صفحات الثقافة

الحور العين/ رامي زيدان

من هنّ “الحور العين”؟ وما سرّ الاهتمام الإعلامي بهنّ؟ بمنأى من التفسير اللغوي الآرامي والسرياني لـ”الحور العين”، أو “بيض الأعناب”، يهمنا أن ننتبه إلى فكرة جوهرية مفادها أن انشغال الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي بـ”الحور العين” في العقدين الأخيرين على وجه الخصوص، إنما هو لسبب معروف يتمثّل في وصايا الانتحاريين الذين يفجرون أنفسهم، وكثرة الذين يختارون هذا النوع من الموت طلباً للذهاب الى “الفردوس” والتمتع بحور عينه وخمره وأنهاره. هنا أضواء تاريخية ولغوية ودينية على مسألة “الحور العين” التي تشكل ظاهرة مثيرة في الوسط الجهادي المستشرية وقائعه التراجيدية.

في مقدمة كتاب “القرآن في محيطه التاريخي” الذي نشرته “دار الجمل”، ويتضمن نقاشاً مستفيضاً لكتاب “القراءة السريانية – الآرامية للقرآن” للكاتب صاحب الاسم المستعار كريستوف لوكسنبرغ، اعتبر دانيال ماديغان ان السذاجة التفسيرية تنشئ الجاذبية الشعبية لعمل لوكسنبرغ القائم على إعادة تركيب النص القرآني وترتيبه. قد يكون منوّرا أن يلاحظ المرء أن الغالبية الغالبة من انتباه الصحافة كانت مكرسة لإعادة قراءة لوكسنبرغ المقترحة لسورة الرحمن 55: 72، التي جعل فيها الأعناب البيض بدلا من العذارى الجميلات اللواتي، بحسب القراءة التقليدية التراثية للفظة “حور”، ينتظرن المؤمنين في الجنة. فقد حاجج لوكسنبرغ أن اللفظ القرآني “حور” يجب ان يُرى لا على أنه إشارة إلى عذراوات الجنّة، بل في ضوء لفظ “حور” الآرامي بمعنى “بيض”، صفة الأعناب، الثمر الأوّل غير المنازع في الجنة السماوية. هذه نقطة مهمة بحسب ماديغان، لا لأنها تمثل ببساطة عودة مواضيع الجدالات التقليدية المعادية للاسلام، بل لأنها تعكس تبصرا في ان ظاهرة التفجير الانتحاري الاسلامية الحديثة تضرب جذورها في قراءة خاصة للقرآن، وأن طريقة التعامل مع الأزمة الجارية في العلاقات مع المسلمين هي ان تكذب قراءة كهذه. يورد معدّ الكتاب أن وسائل الاعلام الغربي ركزت على مسألة الحور، ووجد فيها بعض الاعلاميين أداة لإفراغ التعليم الاسلامي عن الجهاد والثواب الجنسي في الجنة في قالب مسرحي.

مفاتيح وظواهر

في آب من العام 2001 عرضت قناةCBS التلفزيونية الأميركية مقابلة مع أحد ناشطي حركة “حماس”، محمد أبو وردة، الذي يجنّد المقاتلين للقيام بعمليات تفجير جهادية في إسرائيل. كان أبو وردة قد قال مقتبساً: “ثمّ شرحت له كيف أنّ الله سيكافئ الشهيد لتقديم حياته من أجل أرضه. فإن أصبحت شهيداً، فسيمنحك الله 70 حورية عذراء، 70 زوجة وحياةً أبدية”. تكفي قراءة هذا الخبر لتبيان وقع الميتولوجيا الدينية وتأثيرها في المجتمع. ومع ان الانتحار او قتل النفس محرّم في الدين الاسلامي، فإن في زمن الضياع والتشتت ثمة من يقدر ان يوظف ما يريده من الدين لأهداف ايديولوجية ومخابراتية وأمنية. مسألة “الحور العين” هي المصيدة التي يسفك الأغبياء والأوغاد ارواحهم وأرواح غيرهم على مذبحها، في مسلسل لا ينتهي في مجتمعات لا تزال تعيش مرحلة الكبت الجنسي بكل تداعياته.

منذ غزوة الحادي عشر من أيلول 2001، كرّرت وسائل الإعلام قصّة الانتحاريين الذين نفّذوا تلك العملية الإرهابية ومكافأتهم في الفردوس. فأحد مفجري 11 ايلول، وهو عبد العزيز العمري، أعلن في وصيته التي بثّها موقع “القاعدة”، ايمانه بالله ورسوله وبالدار الآخرة. وحدّد 15 بنداً للمنتحر يجب اتباعها لضمان الجنة، ولقاء “الحور العين”. بعد تعداد الشروط، بشّر الانتحاري رفاقه بالنعيم بقوله: “اعلموا أن الجنان قد تزينت لكم بأحلى ظلالها والحور تناديكم، وهي قد لبست أحلى حللها”، مكرّساً نمطاً جديداً في الحياة هو “الموت في سبيل الحور العين”.

منذ الغزو الاميركي للعراق في العام 2003 وتحوّل بلاد الرافدين مستنقعاً للجماعات الاصولية والارهابية والانتحارية، يستغرب المرء الأعداد الهائلة من الذين يفجرون انفسهم في أسواق بغداد وفي العتبات المقدسة وفي كل مكان. من أين يأتي كل هؤلاء، ومن هي الجهة التي تمتلك هذه القدرة على تجنيد هذا الكم من الانتحاريين؟ لكأن الكبت الاجتماعي والجنسي يسهلان في انحلال العقل، او لكأننا مع أحداث العراق وتفجيرات تنظيم “القاعدة”، نعيش أمام فيلم من الخيال العلمي يتحدث عن “حور عين” يرسلن الذبذبات من السماء إلى قوافل الإرهابيين فينتحرون من أجلهن، ويموتون بأبشع الطرق ويقتلون ألوف الأبرياء بهدف الوصول إلى عذارى الجنة وولدانها.

طرائف تراجيدية

تكثر الروايات عن لجوء الشبان إلى العمليات الانتحارية، وتكثر النكات والطرائف التراجيدية في هذا الشأن. فأحدهم فجّر نفسه ولم يُقتل، وعندما استيقظ في المستشفى بعد غيبوبة طويلة، كان يبحث عن “الحور العين” فظنّ الممرضة واحدة منهن. احدى النساء اتصلت بالداعية محمد العريفي من خلال برنامجه التلفزيوني تسأله عن طريقة لإبعاد “الحور العين” عن زوجها في الجنة. ووصلت الأمور ببعضهم إلى اطلاق أناشيد جهادية بعنوان “الحور العين تناديني، فدعيني أما دعيني”.

ينقل الكاتب عبد المنعم شفيق أن أحد العلماء الإيرانيين وقف في الحرب العراقية الإيرانية على جبهة القتال يُذكّر المقاتلين باستقبال “الحور العين” للشهيد حين يسقط على الأرض مضرجاً بدمه، فصرخ فيه أحد الجنود قائلاً: دع الحور العين لك أنت وحدك، أما أنا فحدِّثني: كيف أرى الإمام الحسين وأين؟! يعلق وضاح شرارة في كتابه “دولة حزب الله/ لبنان مجتمعاً إسلامياً”، قائلاً: “وهذا – أي رؤية الحسين – هو ما يردد الرغبة فيه كل شهداء المقاومة الإسلامية، وما يأملون في الحصول عليه، ويقاتلون في سبيله، ويرونه ثمناً لبذل دمهم وحياتهم”.

في سوريا الآن، ومع تزايد أعمال العنف والتفجير والمآسي المتنقلة، ثمة أخبار كثيرة، مضحكة مبكية، عن “الحور العين”، منها أن بعض “الجهاديين” يضعون الواقي من الرصاص على اعضائهم التناسلية، للمحافظة عليها إلى حين موعد اللقاء مع “الحور العين”. ومن جملة ما يقال إن اغراء “الحور العين” من الوسائل التي تستعلمها التنظيمات الإرهابية لتجنيد الشباب على الموت، وهذا ليس بالأمر الجديد. فقد لاحظت الباحثة أمنية طلعت في مقالة لها نشرت على موقع “الحوار المتمدن”، أنها عندما كانت تقرأ تاريخ الطائفة الإسماعيلية وجماعة حسن الصباح التي اشتهرت بجماعة الحشاشين أيام الخلافة العباسية، لم تكن تعلم أن مسألة “الحور العين” تم بها إغراء عدد من الشباب حينها للانضمام إلى “قلعة آلموت” التي بناها الصباح لتدريب الشباب على القتال وفرض فكرة الاستشهاد للوصول إلى الجنة والتمتع بمباهجها ومن ضمنها “الحور العين”.

كثرة الحديث عن الانتحاريين والجهاديين و”الحور العين”، جعلت ممثلة الجنس ستورمي دانيال تقول إنها مستعدة لقضاء ليلة ممتعة وساحرة، مع كل من يحاول تفجير نفسه ليغنم بـ”الحور العين”. واضافت في تعليق على صفحتها على الـ”فايسبوك” انها مستعدة لممارسة الجنس بإحتراف ومجاناً مع أي شخص لديه رغبة في القيام بعملية انتحارية أو إرهابية من أجل أن يظفر بـ”الحور العين”، ومستعدة “أن أقابله في أي مكان بالعالم وأن أكون حوريته الحقيقية بدلا من الحورية الوهمية بشرط أن يتخلى عن فكرته الانتحارية المجنونة وأعده بأنني سوف أجعله يقضي معي ليلة لن ينساها أبداً ولن تخطر في أحلامه”.

أصل الحور وفصلها

بمنأى من جحيم العمليات الانتحارية، تبدو قصة “الحور العين” أقرب الى ألف ليلة وليلة أدبية أو ألف رغبة ورغبة، وألف لذة ولذة، مكتوبة بخيال جامح يتخطى “الواقعية السحرية” بكثير. هو خيال يعكس قبل كل شيء عطش الصحراء وانغماس الرجال في الشهوانية، وخروجهم من شرنقة الكبت، كأن كل ما يحتاجونه ويتعطشون إليه في الصحراء، كانوا يدلقونه كتابة وتخييلاً وينتظرون “الحصول” عليه في الفردوس الموعود. “الحور العين” والأنهر والخمر، هي الترغيب للدخول في الاسلام كمقدمة لاشباع الرغبات في العالم الآخر او الماوراء والغيب. وقد اعترف النبي محمد في أحاديثه الكثيرة بولعه بالنساء، اللواتي احتللن مكاناً بارزاً في حياته وتشريعه، كما في حياة أتباعه. اجتهد الرسول في وصف جمال نساء الجنّة، لمعرفته بمدى تأثير شهوة الجنس على الرجال، وهو بذلك دغدغ مشاعرهم وشهواتهم بقوة. جاءت أوصاف القرآن لحوريات الجنّة في غاية الإثارة والنقاء والصفاء، وفاق وصف حسنهن كل ما يحلم به الشعراء العرب في قصائدهم. فقد ذُكرت نساء الجنة في القرآن أولاً في سورة البقرة 25:2 “ولهم فيها أزواجٌ مطهرَةٌ”. وأورد ابن كثير في تفسيره أقوال ابن عباس ومجاهد وقتادة في تفسير كلمة مطهرة، فيقول: “مطهرة من القذر والأذى. ومن الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمنى والولد. ومطهرة من الأذى والمأثم، فلا حيض ولا كلف”. تمتاز هؤلاء الزوجات أيضاً بأنهن “قاصرات الطرف عينٌ، كأنَهُنَ بيضُ مكنونٌ” (الصافات 48:37و49. أنظر أيضاً ص 52:38 والرحمن 56:55) أي قصرن طرفهن على أزواجهن، فلا ينظرن إلى غيرهم من الرجال، فهنّ حسان الأعين عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن.

بنات آدم

من المعنى اللغوي لـ”الحور العين” ندرك مغزى هذه الأسطورة الشعبية والدينية والسريانية والإسلامية و”الجهادية”، فللحور عند البعض معنى البياض، والحوراء هي مرأة نقيةُ بياض العين شديدةُ سوادها، أما البعض الآخر فيرى أن الحور من الحيرة، بمعنى يحار الطرف حين النظر إليهن، ويقول الشيخ محمد الغزالي: “الحور العين هنَّ بنات آدم بعد صوغهن في قوالب أخرى تجعل العجائز شواب والدميمة وسيمة! أو هنَّ خلقٌ آخر يبدعه الله في صور فتياتٍ ساحرات العيون يستمتع بهنَّ أهل الجنة”. وردت هذه الأوصاف في مقالة “الوعد في الإسلام: كائنات جنة الخلد – الغلمان والحور العين” لمختار العربي ونشرت في “الحوار المتمدن”. على العموم ليس هناك اتفاق على معنى ثابت وأكيد لـ”الحور العين”، وإن كان التفسير الذي استراح له أغلب المسلمين (ربما لسبب ما في أنفسهم) هو أن “الحور العين” نساء ينتمين إلى الجنة، بيضاوات واسعات العيون أو نساء شديدات بياض العيون شديدات سوادها.

الحور كما وصفهن النبي خالدات، لا يمتن ولا تتقدم بهنّ الأيام، وهن ناعمات، أي ذوات أجساد أنثوية غاية في الإغراء، متساوياتٍ في الأعمار والجمال، لقول القرآن إنهن “أتراب” (ص 52:38 والواقعة 37:56 والنبأ 33:78). يتفق معظم مفسري القرآن على أن كلمة “أتراباً” تعني في سن واحدة وهي ثلاث وثلاثون سنة، أي أنهن على ميلاد واحد. وهنَّ أيضاً “عُرُباً”، وقد اختلف المفسرون في هذه الكلمة، ومما قالوه: كلامُهنَّ عربي، والمرأة الغنجة، أو حسنات الكلام، أو المتحببات إلى أزواجهنَّ، فالعروب تبين محبتها لزوجها بشكل غنجٍ وحسن كلام. وقيل: إنها الحسنة التبعل لتكون ألذ استمتاعاً. ويصف القرآن نواهد الحوريات بكلمة “كواعب”، أي أنَّ نواهدهن لم يتدلَّين، فالحورة ناهد مثل العذارى، مما يزيد متعة الجماع. وجميع النساء من عجائز أو صغار السن سيرجعن أبكاراً في الجنة، فالمرأة الثيب تعود عذراء لتمتع زوجها بها بلا انقطاع. وقال ابن عباس: “إن الرجل من أهل الجنة ليعانق الحوراء سبعين سنة، لا يملّها ولا تملّه. كلما أتاها وجدها بكراً، وكلّما رجع إليها عادت إليه شهوته، فيجامعها بقوة سبعين رجلاً، لا يكون بينهما مني، يأتي من غير مني منه ولا منها”. بمعنى آخر، كل شيء في الجنة خال من الافرازات والبشاعات، كل شيء فيه كمال إلى درجة الملل، وكل شي فيه مبالغة قصوى، فالمرأة دائماً عذراء والرجل بقوة سبعين رجلاً.

زعفران

اختلف الفقهاء في قضيّة خلق “الحور العين” بحسب ما تلاحظ الباحثة غادة كرمي، فذهب فريق إلى أن “الحور العين” هن نساء هذا العالم اللواتي أجيز لهن دخول الجنة لإيمانهن وصلاح أعمالهن، بينما ادعى فريق آخر من الفقهاء أن “الحور العين” لسن النساء الآدميات، هذا إضافة إلى الخلاف حول وجود “حور عين” أنسيات وجنيات، وقد عرضت آراء عدة حول المادّة التي خلقن منها فيقول الطبري إنّهن خلقن من الزعفران بينما يعتقد القمي أنهنّ خلقن من تربة الجنة النورانيّة، أما الترمذي فيقول إن سحابة أمطرت من العرش فخلقت الحور من قطرات الرحمة، في حين أن ابن عباس يورد أن الله خلق الحوراء من أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران، ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك، ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر، ومن عنقها إلى رأسها من الكافور.

حين نقرأ مكوّنات خلق “الحور العين” أو وصفهن، نجد أنفسنا أمام أدب خلاّق يباطح فذلكات ماركيز وايزابيل الليندي وفارغاس يوسا في أدب “الواقعية السحرية”. فلنتخيل امرأة من زعفران أو من تربة نورانية او من مسك. فلنتخيل امرأة من الجنيات والأنسيات.

لكن في مقابل الإمتاع الادبي في الوصف العاطر، هناك مفاتيح الجحيم على الأرض، فكم من عقل غيبي ومخابراتي يستثمر قصة “الحور العين” في تنفيذ مخطاطات ومشاريع باسم الدين والجهاد، فيتحول الزعفران إلى أشلاء ودم واحياء مخربة ونفوس محترقة. الأمر الآخر ان الوعد السماوي بالجنة و”الحور العين”، يقوم على إبقاء النساء وعاء للرغبة المستفحلة والمستدامة، واقتصار بشرتهن على اللون الأبيض. بمعنى آخر أن “الحور العين” المتخيلات ثمرة تفكير اهل البداوة المقيمين في الصحراء. عدا الرغبة التي لا تنقطع في الجنة والعذرية الدائمة لدى المرأة، هناك الولدان الذين ينافسون “الحور العين” جمالاً ورقة وزينة، وهناك أنهار الجنة وعيونها المتفجرة بالماء وأنواع الخمر واللبن والعسل، فلا جفاف هناك، على عكس الحياة في الصحراء. وإذا كان وصف “الحور العين” فيه من سحر المخيلة، فذلك يجعلنا نقول إن من يصل الى الفردوس الموعود سيظل في حالة انتصاب دائم، كأن لا شيء في الفردوس سوى غزو العذراوات، وكأن المرأة ذلك الكائن الفائق الأنوثة والسلبي الخاضع لشهوات الرجال في كل لحظة.

أحمد فؤاد نجم

كتب الشاعر المصري الذائع الصيت أحمد فؤاد نجم، قبل رحيله بأشهر، تغريدة على موقع “تويتر”، ساخراً من خرافة “الحور العين” وقائلاً إن “الجهاد” سينتهي في عقول التكفيريين بعد ان يقتنعوا بأن النصف السفلي لجسد “الحور العين” عبارة عن سمكة “فكيف تتمّ مراودتها والأخذ بعناقها والانبهار بشميم عطرها؟”. اذا كان احمد فؤاد نجم سخر من علاقة الجهاديين بـ”الحور العين”، فيبدو ان المفكر العقلاني محمد عابد الجابري لا يتردد في الحديث عنهن في مقالة له في مجلة “المجلة” عنوانها “الشهادة والشهداء والحور العين”، كأنه مقتنع بالفكرة، قاصداً منها أن يقدم درسا تربويا للفتيان الذين يقومون بعمليات انتحارية وفي ظنهّم أنّهم ماضون إلى الجنّة مباشرة للتمتّع بالحور العين والخمر المعين. خصص الباحث وائل السواح مقالة طويلة بعنوان “سؤال الحور العين حقيقة أم مجاز هو ما يشغل بال الجابري” في موقع “الاوان”، ومن العنوان ندرك مآل تفكير الجابري، الذي يتصرف كمن يغرق في شبر ماء، فعقلانيته احتضرت أمام مجاز “الحور العين”، اذ يقول إنّ ما حمله على الخوض هنا في هذا الموضوع هو ما ورد في مقطع من فيلم بثته قناة فضائية عربية، يعرض صورا لشبان أثناء استعدادهم فرحين مستبشرين للقيام بـ”عمليات استشهادية،” وهم يحسبون أنهم ماضون قدما للنوم مع “الحور العين” في الجنّة.

يقول وائل السواح إن الجابري يجد نفسه متورّطا في تفسيره لـ”الحور العين” في الجنّة، إذ لسبب ما يستنتج المفكر العقلاني السابق أنّ “الحور العين” لسن فتيات من جسم ولحم كما في الدنيا وإنما هنَّ مكافأة مجازية، وتمثيل بقصد الترغيب. وهو يرى أن أولئك الشبان الذين يُقدمون على العلميات الانتحارية باستبشار “قد فهموا (أو أفُهِموا) هذه الآيات ومثيلاتها التي تتحدث عن نعيم الجنة فهما لفظيا ماديا متخيلين أن “الحور العين” في الآخرة هنّ هنّ كما في الدنيا.

إنه فعلاً ورطة، الحديث عن “الحور العين”.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى