صفحات الناس

الحرب تدفع السوريين إلى “الزواج الإلكتروني”

 

 

دمشق – الخليج أونلاين (خاص)

ست سنوات من الحرب في سوريا استطاعت أن تقطّع أوصال التواصل بين المدن، لكن وجود الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي استطاعت أن تصل جذور الحب بين السوريين، الذين اعتمدوا عليها في أمور تتعلق بحياتهم الشخصية.

الحرب التي تسببت بمشاكل اجتماعية واقتصادية وأثرت في مناحي الحياة كافة، أجبرت السوريين على إحداث تغيير اضطراري في بعض العادات والتقاليد المتعارف عليها، فكان للزواج طريقة مختلفة.

بسبب الحرب وتقطع السبل بين المدن السورية، وكذلك صعوبة الانتقال والسفر من وإلى سوريا، ذهب بعض السوريين إلى طرق جديدة للارتباط تمثلت في الارتباط عبر الإنترنت، لكنها تقف بين هاجسي النجاح والفشل.

عماد الأحمد (24 عاماً) شاب سوري من قرى ريف درعا، يشكو من غياب التواصل الفعلي مع مخطوبته التي لا تبعد عنه سوى 30 متراً، ولم تُتح الظروف أمامه فرصة لقائها، بسبب الحرب.

-خطبة على الإنترنت

ويقول لمراسل “الخليج أونلاين” إنه ومخطوبته (سناء) كانا يعيشان في حيّ واحد منذ صغرهما، لكن الحرب باعدت المسافات، وقبل 5 سنوات تجدد اللقاء بينهما من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فتقدم لخطبتها بواسطة الإنترنت.

المشكلة، كما يراها الأحمد، تتمثل في عجزه عن الذهاب إلى مدينة درعا لخطبتها؛ لكونه عسكرياً منشقاً عن قوات النظام السوري، ومطلوباً لديهم.

لكنه تابع: “أوكلت الأمر لعمي الذي يقيم هناك فتقدم إليها بالوكالة عني، وتمت الخطبة، لكن دون عريس”.

الاتفاق على تفاصيل الزواج والبيت كانت تجري بين عماد وسناء بالإنترنت، وقد استطاعت بعدها الانتقال إلى مكان إقامة زوجها، وتم الزواج.

وهنا معاناة أخرى ترويها سناء (20 عاماً) لمراسل “الخليج أونلاين”، فتقول إنها سعيدة بلقائها أحمد، لكن يتعذر عليها زيارة بيت أهلها؛ لكونها أصبحت متزوجة من رجل “مطلوب أمنياً”.

ومن داخل سوريا إلى خارجها، حيث يتنظر سمير، الذي يقيم في ألمانيا، قدوم خطيبته نادين محمود (23 عاماً)، إذ سيرتبطان قريباً بعد إتمام الموافقات الرسمية بشأن الخروج من سوريا.

نادين تقول إنها تعرفت بسمير بحكم علاقة أسرية، قبل أن يتقدم لخطبتها من خلال توكيل أحد أقربائه، لكن التواصل بين المخطوبين يجري بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت لـ”الخليج أونلاين”: “سأسافر إلى ألمانيا عبر لبنان (..) وكنت أتمنى لو أتممنا مراسم الزواج في سوريا، لكن ظروف سمير (مُلاحق أمنياً) حالت دون ذلك”.

– خوف من الفشل

وبدوره، يعارض حسين اليوسف (30 عاماً) بـ”شكل قاطع” فكرة الزواج والارتباط عن طريق الإنترنت.

ويشرح اليوسف وجهة نظره بالقول: إن “الزواج بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي غير مضمون، لأن طرفي العلاقة يتعاملان على أساس نفسي يظهر حسن التعامل، وسرعان ما تنكشف الحقيقة على الواقع”.

ويرى أن الارتباط على الواقع بعيداً عن الإنترنت أفضل بكثير؛ “نظراً لغياب الثقة وصدقية المشاعر بين الطرفين، وهو ما يؤدي لهدم العلاقة”.

أما سلام عبد الله (32 عاماً) فارتبطت بزوجها (مراد) اللاجئ في الأردن، بعد “قصة حب” بدأت بالتعارف بواسطة الإنترنت، وتكللت بالزواج بعد سنة.

لكن ثمة خلافات بدأت تظهر بعد 6 أشهر من الزواج، إذ وجدت أن مراد يختلف في الواقع عما كان عليه خلال فترة “الحديث الإلكتروني”، حتى إنها طلبت الطلاق وعادت إلى سوريا.

– جائز قانونياً

بدوره، يؤكد المحامي والناشط الحقوقي أبو قيس الحوراني أن الزواج عبر الإنترنت “جائز قانونياً”، شرط قبول طرفي العقد، والمشاهدة بالصوت والصورة، بحضور أهل المخطوبيْن والشهود.

ويشير الحوراني، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى “ضرورة توثيق واقعة الخطبة والزواج (العقد) بوثائق رسمية في المحاكم الشرعية عن طريق توكيل محامين؛ ضماناً لحقوق الزوجين”.

ويلفت إلى أن الكثير من حالات الزواج الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية لم توثّق، لعدم توفر المحاكم، وتعذر وصول أصحاب العلاقة إلى مناطق النظام؛ خوفاً من الاعتقال.

ويعتبر الناشط الحقوقي أن الارتباط من خلال الإنترنت منتشر بين السوريين في الداخل والخارج بسبب ظروف الحرب.

وتسببت الحرب في سوريا، منذ عام 2011، بنزوح ولجوء الملايين، وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين، حيث يقدر عددهم لديها بنحو 3 ملايين لاجئ.

وقبل بدء الثورة السورية لم يكن الإنترنت منتشراً في سوريا، كما هو الحال في ظل الأحداث السياسية التي أوجبت استخدام الإنترنت وجعتله متوفراً بكثرة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى