صفحات العالم

الثورة السورية

 


دارين هانسن

ما إن اشتعلت الثورات المطالبة بالحرية والتغيير في كل من مصر وتونس ، حتى صارت البلدان العربية الأخرى تحسب احتمالية اندلاع الثورات فيها. كثيرون منا ظنوا بأن الوضع في سورية أفضل بكثير من باقي الدول العربية ،وأخرون اعتقدوا بأنه حتى لو اندلعت الثورات في سورية فردة فعل الحكومة لن تكون مثل باقي الدول. وبالفعل لم تكن لا من ناحية الشكل الخارجي لتلك المظاهرات ، ولا من جهة رد فعل الحكومة والجيش تجاهها. حيث أن الشكل الخارجي لتلك المظاهرات يتكرر نفسه كل يوم جمعة في نفس المناطق ومن نفس الجوامع . وردة فعل الحكومة تتصعد كل جمعة ، حيث بدأنا نسمع مؤخراً بأن السجون قد امتلأت بالمعتقلين فصارت الصالات الرياضية أماكن لإعتقال المزيد. ولم يكتفوا بالقتل الفردي للأشخاص ، ولكن طوروه أيضاً إلى شكل أخر كالمقابر الجماعية في درعا. وكل هذا و المظاهرات سلمية تنادي بالحرية . ولكن كل من يتابع عن كثب الثورة السورية ، يمكنه أن يلاحظ نقطتين : رقعة الثورة السورية معروفة باستثناء بعض النشاطات التي تحدث في بعض الأماكن الأخرى التي لم تصلها الثورة الحقيقية بعد، ويتم قمعها من قبل الحكومة. والنقطة الأخرى و الأهم هي : حجم المشاركة النسائية في هذه الثورة .وبالطبع أريد أن أنوه هنا إلى الدور الذي قامت به بعض النساء ممن اعتقلن وتعرضن للتعذيب والقمع ولكنهن ما زلن يناضلن ويطالبن بحقوقهن. ولكن الحجم الذي أتكلم عنه هو عن مشاركة النساء في الشارع في التظاهر السلمي الحضاري، وكما هو معروف فإن نساء سورية يمثلن جميع طبقات المجتمع ، فهناك المرأة العاملة وربة المنزل والحقوقية والناشة الإنسانية والمدرسة وإلخ. ودمشق وكما هو معروف يوجد بها عدد لا بأس به من المنظمات والجمعيات النسائية التي تبنت قضية المرأة والطفل للدفاع عنها و النهوض بها . ولكن الغريب أننا إلى الأن وبعد مضي ما يقارب شهرين على اندلاع الثورة السورية لم نسمع بأي من نشاطات تلك الجمعيات، على الرغم من الإنتهاكات العنيفة التي تتعرض لها بعض النساء في المعتقلات ، وعلى الرغم أيضاً من ازدياد عدد الأطفال في السجون ، إلا أننا لم نسمع صوت تلك الجمعيات. وكلما فكرت بهذا الموضوع أحاول أن أجد عذراً لهم كضعف او انعدام التغطية الإعلامية . أما بالعودة إلى رقعة الثورة السورية ، أريد أن أنوه إلى شيء . سورية معروفة بالتعدد و التنوع الطائفي والعرقي. وهذا ما يعطيها خصوصيتها. فمع تجدد المظاهرات في نفس الرقعة تتزايد سيناريوهات الحكومة التي تهدف إلى إضعاف وتشتيت الثورة ، وقولبتها بقالب يخدم مصالحها ويضمن انضمام بعض من أبناء الشعب لها عبر التغطية الإعلامية المغرضة. حيث سمعنا بسيناريوهات كثيرة وكان أخرها هو سيناريو السلفية التي تنشره الحكومة وإعلامها والذي لم يقتنع به أي عاقل يعرف الشعب السوري. ولكن الحكومة لربما استمدت هذا السيناريو من أن الثورة تنحصر في مدن محافظة و أهلها متدينون بينما المدن الأخرى تقف على الحياد. وهنا سؤال أريد ان أتوجه به إلى هؤلاء الذين يقفون على الحياد. ما هي مطالبكم وإلى أي مدى يستطيع الإعلام السوري أن يقنعكم؟ و إذا كنتم ممن يؤمنون بالإصلاح بأقل الخسائر ، فالسؤال يكون : أي إصلاح تنتظرون أمام العنف والسلاح و المقابر الجماعية والإعتقالات العشوائية. اشتقنا إلى صورة ميدان التحرير في مصر حيث وقف الشعب يد واحدة . و أتساءل أين ميدان التحرير في سورية.

دارين هانسن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى