صفحات سورية

الجزيرة سلفية مندسة ومسلّحة والعربية تصعد وتنزل حسب المذيع!


أحمد عمر

  أدار الإعلاميون الفضائيون المريخيون ظهرهم لقناة الجزيرة هذا الأسبوع، ولم يظهر عليها سوى أحمد الحاج علي والباحث المستقل نبيل السمان، ولعلهم يرمون من وراء عزلها وحصارها إلى دفعها إلى الموت والجفاف غما وكمدا وحسرة على أناشيدهم الرخيمة.

مع أنّ الجزيرة أكثر رصانة، ومهنية لكنها في الوقت نفسه، أكثر منهجية؛ دليل ذلك نقلها رسالة العالم المصري زغلول النجار في صباح ‘جمعة ارحل’ إلى علماء سورية، الذي نجا من التخوين والتكفير والدولرة. مشكلتهم مع الجزيرة أنها سلفية ومندسة ومسلّحة. أما العربية، فيتعاملون معها على مضض ويرْشون مذيعاتها بمعسول الكلام، وطيب الخطاب، فالعربية تعلو وتنزل في أدائها مع أحداث الانتفاضة السورية حسب المذيع.

مسرح الشعب

غاب العنصر المسرحي عن المظاهرات السورية، ثمانية أسابيع حسوما. المسيرات العفوية أو اللاارادية التي استمرت في الحقبة السابقة، كانت تمشي بعجلات معدنية، وبعصا الكونترول؛ يكبس الحزب على الزر، فتخرج الجماهير مثل المعجون من العصارة وتهتف هتافات نووية، ما أن يسمعها العدو الاسرائيلي حتى يعود إلى كهوف ومغاور تل أبيب خوفا من هذه الأصوات الاسرافيلية التي تنفخ في الصور!

حضر العنصر المسرحي في ميدان التحرير في اليوم السابع، واستمتعنا بالطرائف والشعارات والأناشيد ورؤية المستحيل الرابع؛ عنقاء الشعب تخلع الغول عن العرش. كما خلقت الثورة التونسية عدة إيقونات مثل احمد هرمنا والمحامي عبد الناصر العويني.. أما السوريون فتأخروا في المسرح الثوري، لكنهم جاؤوا ، يتقدمهم أهل حمص في المسرح الكوميدي، فقد ظهر حمصي مسلّحا بحزام مزرود من طلقات البامياء، ومكمّى بهاون انبوب مدفأة، ومشكّى بقنابل من الباذنجان الأسود، ومدجّجا برمانات من الكوسا، المشهد ذكرني بقول الشاعر نزيه أبو عفش: ونرشّ على الموت سكر. وذكرني بقول محمود درويش: هتافات شعب يصعدون إلى حتفهم باسمين. أما العنصر المسرحي الثوري الدرعاوي فكان ملحميا وتراجيديا وهو ينشد ‘أو ينشج’ ويناشد المدن الجريحة والمحافظات والقرى الثكلى ويشهّد الله على انه معها حتى الموت: تلبيسة نحنا معاك للموت، تلبيسة… فجلس الخلق، في الأرض وفي السماء السابعة، مشدوهين؟

بشرى سارة

استأثرت الإخبارية السورية بمقابلات شخصيات اللقاء التشاوري المعارضة (اكسكولسيف)، أو أنها احتكرت ‘صيدهم’ في حفرتها الإعلامية التي حفرتها في فندق سمير أميس الضيق، وربما رفضت زميلتاها مقابلة ‘المندسين’ الخونة. وقد اخترعت ‘الإجبارية’ السورية مصطلحا تلفزيونا جديدا في علوم البث الفضائي اسمه ‘بدون مونتاج’ ويعتقد انَّ الويكيبيديا ستضيفه إلى مصطلحي ‘مباشر’ و’تسجيل’ و’حصري’ فأنعم وأكرم بها من خلة.

وقد ذكرني المصطلح بنكتة شهيرة للص دخل محلا خاليا، ولما فاجأه صاحب المحل بعودته، على حين غرة صاح اللص رافعا يديه الى الأعلى منكرا السرقة: أي مونتاج؟ والله ما سرقت شيء؟

أحرز النظام السوري ‘المنضم’ ثلاثة أهداف من لقاء سمير اميس التشاوري فيما أحرزت المعارضة نقطة واحدة مهددة بالحذف، أو نصف نقطة (هي العلنية) أو ربما أحرزت ضربة جزاء لم تسددها بعد إلى مرمى النظام السوري، فهو الذي يمسك بصفارة الحكم، وسيحدد الشائط، وقد يخرجه بالبطاقة الحمراء؟ فلم يكن التاريخ يتوقع أن يتحول ربيع دمشق إلى خريف اصفر في غمضة عين أو في صفرة شرطي. وليس غريبا أن تُنشر مذكّرة حكومية بالقبض على سمير اميس بتهمة توهين نفسية الأمة! إنها امة من خيوط العنكبوت!

تمّ حشر المعارضة في فندق صغير، وسلّط عليهم مراسلون التهموا فياغرا التخوين قبل المؤتمر فهجموا على فايز سارة، وقصفوه بالأسئلة الانشطارية والعنقودية المحرمة إعلاميا، وكادوا أن يخرجوه عن طوره فقال لإحدى الإعلاميات (الساديات) التي كانت تريد انتزاع جملة تتقوت بها فضائيتها من لحم المعارضة الحي: أنا أقول كلاما مفيدا من قبل أن تولدي! وقرفص سارة، وصوّرت الإخبارية هذه القرفصة وكأنها خيانة عظمى، فالمسؤولون السوريون لم يقرفصوا أبدا في حياتهم، لقد قضوا اعمارهم في الخنادق وعلى خط النار واقفين!

شوقي بغدادي وقع في شراك أسئلتهم، وقال كلاما ثوريا وآخر إصلاحيا، ونطق بجملة شبيهة بجملة القرضاوي التي أصبح على أثرها طائفيا وعميلا للريال القطري، وقد حاول بغدادي الهرب من دبابير أسئلتهم لكنّ مراسلا كاد أن يجفف دموعه بكم شوقي بغدادي وهو يقول: تصور.. سنة وأنا محروم من العودة إلى جبل الزاوية بسبب الجماعات المسلحة. فواساه بغدادي، وكفكف دموعه وابدى تعاطفه معه. فالغرض هو انتزاع الاعتراف بوجود جماعات مسلحة! لعله فات بغدادي المحشور بين أنياب الأسئلة أن يقول انه من حق المراسل من ‘جبل المونتاج’ أن يعود إلى مونتاجات فضائيته، كما من حق كل سوري مشرّد في أنحاء الكرة الأرضية أن يعود إلى بيته. فالجماعات المسلّحة نوعان، محمية بالقانون وخارجة عن نفس القانون!

قناة المشرق أظهرت فيلما مصورا بالجوال للمناضل سلامه كيلة وهو يرفض الإجابة على أسئلتهم: انتم مخبرون ولستم مراسلون. الفندق امتلأ بشخصيات معارضة، وأخرى نصف معارضة، وموالية، وموالية ونصف، الضيف الذي فاجأ الجميع هو حلاق باب الحارة!!

اكتشاف متأخر

‘ذو اللحية البيضاء’ كاتب و’محرِّم’ سياسي (يحرّم ما احل الله) واحد النواعير اللبنانية الإعلامية التي تظهر بوضعية ‘فريزينغ’ – بسبب تكرار كلمة : ممانعة- على الفضائيات السورية، ذكّرنا بأن عزمي بشارة عضو في الكنيست الإسرائيلي! فتذكرت حكاية ذلك الرجل الذي بحث عن وردة الشرف بعد دخوله على زوجته التي له منها عشرة أولاد فاكتشف أنّها بدون.. مونتاج!

حساب الإحصاء وعلوم الاخصاء

اشتغل الإعلامي السوري صاحب نظرية الصدمة الإصلاحية (والترويع) في الإحصاء والمساحة فنزل بعديد سكان حماة إلى ربعهم وبعدد المتظاهرين في ساحة العاصي إلى مائة ألف، مقسمّا العدد على المساحة، في ‘اوكازيون’ لم يشهد له باعة الكلام نظيرا (حسم 8% من السعر) فيما رفع زميله ‘الغلونجي’ محمد حبش قبل ثلاثة أشهر، عدد المؤيدين في دوار يوسف العظمة وهي خمس مساحة ساحة العاصي الحموية إلى 11 مليون عدّا ونقدا!! التهام فياغرا الأرقام في التدجيل الإعلامي محاولة للهرب من صندوق الانتخاب. الصندوق في كل الثورات ينادي: فارس لفارس؟ عشرة لفارس، مائة لفارس.. والمعركة الانتخابية شرطها أن تكون ‘بدون مونتاج’!

كاتب من كوكب الأرض

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى