خرج فيها سكان حوران للتظاهر ضد هذه العصابة..وهو مستمر في انتصاره.. الخوف على مستقبل البلد حق للجميع..لكن لن يكون بلدا إذا بقيت فيه العصابة الأسدية.. هنا جوهر المشكلة وهنا علينا التفكير بكيفية اقتلاع هذه العصابة العائلية..وهنا يجب توجيه كافة الجهود وعدم الدخول في مهاترات تعتبر عمليا خارج الموضوع..

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى