صفحات العالم

الخلاص من الاستبداد هو عيد سورية الحقيقي

رأي القدس

هذا خامس عيد يمرّ على سورية منذ بدء الثورة.

خلال هذا ‘العيد السوري’ يستقبل مليون وثمانمئة ألف من السوريين والفلسطينيين نصفهم من الأطفال عيد فطرهم وقد صاروا نازحين ويعيشون في ظروف بائسة بعيدا عن وطنهم، فيما ينضاف اليهم، حسب احصاءات الأمم المتحدة، 6000 شخص يومياً منذ بداية عام 2013.

الملايين في سورية نفسها اضطرّوا أيضا للنزوح عن مدنهم التي تتعرض للقصف والتدمير الى مدن أخرى، وكثيرون اضطروا للهجرة أكثر من مرة، او مات منهم من مات في أماكن هجرتهم الجديدة.

حصيلة أول امس وحده من القتلى كان 187، وهو رقم مهول لكنه لم يعد يثير أحداً اللهم إلا أمهات وأطفال وعائلات الضحايا.

النظام من جهته مشغول بإعلان انتصاراته (او المعجزة العسكرية الكبيرة على حدّ تعبير وزير الدفاع السوري في تصريح الاثنين الماضي) على أنقاض المدن المهدّمة وما زال يكرّر حلّه السحريّ الذي ابتدأ كل هذا الدمار السوري الشامل: ضرب الارهاب بيد من حديد.

بعد يومين من انتصاراته المدويّة تعرّض النظام لخسارة مطار منّغ العسكري مما قطع طرف الامداد عن قواته في ريف حلب، وصعّدت المعارضة المسلحة هجومها على مطار ‘كويرس′ وحصارها لبلدتي نبل والزهراء كما تعرّضت مدينة القرداحة مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد لتهديد كبير أدى لنزوح بعد سيطرة الجيش الحرّ على قرى قريبة منها.

وجاء خبر الهجوم على موكب الرئيس السوري المتجه لحضور صلاة العيد والذي نفته وسائل الاعلام السورية بعد أن تراجعت فرص النظام بالسيطرة على ضواحي دمشق الخارجة عن سيطرته لتؤكّد ان انتصارات النظام لم تمنع أبداً المعارضة من الحفاظ على توازن كبير على الأرض وتحقيق خطوات تفاجئ النظام وتكشف له الحقيقة المؤلمة التي آل اليها وهي انه صار مجرّد طرف مسلّح ضمن أطراف عديدة.

ولم يخل من دلالة خبر حضور احمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني صلاة عيد الفطر في محافظة درعا غير بعيد عن دمشق دون أن يتعرّض لخطر حقيقي او مزعوم من أي نوع كما حصل مع الرئيس السوري.

كما كان أمراً شديد الدلالة ان تعلن ‘وحدات حماية الشعب’ التابعة لـ’مجلس غرب كردستان’ في بيان لها ان 70 عنصراً من قوات النظام برفقة دبابتين ‘وقعوا في مكمن’ نصبه عناصرها، وهو ما يعني ان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني التركي، قد نقل مجدداً البندقية من كتف الى كتف ووجهها الى النظام، مما سيحرم الرئيس السوري من اللعب بهذه الورقة المهمة بالنسبة اليه.

فيما يترقّب الشعب السوري المنكوب مماحكات روسيا وامريكا وابتعاد أية امكانيات قريبة للحل السياسي يبدو الوضع السوري شديد التعقيد بشكل يوحي أن الكارثة مستمرة.

عيد سورية الحقيقي هو اليوم الذي تتخلص فيه من الاستبداد بكل أشكاله ويحصل السوريون على حقوقهم كبشر ويتمكنون من التعبير عن آرائهم السياسية والفكرية دون خوف من أجهزة الأمن او من أي استبداد تحت إسم او علم آخر، وأن يبنوا جمهوريتهم المدنية الديمقراطية، ولكن، للأسف، لا أحد يعلم متى سيجيء عيد سورية الحقيقي.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى