صفحات الناسوليد بركسية

الجبهة الجنوبية” في الإعلام الاجتماعي أيضاً/وليد بركسية

 

 

 

مشهدان متداخلان تظهرهما الهيئة السورية للإعلام، للجبهة الجنوبية. الإنجازات العسكرية، التي لا تُفصل عن الواقع الإنساني والتعددي في سوريا.. فالمقاتل، يحتل جانباً من الصورة، فيما يحتل الأطفال وكبار السن جانباً آخر منها.. وتتضاعف المشهدية تأثيراً بإبراز علاقة الجبهة الجنوبية باحترام الحريات الدينية للمواطنين، وتحديداً المسيحيين في المنطقة.

تظهر تلك الصور في فيديوهات حملة “الجبهة الجنوبية عنوان النصر” التي أطلقت اليوم، بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لتأسيس الجبهة الجنوبية في سوريا، ومع تصاعد الأحداث الميدانية في درعا والقنيطرة أخيراً. الحملة أطلقتها الهيئة السورية للإعلام “SMO”، وتستمر ثلاثة أيام، وتغطي محاور إعلامية متعددة، لتسليط الضوء على الجوانب العسكرية والإنسانية والخدمية بمختلف أشكالها في جنوب البلاد.

تهدف الحملة إلى “إثارة الوعي وحشد الرأي العام” حول الجبهة الجنوبية التي تمكن أفرادها طوال العام الفائت من تحقيق “انتصارات نوعية” في الجنوب السوري، ضد قوات النظام المدعومة من مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وذلك عبر مواد منظمي الحملة إضافة إلى مشاركات الجمهور في مواقع التواصل الاجتماعي. وأنشأ المنظمون حدثاً افتراضياً للحملة في “فايسبوك”، إضافة إلى حساب الهيئة السورية للإعلام في تويتر، فيما يجمع كل المشاركات، هاشتاغ الحملة الأساسي: باللغة العربية # الجبهة_الجنوبية_عنوان_النصر ، ونظيره بالانجليزية: #SF_Victories.

وأتت فكرة الحملة من مرور عام كامل على إعلان تشكيل الجبهة الجنوبية من اتحاد فصائل مقاتلة، في تنظيم واحد، وذلك “لتكريم دماء شهداء الجبهة وجهودهم المبذولة وتضحياتهم المتواصلة وعطائهم المستمر لتحرير سوريا والانتقال بها الى دولة الحرية والعدالة والمواطنة” كما توضح منشورات الحملة في “فايسبوك”.

ويضيف أحد منظمي الحملة، ياسر الرحيل، لـ”المدن”، أن “الهيئة السورية الإعلامية كنافذة للجبهة الجنوبية تسعى من خلال الحملة إلى إيصال الصورة الحقيقة عن الجيش الحر في المنطقة بالتعاون مع عدد من المكاتب الإعلامية وصفحات الثورة عبر إنتاج مواد إعلامية مكثفة لإيصال هذه الرسالة”، شارحاً دور الجمهور في الحملة: “نريد أن نتشارك مع الناس مشاعرهم تجاه إخوانهم في الجيش الحر عبر رسائل كتبوها من مختلف مناطق سوريا ومن عواصم العالم”.

وتركز الحملة على محاور ثلاثة، في أيامها الثلاثة. الأول، يسلط الضوء على “إنجازات الجبهة الجنوبية خلال العام الماضي”، والثاني يوضح للجمهور “كافة الخدمات التي توفرها الجبهة في المناطق المحررة”، بينما يسعى الثالث إلى “تكريس رؤية الجبهة الجنوبية ودورها في الفترة المقبلة”، مع تزايد حدة المعارك في ظل “الحملة الشرسة من قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وقوات النظام لمنع تقدم الجبهة الجنوبية باتجاه دمشق”، حسبما يوضح الرحيل.

تتعدد أساليب الحملة لإيصال رؤيتها. فهناك المقالات والمعلومات الدقيقة المتدفقة عبر المنشورات ومقاطع الفيديو والخرائط التي تبين أماكن المعارك ونقاط النزاع وما شابهها. وهناك أيضاً الأساليب العاطفية التي تصور في الغالب أطفالاً سوريين يحملون شعارات الجبهة الجنوبية، وصولاً إلى أساليب البروباغندا التي تنشر صور المقاتلين مع عبارات المديح المبالغ فيه “لقوتهم وبسالتهم”.

البرومو الترويجي للحملة يأتي مباشراً وسريعاً ليتختصر في دقيقة ونصف الدقيقة، كل ما يريد منظمو الحملة قوله، حيث ينطلق الفيديو من تصوير علاقة مقاتلي الجبهة الجنوبية مع محيطهم الاجتماعي وتحديداً علاقتهم الطيبة ورعايتهم للأطفال والنساء في مشاهد من الحب والاحترام مع خلفية موسيقية مؤثرة، قبل أن يتحول إلى تصوير المقاتلين خلال المعارك مع أصوات القذائف ورشقات الرصاص، لينتهي بشكل رمزي حالم بغد أفضل لسوريا عموماً مع دعوة نصية للمشاركة في الحملة، من دون تعظيم خيالي لحالة المقاتلين، أو تصويرهم بشكل أسطوري، بل ببساطة شديدة مع إتقان في المونتاج والمؤثرات البصرية.

في السياق، أنتجت الهيئة السورية للإعلام 11 مقطع فيديو مختلفاً خصيصاً للحملة، يمكن فرزها في محورين. الأول يرصد تشكيل الجبهة الجنوبية وأبرز إنجازاتها خلال العام الماضي (عام من التقدم، تحرير اللواء 82 في درعا)، فيما يركز الثاني على إبراز الصورة الإنسانية لمقاتلي الجبهة الجنوبية واحترامهم لمبادئ وحقوق الإنسان في العموم مقابل الانتهاكات التي يقوم بها النظام السوري، وهي مقارنة غير مباشرة يمكن لمحها بين الفيديوهات المختلفة (اعتدال الجيش السوري الحر أساس النصر، احترام قادة الجبهة الجنوبية لحقوق الإنسان، المدافعون عن الحرية).

مستقبل سوريا العادل والآمن هو البُعد الخفي الموحد في كل مقاطع الحملة على اختلافها، وسط تأكيد على أن العمليات العسكرية ليست عبثية أو لمجرد العنف، بل هي خطوة ضرورية للوصول إلى الحرية التي يعقبها بناء الدولة المدنية التي تحترم حقوق الإنسان وفق مبادئ العدالة الاجتماعية.

وتحاول الحملة بذلك الابتعاد عن تمجيد العسكرة والعنف، كما هو الحال في حملات أخرى، وسط تزايد وتيرة الدعوات لإيجاد الحلول السلمية في البلاد. وتمثل الحملة بذلك حلقة جديدة في سلسلة وجهات النظر المتباينة بين جدوى الحل السلمي في مقابل فعالية الحل العسكري. ويشرح الرحيل وجهة نظر الحملة حول هذه النقطة بالقول: “لا نبحث في الجبهة الجنوبية عن العسكرية والقتال والعنف، إنما الهدف الرئيسي لنا هو صد الظلم والعدوان وانتهاكات النظام بحق الشعب السوري. هدفنا الأول والأخير هو إحلال السلام في بلدنا ثم الانطلاق لبناء الدولة”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى