صفحات العالم

الجامعة العربية بين سوريا والبحرين


محمد الوادي

يبدو ان علل الزمان الكالح لاتريد ان تغادر امتنا العربية المغلوبة على امرها، فبعد البشائر التاريخية بسقوط ديكتاتوريات مزمنة مثل اصنام العراق وتونس ومصر وليبيا ومعهم صنم الجامعة العربية السابق عمرو موسى وايضا تأهل اصنام اخرى للسقوط، لكن يبدو ان هذه الانجازات الشعبية العربية قد علق بها شوائب لاتقل خطورة عن سابقاتها في العمل العربي البائس تاريخيا والعقيم في حاضرنا الغريب. فلقد كانت جامعة عمرو موسى مكبلة بيد عدد من الدول العربية تسببت بخسائر قريبة منظورة واخرى بعيدة المدى تنتظر استحقاقتها حينما تحول العمل العربي المشترك الى تمحور وانفراد شهد اشواط من الخدر والسبات الذي لاتحمد عقباه.

لكن جامعة نبيل العربي الامين الجديد للجامعة سجلت تدهورا غير مسبوق حينما تحولت الجامعة ورئيسها الى مجرد تابع لصغار القوم من الدول العربية الصغيرة والهامشية بعد الغياب المؤقت والاضطراري للدول العربية الرئيسية والكبرى والمؤثرة مثل العراق ومصر وسوريا وليبيا واليمن والجزائر والسودان، فبدون مقدمات تحولت دولة عربية صغيرة الى محور ارتكاز اساسي في عمل الجامعة وفي غفلة يجب ان لاتطول طويلا وان تتنبه لها كل الدول العربية الرئيسية بما فيها دول الخليج العربي والاردن الداعمة لهذا الدور حتى هذه اللحظة.

ومن الواضح ان دول الخليج العربي ترى وتراقب بوضوح هذا الدور الاستثنائي لكن هذه الدول استغلت النشوة القطرية في بحثها الغريب والمستمر عن دور الريادة لذلك عززت دول الخليج هذا الدور القطري ودعمته ولو لبعد حين معلوم المراحل والتوقيت، لان دول مهمة في الخليج العربي مثل السعودية والامارات لايمكن ان تسمح لدولة اخرى وان كانت عضوا في مجلس التعاون الخليجي ان تتمدد على حسابها وفي مساحات اصبحت اكبر من شاسعة واكثر من خطيرة. لذلك يبدو ان بعض الدول العربية ومعها دول غربية اساسية قد استخدمت قطر ” ككماشة نار ” لتحقيق اهداف في الاصل هم متفقين عليها، وسيكون من المنطقي ان تتعالى الاصوات والتقاطعات في مرحلة سابقة بعد اتضاح الصورة وتفاصيلها واتضاح نتائج الرهانات الخليجية والغربية في المنطقة العربية.

وفي ظل هذه الاستثناءات الخطيرة في المنطقة العربية يبدو ان طريقة معالجة الملف السوري تحت يافطة الجامعة العربية هو الاكثر خطورة في وقتنا الحالي، فلقد تم عزل سوريا ” من العمل الرسمي للجامعة العربية ” في سابقة خطيرة وفي قرار يبدو في عنوانه انه عربي لكن من الواضح في جوهره ودوافعه ومقاصده بصامات غربية واخرى لاسرائيل وتركيا. ولانه وببساطة متناهية اذا كان المطلوب الديمقراطية في سوريا فهل الدول العربية التي سعت وعملت لاصدار هذا القرار النكسة هي صورة مشعة ولو بجزء قليل للديمقراطية المطلوبة !!.

من جانب اخر الثابت ان هناك حق للشعب السوري في حياة ديمقراطية وحقوق انسانية لاغبار عليها، لكن ايضا من الثابت ان هناك دول عربية ومعها تركيا لعبت دور طائفي مقيت في سوريا وفي التحريض على الحرب الاهلية التي بدات منذ اشهر بحرب اعلامية مسعورة ومفبركة بشكل صارخ عن الوضع السوري. واذا كانت هذه الدول المعنية لها داوفعها الطائفية المعروفة فان دور الامين العام للجامعة العربية لايمكن وضعه الا في خانة ان المجلس العسكري المصري مازال يتصرف بنفس وروح الصنم الساقط حسني مبارك بل ليس للتردد من مكان في القول ان مصر حسني مازالت ” شغالة ” كما يقول أهل مصر ومن سمات “مصر حسني ” اذا جاز التعبير ان كل شيء معروض للبيع والشراء بما في ذلك المواقف العربية وحتى اذا أضرت باي دولة وشعب عربي اخر. وحتى يستعيد شعب مصر منصة ثورته وروح نصرها الكبير فان من الواضح ان الجامعة العربية مازالت مستمرة كمطية لتحقيق اهداف سياسية وطائفية لمحور معين داخل هذه الجامعة الكارثة خاصة مع المليارات المعلنة من بعض الدول النفطية والتي دعمت اقتصاد المجلس العسكري المصري تحت عنوان دعم مصر ناهيك عن انواع دعم اخرى بالتاكيد ستكون غير معلنة ولاتخرج عن خانة الرشوة و شراء المواقف و الدعم المالي الشخصي. فقرار الجامعة هو قرار غير قانوني ويخالف نصوص صريحة في ميثاق عملها، وهو قرار تحريضي لايبحث عن حلول سلمية ومدنية وديمقراطية بل جوهره الثار والتشفي وتصفية الحسابات الطائفية، لذلك فان ضرره سيصيب كل الشعب السوري دون استثناء وايضا ستصل شرارته الى كل المنطقة.

وان الجامعة العربية اليوم هي الاخطر على الاطلاق على الامة من اي طرف خارجي اخر لانها بمثابة ” أفعى بيت ” وليس أفعى خارجية وان جامعة العربي تحولت وبامتياز الى أداة غربية وعثمانية وطائفية وهنا تكمن خطورة هذه المطية الطائفية المقيته.والاكثر غرابة ان هذه الجامعة بامينها الخاص وليس العام وبروادها الاستثنائيين ياخذها العمى وهي ترى دبابات صالح تقصف منذا اشهر في صنعاء بل ان هولاء جميعا يصيبهم ” العور ” ففي عين مفتوحة على الاخر يضخمون الامور في سوريا ويحرضون على العمل المسلح داخل البلد وبعين اخرى عوراء لايريدون ان يروا فيها الثورة السلمية لاهل البحرين وهم يطالبون بحقوقهم الانسانية والشرعية والدستورية. ان عروبة سوريا كعروبة العراق حرة اصيلةونقية و لاتحتاج الى صك من هذا الطرف او ذاك وان الدخول او الخروج من الجماعة العربية لايجب ان يكون ذات أهمية طالما بقيت هذه الجامعة جسرا للاهداف الطائفية المقيته وايضا جامعة عوراء تراقب وتحرض على البعض وتتجاهل القريب الجيران الدامي.فاليك بهم ياشاعر الحب والحياة نزار قباني وانت تقول :

دمشق ياكنز احلامي ومروحتي.. أشكو العروبة ام اشكو لك العربا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى