صفحات العالم

الحل السياسي في سوريا عاد إلى المراوحة؟

 

تفاقم الأزمة قد يشعل حدود دول الجوار

    اميل خوري

هل يمكن القول إن الحل السياسي للأزمة السورية عاد يدور في حلقات مفرغة نتيجة إصرار طرف على عدم الدخول في تفاصيل الحل إلا بعد تنحي الرئيس بشار الاسد وإصرار طرف آخر على رفض ذلك بحيث يكون التوصل الى حل هو الذي يقرر مصير الأسد، وإذا أصبح البديل من الحل السياسي هو الحل العسكري فيخشى عندئذ أن تشعل الأزمة السورية حرباً إقليمية تحسم الصراع القائم بين المحور الإيراني – السوري والمحور المناهض له فيتغير نتيجة هذا الصراع وجه المنطقة وشكل الانظمة فيها، وهو ما جعل صحفاً أجنبية تقول: “إن سقوط الأسد هو يوم القيامة للشرق الأوسط”، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يقول: “إذا لم نتصرف واندلع الحريق في سوريا فسيعم الحريق المنطقة”، ووزير خارجية روسيا يقول: “إذا سقط النظام السوري فبعض بلدان المنطقة ستمارس ضغوطاً هائلة لإقامة نظام سنّي”، وقول الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله “إن أي تطور سلبي أو إيجابي في سوريا سيطال المنطقة”، وقول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي “إن النظام السوري لن يستسلم أو ينسحب”، اضافة الى قول مسؤولين أميركيين وأوروبيين إن الأزمة السورية باتت تهدد الأمن والسلم العالميين، وتأكيد الجيش الإيراني انه “سيدافع بكل وجوده عن الشعب السوري”، وكأن وجوده أضحى من وجود النظام السوري.

هذه الصورة المقلقة تجعل الخيار العسكري يدخل في سباق مع الحل السياسي الذي يحتاج الى تفاهم روسي – اميركي وهو ما لم يتحقق حتى الآن، وأيضا إلى تفاهم بين المعارضات السورية وهو ما لم يتحقق نظرا الى وجود أطراف متشددين فيها يرفضون البحث في أي حل قبل أن يتنحى الرئيس الأسد، وأطراف معتدلين يوافقون على البحث في حل إذا ما كان الاتفاق عليه سبيلاً لرحيل الأسد، وهذا الخلاف أدى الى عدم الاتفاق على تشكيل حكومة تدير الشؤون داخل الاراضي السورية المحررة.

والسؤال المطروح هو: هل تحض المخاوف على دول الجوار لسوريا وتاليا على دول المنطقة، على تحقيق توافق عربي ودولي على حل للأزمة السورية قبل الانزلاق الى حرب اهلية واسعة وانتقالها الى دول الجوار بفعل المساحات الحدودية الواسعة والتداخل العشائري والديني والقومي؟

يرى سفير لبناني سابق ان حل الازمة السورية، وقد باتت شبيهة بالازمة اللبنانية التي استمرت 15 عاماً ولم يستطع اي طرف حسمها هو في يد إيران اكثر منه في يد روسيا التي تملك قوة ديبلوماسية تحمي بها نظام الاسد في المحافل الدولية، في حين ان ايران تملك في سوريا قوة على الارض. ففي الحرب اللبنانية الداخلية الطويلة لم يكن في استطاعة احد إنهاء تلك الحرب إلا الرئيس الراحل حافظ الأسد لأنه كان يملك وحده القوة العسكرية المستعدة للتدخل كي تحسم تلك الحرب، فصار اتفاق عربي ودولي على تكليفه هذه المهمة الصعبة التي لم يستطع أن يقوم بها سواه خصوصاً بعد فشل القوة المتعددة الجنسية التي ارسلت إلى لبنان لإخراجه من الأزمة. وعلى رغم أن الرئيس الاسد كان على تحالف مع الاتحاد السوفياتي الذي حذره من مغبة التدخل العسكري السوري في لبنان لانه سيصطدم بحلفائه فيه، فإن الرئيس الأسد الذي أغرته الصفقة الاميركية بعدما حظيت بموافقة عربية ودولية وعدم ممانعة اسرائيلية، قرر السير بها ولم يأبه للتحذير السوفياتي، فإن إيران قد تكون اليوم مؤثرة داخل سوريا كما كانت سوريا مؤثرة في الماضي داخل لبنان. فهل يتم تكليف ايران حل الازمة السورية لأنها الأقدر على ذلك وفي اطار صفقة تشمل كل المنطقة، أم ان هذه الصفقة مكلفة إذا كان السلاح النووي من ضمنها وهو ما يقلق دول الجوار ويخل بالتوازن ولا سيما مع اسرائيل؟

ويرى السفير نفسه أيضاً ان روسيا التي تأتي بعد إيران في مرتبة القدرة على حل الأزمة السورية إذا لم ينجح، واصبح الحل العسكري هو الحل البديل لكنه سيكون اكثر كلفة من صفقة تعقد مع ايران شرط التخلي عن برنامجها النووي تطميناً لجيرانها ولاسرائيل كما طمأنها الدخول العسكري السوري الى لبنان بجعل جبهة الجولان هادئة دوماً وباخراج المسلحين الفلسطينيين من لبنان الى تونس، فإن في استطاعة ايران أن تطمئن اسرائيل، إذا ما كلفت حل الازمة السورية بالتخلي عن برنامجها النووي في مقابل تعهد اسرائيل عقد اتفاق سلام شامل وعادل في المنطقة ينهي النزاع الطويل مع الفلسطينيين والعرب ويوقف سباق التسلح ليبدأ سباق تنفيذ المشاريع الانمائية في المنطقة كي يرتفع مستوى معيشة الشعوب ويقضي على القهر والفقر وهما من أسباب تفشي الارهاب في دول كثيرة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى