صفحات سورية

الخطاب الطائفي والارتهان على الخارج سيدمر الثورة السورية


طارق حمو

من اطلع على تصريحات مأمون الحمصي النائب السابق في مجلس الشعب السوري الاخيرة، والتي يهدد فيها الطائفة العلوية السورية كلها بالسحق والحساب العسير، سيٌحاط علما بمدى خطورة الأوضاع في سوريا. التصريحات جائت من رجل سياسي المفروض انه مناضل ضد الديكتاتورية وناشط مدافع عن حقوق الانسان والحريات العامة، واذ به يتحول الى شخص طائفي يهدد بالحرب الاهلية ضد مكون من مكونات سوريا، يحشره كله في صف النظام المجرم.

للأسف الشديد اغلب قوى المعارضة السورية وقعت في المحظور عندما فهمت استماتة النظام في الدفاع عن وجوده بقتل المدنيين وارتكاب كل هذه الجرائم بانها جزء من حرب اقليمية يقودها “محور ايران والشيعة” ضد “محور الاعتدال العربي/ الخليجي/التركي السنَي”. هذه الاطراف اتخرطت فورا في اللعبة الاقليمية وارتضت تحويل سوريا الى لاعب في الصراع الاقليمي محوَرة الحقيقة التي تقول ان هناك ثورة شعبية محقة ضد نظام ديكتاتوري ظالم فاسد غير وطني يقتل شعبه بدم بارد. المعارضة التي ارتمت في حضن تركيا ودول الخليج وقبضت منها خانت ثورة الشعب السوري. المعارضة التي رفعت لواء الطائفية وفسرَت الاحداث تفسيرا طائفيا، وابدت استعدادها لحمل سلاح الآخرين وتحويل سوريا الى ساحة لتصفية الحسابات وطلبت العون من المحاور الخارجية، قضت على كل الآمال في بناء سوريا ديمقراطية تعددية لكل شعوبها. سوريا جديدة بعيدة عن الغابة التي يحميها الاسد الآن ويفترس أبنائها كل يوم.

التفسير الطائفي والتهديد بسحق طائفة سورية لا لشيء وانما لان النظام استغل جزءا من ابنائها واستخدمهم وارتكب بهم جرائمه، هو ضربة قاضية لجوهر ثورة الحرية الحالية. الحديث عن وطنية “الاغلبية” وتحريض هذه الاغلبية ضد بقية ابناء الشعب السوري ورفع لواء المذهبية عاليا وبشكل علني سيدخل سوريا في نفق مظلم، قد لاتخرج منه أبدا. وقد تخرج منه وهي تترحم على ايام بشار الاسد ونظامه المجرم.

حشر الفعل الثوري السوري المطلبي والوطني في خانة المحاور وربطه بالدول الاقليمية واجندتها المعادية لسوريا الوطن تصرف غبي وخطير وغير مسؤول. وكنا ومنذ بداية الثورة حذرنا من هذا التحويَر الخطير في مسيرة الثورة السورية.

استهداف العلويين بهذا الشكل العدائي السافر يصب في مصلحة نظام الاسد. وهذا التهديد بالمحاسبة والسحق لايستهدف فقط العلويين بل يستهدف كل ابناء الوطن السوري من غير “طائفة الاغلبية”، وهو ماينقل مياه كثيرة لطاحونة النظام القمعي المحتضر. لاالعلويون كلهم “خونة” و”قتلة” و”مع النظام” ولا السنَة كلهم “مجاهدون” و”ثوار” و”مع “الثورة” و”الديمقراطية” و”الحرية”. هذه قضية نسبية وهي قضية تخص كل السوريين وتنطبق على الجميع دون استثناء. ان من يٌنظَر لنظام الاسد على المنابر ومن يٌساهم في سكون حلب وغيرها ليسوا من الطائفة العلوية.

قليلا من الضمير لكي لا نٌدخل سوريا في نفق مظلم ونسقيها من الكأس الذي شرب منه العراقيون قبلنا.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى