صفحات الناس

الخطف بإسم الثورة: للصحافيين نصيبهم/ مـالـك أبـو خـيـر

هي مجموعات أخذت من الثورة غطاءً لنشاطها في التحكّم بالمناطق التي تسيطر عليها. لا تختلف كثيراً عن النظام السوري في أسلوب التعاطي مع من يعارض أفكارها وطريقة إدارتها للمناطق التي تسيطر عليها، فهي قامت بإنشاء مقرات وأقبية للاعتقال والتعذيب والتحقيق مع من تعتقلهم، وطبعاً التّهم جاهزة لكل من يختلف معها، ما بين “سرقة الثورة” أو “الخيانة” أو “التعدّي على الذات الإلهية”، وغيرها من التهم التي لا تختلف كثيراً عن تهم النظام السوري و”حزب البعث”.

البعض يعتبر أن هذه المجموعات ترتبط بالنظام السوري من خلف الكواليس، وتمارس سياسات تكرّس مبدأ أن “بقاء النظام رغم إجرامه أفضل من وصول هؤلاء إلى الحكم”، وذلك نتيجةً لحجم العقم العقلي الذي يعانيه القائمون على قيادة هذه المجموعات المسلّحة.

في مدينة الرقة المحررة خرج النظام أخيراً من حياة السوريين، ليحلّ مكانه كابوس آخر إعتمد منطق السلاح والقوة وفرض الرأي تحت إسم الدين، كـ”دولة العراق وبلاد الشام الإسلامية”، وغيرها من الحركات المسلحة. وبدلاً من أن تصبح حركة السلاح في خدمة تأسيس دولة القانون والمواطنة والعيش المشترك، باتت هي العائق الجديد المعادي للنظام بأفكاره لكن الذي يغازله بطريقة آدائه على الأرض.

الصحافيين والنشطاء ضمن المناطق المحررة، والذين حاربوا النظام السوري عبر كاميراتهم، ومنهم من قضى نتيجة لغارة جوية أو لقنص، وبدلاً من تصبح هذه المناطق المحررة مكاناً آمناً لهم بعد أشهر من العمل في الخفاء والملاحقة من بطش الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، لا يزال الرعب يتحّكم بنفوسهم وهم فيها، وتحديداً تلك التي تسيطر عليها المجموعات الموتورة فكرياً.

علي أبو المجد ناشط من مدينة ادلب وصل إلى مدينة الرقة بتكليف من محطتها التلفزيونية “تلفزيون الآن”، وهي من المحطات التي تقوم بتغطية شاملة للثورة السورية وتساندها، تعرّض أثناء تواجده في منزله لاقتحام من قبل مجموعة تطلق على نفسها اسم كتيبة “حذيفة بن اليمان”، التابعة لـ”جبهة الأصالة والتنمية”، وقامت باعتقاله وتعذيبه. يشير أبو المجد إلى أنه حوالي الساعة الواحدة ليلاً تم اختطافه “بطريقة لا تمت للإنسانية بصلة”، ويقول: “أخرجونا بلباسنا المنزلي، وبدون أحذية، وتم وضع كل منّا في زنزانة منفردة، ضمن سجن كان قديماً للنظام، وبعد ساعات تم إخراجي من الزنزانة وطلب منّي السجان التمدد على بطني وبعد ذلك بدأ أحدهم يضربني بالسوط الذي كان بيده بدون تحقيق، ثم بدأوا بنسب تهم لي وبدون أدلة، كي يجدوا حجة لتعذيبي”.

ويضيف: “كانت الأسئلة كالتالي: من حاول الاعتداء على الفتاة؟ أين كرت “الموبايل”؟ إعترف ما هي القنوات التابعة للنظام السوري والتي تتعامل معها؟ من هذه الفتاة التي أرسلت لك رسالة وهل لك علاقات مع الفتيات؟ ثم ركلٌ بالقدم، وصفع على الوجه، وهو ما حرّمه الله، ثم عبارات بذيئة وشتم وسباب، وحكم بالضرب بدون بيّنة أو دليل”، ويتابع: “من يسمع كلامهم بالتحقيق يظن أنهم مفجّري الثورة في سوريا، كما تشعر انك بين قوم لم يعرفوا سوى عبادة الله، وكل ذلك خداعاً ومكراً، إنهم ليسوا قطاع طرق أو لصوص، ولا حتى عصابة مافيا، بل هم سوريون تسلقوا الثورة باسم الدين”.

خرج علي أبو المجد بعد تعرضه لتعذيب شديد ودون أي سبب لهذا التصرف سوى اتهامه بتهم غير مفهومة، وكأن الهدف من ذلك ممارسة الترهيب له ولكل من يعمل ضمن مجال الصحافة.

“عبيدة”، بطل من إعلامي سوري يعمل مع تلفزيون “اورينت” الداعم أيضاً للثورة السورية، تم اختطافه هو الآخر في مدينة حلب من قبل مجموعة مجهولة الهوية مع اثنين من زملائه وسيارة البث الفضائي. ولايزال العاملون في المحطة يعملون كل ما بوسعهم لإيجاد سبيل لإخراجه، وقد شكّل هذا الاختطاف صدمةً لكل الإعلاميين الذين يعملون في الثورة السورية وخصوصاً لمعرفتهم بحجم الجهد الذي بذله عبيدة وحجم المخاطر التي تعرض لها، فلا سبب مقنع في اختطافه، سوى أن من يقوم بهذا العمل يخدم النظام السوري ويقدم له على طبق من ذهب فرصة القول “أنظروا هذا هو البديل”.

موقع لبنان الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى