صفحات الرأيمعتز حيسو

الحركة الثورية: مدخل نظري سياسي

 

    معتز حيسو

    تعاني (الحركات الثورية) من أزمة عميقة تتماهى في بعض جوانبها مع أشكال وتركيبة وبنية النظم السياسية المسيطرة. فكان واضحاً إن هذه القوى كانت وما زالت تعاني من غياب الممارسة الديمقراطية داخلها، بالرغم من إدعائها النضال من أجل الديمقراطية وانتزاع الحريات السياسية. إن غياب الآليات الديمقراطية في الممارسة السياسية يعكس موضوعياً هشاشة الفكر الديمقراطي داخل هذه القوى. إضافة لذلك فإنها تعاني جملة من التناقضات والسلبيات التي تنعكس على علاقتها السياسية في مجتمعاتها ومنها النخبوية وتضخم الأنا الفردية للقيادات السياسية وتقديم المصالح الذاتية على القضايا العامة،إضافة إلى غياب الرؤية الإستراتيجية للعمل السياسي الذي يقوم بداهة على الترابط والتشابك والتوسط والتشارط بين العام والخاص، الكلي و الجزئي، على قاعدة التحديد والتحدد، بين المستويات الأساسية، الرئيسية، الثانوية. إن تمسّك بعض أحزاب المعارضة التقليدية بتحالفها الطبقي مع الأنظمة المسيطرة، وأيضاً تمسّكها بوجودها في حواضن ذات الأنظمة، حوّلها إلى أبواق وأدوات تساعد هذه النظم على شرعنة وتأبيد سيطرتها الطبقية التي تقوم على القمع والنهب والفساد. إن ما يسمى بالأحزاب الثورية عانت وما تزال من تناقض في بنيتها السياسية والفكرية بين خطابها الديمقراطي الشكلاني وممارستها الشمولية الأحادية التي تقوم على الإقصاء والتخوين ورفض الآخر، ولا يستثنى من هذه الإشكالية، التجمعات التي ولدت على هوامش الحراك الشعبي العربي، لتتحوّل غالبية المعارضات السياسية في سياق ممارستها السياسية إلى عامل إعاقة للحراك الثوري العربي بدل أن تكون رافعته السياسية والفكرية التي تتحدد وتتجلى وتتعين في الممارسة الميدانية. إن الفكر السياسي يحتاج إلى حوامل مادية، لكن كما هو ملاحظ فإن النظريات والمشاريع السياسية للأحزاب السياسية المعارضة لم تتحول إلى قوة اشتغال قادرة على التغيير لافتقادها الحوامل المادية/ البشرية، كونها لم ترتقي في آليات ممارستها السياسية والفكرية إلى حجم التناقضات السياسية والاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات العربية، وكان من أسباب ذلك إضافة لعزلة هذه القوى عن مجتمعاتها، العنف والقمع المركب التي تمارسه السلطات السياسية المسيطرة. وكلنا يعلم بأن أي حراك شعبي يفتقد إلى العقل السياسي العقلاني يصبح كإنسان بلا رأس، وهذا ما نخشى منه، أي أن يتحول الحراك الجماهيري الذي بدأ يجتاح العالم العربي نتيجة لغياب العقلانية السياسية عن الحراك الميداني إلى عاصفة لا هدف لها. عندها يكون من السهولة بمكان التلاعب بهذا الحراك، وحتى تشويهه وحرفه عن مساراته وسياقاته الموضوعية، فبدلاً من أن يحافظ على أهدافه في الانتقال إلى نظام ديمقراطي بأدوات وآليات ديمقراطية وطنية سلمية، فإنه يمكن أن يتحول إلى صراع ديني بأشكال مذهبية طائفية عنفية يدفع إلى عودة المكونات الأولية للمجتمع إلى الواجهة، ويعزز الاستقطاب والتناقض والعصبيات التي بقيت كامنة في ظل الدولة الحداثوية.

    لهذا يجب على كافة القوى الوطنية وتحديداً اليسارية والعلمانية منها إقامة الحد على مفاهيمها النظرية والسياسية، والقيام بنزع واستئصال كل ما يتعارض من منظومتها الفكرية مع الوعي والمفاهيم الديمقراطية. وتحديداً بعد أن تحوّلت الأحزاب القومية لأحزاب محلّوية، والمنظومة الماركسية تم تقزيمها لتتوافق مع آليات ذهنية لم تتجاوز حتى اللحظة بنية العقل المتكون على أشكال وعي قبل سياسي، مدني، ويتم في سياق هذه الأشكال تكييف المنظومة الماركسية مع عقل ريفي ريعي مذهبي … محمّل بالكثير من مظاهر التخلف التي انعكست على الفكر السياسي وكذلك الممارسة، ونلفت الانتباه إلى أن الوعي الديني المقترن بالسياسية، يقوم على التكفير والعنف والإقصاء والاستئصال.. ونؤكد بأن المفاهيم السياسية لكافة القوى السياسية تستند بشكل كبير إلى المنظومة الذهنية السائدة والمتوارثة، وما تم إدخاله من مفاهيم ومنظومات معرفية على البنية الثقافية السائدة تم الاشتغال على تكييفه مع الواقع الاجتماعي والمعرفي السائد الذي يقوم على: الأحادية ،الحقائق المطلقة… وهنا لا بد من التركيز والتأكيد على أن الماركسيين مطالبين قبل غيرهم بإعادة الماركسية لجذرها الديمقراطي، وبذات اللحظة يجب عليهم إعادة توطين الديمقراطية في المنظومة المفاهيمية للماركسية. فالماركسية والديمقراطية يشكّلان بنية نظرية وسياسية واحدة لا يجوز الفصل بينهما، وإن حصل فالاستبداد والشمولية والأحادية والقمع الفكري والسياسي مآل الممارسة السياسية للماركسيين.ويجب عدم السقوط مرة أخرى في مطب التجربة السوفيتية التي كانت عنوناً للتسلط والشمولية وإلغاء الديمقراطية، فقد كان واضحاً إنه تم انتزاع الديمقراطية ومفاهيمها النظرية من البنية النظرية والسياسية للماركسية بفعل الممارسة السياسية للزعماء الروس، فبدل أن يقود الهدم الديمقراطي للقضاء على الاستبداد والتخلف، فإنه تم تهديم المفاهيم الديمقراطية وأي ملمح من ملامحها السياسية والنظرية بأدوات السيطرة الشمولية الاستبدادية. بذلك تم تحطيم وإلغاء واجتثاث جذور الديمقراطية بفعل الهدم الاستبدادي للديمقراطية، وتم بناء وترسيخ الاستبداد في سياق الهدم الديمقراطي. لتتحول التجربة السوفيتية عنوناً ونموذجاً للاستبداد يحتذى من قبل معظم الدول المتخلفة ومنها الدول العربية. لكن الإشكالية الأكبر تكمن في تماهي أحزاب الحركة الثورية مع النموذج السوفيتي، مما شكّل تقاطعاً وتماهياً بينها وبين السلطات المسيطرة التي تبنّت وتمسّكت في سياق تمثّلها للتجربة السوفيتية وتحديداً (الستالينية) بقيادة الحزب الواحد للدولة والمجتمع من منظور شمولي. وهذا يفترض من الحركات الثورية القيام بعملية نقدية لسياساتها وتجاربها السابقة في سياق تمكين وعي سياسي وطني ديمقراطي كجزء مكوّن لوعيها النظري والفكري، الذي يجب أن يتشكّل في إطار التجاوز النقدي لتجارب الحزب الواحد التي اعتمدت ديكتاتورية البروليتارية التي لم تنتج إلا الاستبداد والقمع وإلغاء الديمقراطية في سياق القضاء على أي مناخ سياسي حر وعلى أي مستوى من مستويات المواطنة التي تعتبر المدخل لإقامة نظام وطني. إن تعزيز إعادة البناء للحركات الثورية على قاعدة نقد الذات في سياق نقد تجربتها السابقة التي كانت تستند وترتكز على تجربة الحزب والعقل والقائد الواحد.. يفترض بداهة ليس فقط التأكيد على ضرورة الديمقراطية السياسية والاجتماعية، بل يستوجب التأكيد على ربط إنجاز المهام الوطنية الديمقراطية من منطلق التشارك والتحالف والتنسيق السياسي، دون إغفال أهمية العلاقات الدولية لإنجاز المهام التي تحملها القوى الثورية والشعوب الثائرة ضد القهر والظلم والاستغلال والنهب، لكن بعقل ديمقراطي وآليات ديمقراطية. أي إن ضمان الانتقال إلى نظام ديمقراطي يضمن حقوق المواطنة والعدالة والحريات السياسية والأساسية، يجب أن يتأسس على أدوات وآليات ديمقراطية.

    إن غياب الحركة الثورية في سياق ممارستها السياسية عن مجتمعاتها وشعوبها بفعل آلياتها السياسية التي تأسست على الأحادية وتغييب الديمقراطية في سياق تماهيها وتقاطعها مع أنظمة القمع والاستبداد، توضح في سياق علاقاتها البنية الداخلية وفي أشكال تواصلها مع قاعها الاجتماعي على قاعدة الترابط والانفصال بينها وبين ذاتها وبينها وبين محيطها وجذرها الاجتماعي. فقد مارست قيادات القوى السياسية التقليدية منها والجديدة، ذات الآليات السياسية التي مارستها النظم السياسية المستبدة والقامعة لشعوبها، فابسم الديمقراطية كان يتم محاربة بالديمقراطية والتلاعب بها. وباسم محاربتها للاستبداد والقمع والنهب مارست الاستبداد والقمع داخل أطرها السياسية،ومع المقهورين والمهدورة حريتهم وكرامتهم. والطامة الكبرى إن كثيراً من هذه القيادات تعتاش وتتاجر بعواطف ومصالح ودماء الشعوب التي تناضل من أجل الديمقراطية والحرية والكرامة.

    لقد شكل غياب وتغييب (القوى الثورية) عن ساحات النضال السياسي والاجتماعي، مدخلاً ليس فقط لإطالة عمر الاستبداد، بل مدخلاً لتدعيم العلاقة بين أنظمة الاستبداد والتخلف، وبين حكومات الدول الرأسمالية، التي من خلال نهبها لثروات الدول الطرفية وسيطرة شركاتها على موارد الشعوب وثرواتها وتحديداً النفطية منها، ومن خلال ارتهان حكومات الدول المتخلفة الريعية الاستبدادية … كانت تمارس الغطاء الشرعي لهذه الحكومات.وكان واضحاً اقتران استمرار النهب بالقمع في بلدان العالم الثالث. إن الدول الغربية لم تكتفي بنهب ثروات الدول المتخلفة، بل كانت تعيد تصديرها على شكل سلع محملة بقيمة فائضة مرتفعة وقروض، وعلاوة على ذلك استمرت في دعم حكومات العالم الثالث رغم سياساتها القمعية طالما تؤمن لها دوام سيطرتها على الموارد والثروات والأسواق. والطامة الكبرى إن الفساد وسياسة الإفساد الممنهج والنهب والسياسات المالية والنقدية الفاشلة لم تلتهم ثروات شعوبنا فقط بل حوّلها إلى ديون تثقل كاهلها،ولن تبرأ من سدادها في المدى المنظور، وكانت سبباً في فرض وصفات صندوق النقد والبنك الدولي. مما ساهم في زيادة معدلات الفقر والبطالة وتعميق حدة التناقض والاستقطاب الطبقي. باختصار يمكننا التأكيد على أن غياب وتغييب القوى الوطنية ( الحركة الثورية) عن ممارسة دورها السياسي كان سبباً في تمادي النظم السياسية المسيطرة في ممارستها للقمع والظلم والاستغلال، إضافة لذلك فإن أزمة الحركات السياسية المعارضة ( الثورية) أفقدت الفئات الاجتماعية المتضررة من تناقضات النظام الرأسمالي المحلي والعالمي قدرتها الدفاعية عن مصالحها. وبذات اللحظة سمحت للشركات والحكومات الامبريالية بالخروج أو الاشتغال على الخروج من أزمتها البنيوية عن طريق فرض المزيد من سياسات التقشف على الفئات الاجتماعية التي هي بالأساس مسحوقة ومفقّرة، بذات اللحظة التي كانت حكومة الولايات المتحدة والدول الغربية المأزومة تدعم البنوك والمصارف المأزومة بمليارات الدولارات للخروج من أزمتها. وبسبب أزمة القوى الثورية أيضاً لم تستطع الحركات الاحتجاجية في البلدان الأوربية المأزومة من تحقيق أهدفها، بينما غيابها عن ساحات الفعل السياسي في البلدان العربية كان سبباً في انحراف الحركات الاحتجاجية عن أهدافها الحقيقية إضافة إلى تشوهها. إن الأزمة البنيوية والعميقة للأحزاب السياسية المعارضة( الثورية) كانت أحد أسباب الإعاقة للحراك الشعبي. و تحوّل الانتفاضات العربية عن أهدافها وآلياتها وحتى عسكرتها لم يكن فقط بفعل القمع الذي مارستها أنظمة الاستبداد فقط، بل أيضاً لفقدان الشعوب العربية الخبرة في التجارب الاحتجاجية الديمقراطية السلمية.

    إن كل ما ذكرناه من عوامل سلبية تعاني منها الانتفاضات العربية، يستدعي خروج القوى السياسية من أزماتها ليس فقط لتسريع انتصار الثورات العربية وتحقيق أهدافها، بل لضمان عدم انكفاءها و ارتدادها عن جذرها السياسي الديمقراطي إلى حراك ذو صبغة دينية متطرفة، مما يمكن أن يعيد المجتمعات العربية لأشد مراحلها تخلفاً. وحتى الآن فإن واقع الأحزاب السياسية المعارضة القديم منها ومن تشكّل نتيجة الحراك الشعبي، التقليدي منها والحداثوي يدلل على أنها لم ترتقي لمستوى الحراك الشعبي. مما يدلل على فشلها في قيادة الانتفاضات العربية، وعجزها عن قيادة المرحلة المقبلة.وتحديداً قيادة عملية التغيير الديمقراطي في المرحلة الإنتقالية.

    إن غياب الحركات الثورية عن قيادة الحركات الاحتجاجية قبل الربيع العربي، ساهم مع الارتهان السياسي للحكومات العربية وتكريسها التبعية الاقتصادية لدول الغرب في استمرار سيطرة الدول الإمبريالية والشركات العابرة للقومية ( فوق قومية) على الموارد الأولية والثروات الوطنية والأسواق النشطة عموماً،والنفط تحديداً، وليس هذا وحسب بل إن أموال الشعوب العربية كانت توظّف في بنوك الدول الرأسمالية وتحرم منها الشعوب الفقيرة، ليعاد تصدير هذه الأموال على شكل قروض أثقلت كاهل المجتمعات العربية.. والطامة الكبرى إن هذه الأموال لم يتم توظيفها في أياً من المشاريع التنموية الاقتصادية أو البشرية، بل كانت تذهب لجيوب المسؤولين والمتحكمين بقوت الشعب وحياته، حتى تحولت شعوبنا التي تسيطر حكوماتها على ثروات مهمة إلى أفقر الشعوب.لقد تحولت هذه القروض التي لم تستطع حكوماتنا ليس فقط سدادها، بل لم تستطيع الوفاء بالإلتزماتها في خدمة هذه الديون التي تمت جدولتها أكثر من مرة وتراكمت وتضاعفت مرات عديدة، وفعلياً فإن المبالغ التي دفعتها حكومات الاستغلال والاستبداد لسداد خدمة الدين تفوق مرات عديدة قيمة الديون،ومن هنا نشأت أزمة المديونية للدول العالم الثالث. وكان من نتيجة هذه الأزمة أن فرضت الدول الغربية شروط وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين على شعوب العالم الثالث: التكيف الهيكلي، سياسات التقشف، تخفيض الإنفاق العام، الخصخصة، تحرير الاقتصاد والأسواق والأسعار، تخلي الدولة عن دورها التنموي والاجتماعي… وكانت هذه السياسات سبباً في اتساع حدة التناقض الطبقي الذي يفترض بداهة وللحد من الحركات الاحتجاجية مزيداً من القمع في سياق بناء الدولة الأمنية التي كانت تتوسع وتتعمق تحت أنظار وبإشراف وموافقة الدول التي تدعي اليوم حرصها على حقوق الإنسان ودفاعها عن الديمقراطية وخوفها على دماء الشعب المهدورة على مذبح الحرية. إن شكل ومستوى العلاقة بين حكومات الدول الغربية وحكومات دول العالم الثالث، أدى إلى تجفيف منابع العمل السياسي وتقويض حواضنه ومرتكزاته الاجتماعية. كذلك ساهمت في دعم صراعات قبل سياسية(عرقية مذهبية طائفية إثنية..) ولا نجافي الحقيقية بقولنا بأن هذه الحكومات، هي من زرع بذور هذه الصرعات، إضافة لكونها كانت من أحد أسباب تعميم الفساد، أما فيما بعد انهيار التجربة السوفيتية فإن الحكومات الغربية قادت عمليات تدخل عسكري مباشر في العديد من الدول.لذا نؤكد بأن الحكومات الغربية شريك في سفك دماء الشعوب، وحرصها ودفاعها عن بعض الحكومات العربية ليس من باب الحرص على مصالح الشعوب، بل لأن تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدول الرأسمالية يمر من خلال ضمان استمرار ارتهان وتبعية حكومات العالم الثالث. ظاهرياً تبدو الحكومات الغربية أنها تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنها فعلياً تدافع عن مصالحها الحيوية والإستراتيجية في المنطقة، في سياق دعمها حكومات تابعة اقتصادياً ومرتهنة سياسياً حتى لو كانت استبدادية. ونؤكد إن حاجة الأنظمة البرجوازية المستبدة للقمع تزداد طرداً مع ازدياد معدلات الفقر، وتفاقم حدة النهب والاستقطاب الطبقي. ونكرر التأكيد على أن أزمة القوى الثورية الذاتية وغيابها عن ساحة الفعل السياسي كان سبباً فيما وصلت إليه أوضاع شعوبنا، وبذات اللحظة فإن من أسباب أزمة القوى الثورية هي أنظمة الاستبداد والقمع والنهب المدعومة من حكومات الدول الغربية.

    أخيراً نؤكد على أن الحكومات الغربية تقوم بشكل مباشر وغير مباشر في فرض شروطها على سياق وآليات الحركات الثورية العربية( الربيع العربي) من خلال ربط أطراف الصراع بأجنداتها حتى تضمن استمرار مصالحها الحيوية والإستراتيجية في المنطقة، ويتجلى هذا من خلال مد أطراف النزاع بالمال والسلاح… وتمارس التضليل الإعلامي في سياق ترويجها بأنها لا تريد التدخل في القضايا الداخلية للمجتمعات العربية، لكننا على ثقة بأنها ستستخدم قوتها العسكرية بشكل مباشر لحظة شعورها بأن مصالحها في خطر، وأنها تشتغل حتى اللحظة الأخيرة على فرض حالة من توازن القوة المنهك لأطراف الصراع، وتفكيك كيانية الدولية وتفتيت البنية الاجتماعية..لكنها حين تشعر باقتراب لحظة سقوط أحد الأطراف فإنها ستعمل على إيجاد الأسباب والمبررات لتدخلها ومن الممكن أن يكون تحت ذريعة عدم وقوع السلاح الكيماوي أو أسلحة الدمار الشامل في أيدي الإرهابيين أو دفاعاً عن الأقليات وحقوق الشعب من المجازر أو لوضع حد للحركات الإرهابية الجهادية..وطبعاً تبقى هذه الأسباب ذرائع لضمان مصالحها في المنطقة ولضمان وجود أنظمة سياسية تابعة ومرتهنة لها. وأيضاً لإعادة توضيب المنطقة وقواها السياسية وحراكها الشعبي المطالب بالديمقراطية والعدالة والحرية والكرامة وفق مصالحها الحيوية والإستراتيجية. لهذا يجب التأكيد على ضرورة أن تسارع القوى الثورية لتجاوز تناقضاتها الذاتية والبينية على أسس ديمقراطي حتى ترتقي لمستوى الحراك الشعبي، ولكي تضمن أن شكل وبنية التغيير الديمقراطي لن يكون إلا من أجل الشعوب الثائرة على الظلم والقمع والاستغلال والنهب وهدر ذات الإنسان.فإنسان هو القيمة المطلقة التي لا يجب المساس بها، لذا فإن أي تغيير سياسي يجب أن يكون من أجل بناء إنسان حر،لأن الإنسان الحر الذي يتمتع بالكرامة وكامل حقوق المواطنة يستطيع بناء الوطن والدفاع عنه. فالأوطان لا تبنى بعبيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى