زين الشاميصفحات سورية

الثورة السورية


زين الشامي

تطورات عديدة شهدها الملف السوري أخيرا وخاصة لناحية الدعوات التي وجهها أقرب حلفاء النظام الاقليميين، ايران وحزب الله اللبناني، الذين طالبوا نظام الرئيس بشار الأسد القيام بإجراء اصلاحات وتحقيق مطالب الشعب. فها هو وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي يدعو الحكومة السورية لأن تلبي «المطالب المشروعة لشعبها».

هذا الموقف سبقه عدة إشارات ايرانية استوقفت المراقبين للعلاقة السورية – الايرانية، اولها تمثلت في تغيير السفير الايراني في دمشق احمد موسوي بمحمد رضا شيباني، وسط تقارير اكدت ان السلطات السورية اعربت عن قلقها من هذا التغيير الذي تزامن مع سحب سفراء عدد من الدول الخليجية والعربية. من ناحيتها مصادر ايرانية في المعارضة ومحسوبة على «مير حسين»، قالت ان السلطات السورية اعتبرت القرار تأييدا لتفاقم الازمة في البلاد.

وكانت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية نقلت عن مصادر في المعارضة السورية أن مسؤولين إيرانيين اجتمعوا مع معارضين سوريين في إحدى العواصم الغربية وبحثوا الأزمة الراهنة في البلد. وقالت «إن حزب الله اللبناني سعى بدوره إلى خوض محادثات مباشرة مع معارضين سوريين، معتبرة أن أمينه العام حسن نصر الله بدا في خطابه الأخير، أقل حماسة في دعمه للرئيس الأسد عما عبّر عنه في خطاباته السابقة».

ايضا، كان لافتا الزيارة التي قام بها أمير قطر إلى طهران الذي يعتقد أنه حضّ النظام الإيراني على الحفاظ على مسافة بينه وبين النظام السوري، ومعلوم ان هذه الزيارة تأتي بعد ان طالبت الولايات المتحدة وبريطانية وفرنسا والمانيا وكندا واليابان وغيرها، من الرئيس بشار الأسد التنحي من الحكم. وبعد التطورات الدراماتيكية في المواقف العربية والتي عكست نفسها في البيان الصادر عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حول الأوضاع في سورية، وبعد المواقف المتقدمة للجامعة العربية التي طالبت نظام دمشق بوضع حد فوري للعنف واراقة دماء السوريين.

بالتزامن مع هذه التطورات على المستوى الاقليمي، بدأ ناشطون يقودون التظاهرات في المدن السورية يرفعون لافتات تطالب بتوفير الحماية الدولية للسوريين من بطش القوات الامنية والجيش الذي لم يتوقف عند استخدام الدبابات والمدافع ضد المتظاهرين، بل دخل مرحلة استخدام الطائرات.

في شريط فيديو نشر على اليوتيوب منذ أسبوعين في احدى بلدات محافظة درعا، تظهر بوضوح لافتة كتب عليها: «الشعب يطلب الحماية الدولية»، وفي شريط آخر من محافظة ادلب في أقصى الشمال رفع ناشطون لافتة كتب عليها باللغتين الانكليزية والعربية:

«نحن في حاجة الى الحماية الدولية».

في شريط الفيديو المسجل في درعا شوهدت لافتات لبعض المتظاهرين تقول «نعم لقوات الردع العربية». وهناك المزيد من الجدل في اوساط المعارضة حول التدابير الجديدة التي تتراوح بين المطالبة بتدخل عسكري وفرض منطقة حظر الطيران فوق سورية. أيضا وفي خطوة غير مسبوقة دعا احد المعارضين السوريين المقيمين في الخارج السوريين الى حمل السلاح، وطالب بالتدخل العسكري الدولي.

ورغم ان لجان التنسيقيات المحلية قالت في بيان لها انها تتفهم الدافع لحمل السلاح أو الدعوة إلى التدخل العسكري، لكنها عبرت عن رفضها لمثل هذه الدعوات واعتبرت ان ذلك غير مقبول من الناحية السياسية والوطنية والاخلاقية.

لكن هذا الموقف المتقدم للتنسيقيات نظريا، من المرجح انه لن يفيد في الاجابة عن أسئلة المحتجين عن سؤال: وماذا بعد كل هذا القمع وماذا بعد كل هذه الضحايا؟؟

كل المؤشرات تقول ان الدعوات لطلب الحماية الدولية وربما التدخل العسكري بين المتظاهرين سوف تزداد يوما بعد يوم طالما ان النظام السوري مستمر في نهجه وخياره الامني والعنفي في التعامل مع المحتجين.

ان هذه التطورات، نقصد طلب بعضهم للحماية الدولية والدعوات المتزايدة للتدخل العسكري او التسلح، تشكل خروجا كبيرا عن موقف المتظاهرين على مدار الستة أشهر من عمر الاحتجاجات الشعبية حيث كان يرفض النشطاء أي تدخل عسكري أجنبي على غرار تدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا. ان ذلك يعتبر مؤشرا لتنامي الاحباط بين المحتجين والى ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات نتيجة القمع الوحشي لقوات الرئيس بشار الأسد وعناصر الشبيحة الموالية له. ووفقا للمنظمة الوطنية لحقوق الانسان فقد قتل 3100 شخص منذ بدء الانتفاضة في منتصف شهر مارس وحتى نهاية شهر أغسطس. هذا عدا عن عشرات لآلاف من المعتقلين والمهجرين الى تركيا ولبنان والاردن الذين نزحوا اثر عمليات اقتحام الجيش لبعض المدن والبلدات الحدودية مثل تلكلخ وبانياس وجسر الشغور وكل محافظة درعا تقريبا إضافة الى حماة وحمص ودير الزور.

ما نود قوله في النهاية، ان هذه التطورات الاقليمية والداخلية في ما يخص الانتفاضة السورية، تؤشر لمرحلة جديدة ومختلفة عن تلك التي مضت، مرحلة يمكن وصفها بالمرحلة الاخطر او الممهدة لسقوط النظام.

كاتب سوري

الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى