صفحات الناسوليد بركسية

الخوذات البيض في الأوسكار.. دون ناسها/ وليد بركسية

 

 

لن تغير نتيجة جوائز “أوسكار” السينمائية العالمية الكثير في ما يخص الإرث الإنساني الذي صنعه فريق الدفاع المدني “الخوذات البيض” في سوريا. سواء فاز الفيلم الوثائقي الذي يروي قصة الفريق، بجائزة أفضل فيلم وثائقي، أم لا، غداً، في الحفلة الـ89 للأوسكار، التي تنظمها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة في هوليوود، لتكريم أفضل الإنتاجات السينمائية خلال العام 2016.

وفيما يبدو التكريم والترشيح للجائزة السينمائية الأهم، للفيلم نفسه (لمشاهدة الفيلم كاملاً انقر هنا) ولصانعيه الأساسيين، أي المخرج البريطاني أورلاندو فون أينسيديل، وشركة “نيتفليكس” العالمية التي أنتجت المشروع المميز وعرضته عبر شبكتها للجمهور العالمي، إلا أن جزءاً من الثناء يعود للقصة الملهمة التي قدمها فريق “الخوذات البيض” على أرض الواقع وتحديهم للموت من أجل إنقاذ المدنيين السوريين من جميع الانتماءات، وهو ما عبّرت عنه المنتجة المنفذة للفيلم جوانا ناتاسيجارا في تصريحات صحافية قبل أيام بأن “الخوذات البيض من أكثر فرق الإغاثة الإنسانية التي عرفناها إلهاماً، وإنه لشرف كبير أن نشاركهم منصة عالمية للتعريف بعملهم الرائع. إن قصتهم في هذه الأيام تحديداً واحدة من أكثر القصص التي تمس وجدان جيلنا”.

ويمكن القول أن ضجة موسم الجوائز الأميركية ساعدت كثيراً في الترويج للفيلم ورفعت من عدد مشاهديه حول العالم، لتساعد بالتالي في التعريف بقضية “الخوذات البيض” نفسها، حيث يصبح الموضوع أهم نقطة يتمحور حولها الفيلم الوثائقي بالمجمل، ثم تأتي طريقة العرض لإبراز الموضوع وتسليط الضوء عليه بحيادية وواقعية وهو ما ينجح فيه الفيلم الذي يتتبع قصة ثلاثة من أعضاء “الخوذات البيض” في حلب وتركيا.

للأسف، لن يحضر حفلة الأوسكار في لوس أنجلوس، كل من مدير “الخوذات البيضاء” رائد صالح والمتطوع في الفريق خالد خطيب، الذي ساعد أيضاً في تصوير الفيلم، رغم حصولهما على تأشيرتي دخول إلى الولايات المتحدة. وقال خطيب: “إن فزنا بهذا الجائزة فسيُظهر ذلك لجميع السوريين أن العالم يدعمهم، وسيعطي الشجاعة لكل المتطوعين الذين يستيقظون كل صباح ويركضون نحو أماكن سقوط القنابل”.

وكان مقرراً ان يسافر خطيب إلى لوس أنجلوس لكن وكالة “أسوشيتد برس” نقلت السبت أن سلطات الهجرة الأميركية حظرت دخول خطيب إلى البلاد لحضور توزيع جوائز “أوسكار” في اللحظة الأخيرة، فيما أبلغ مسؤولون أميركيون أنهم وجودوا “معلومات سلبية” تتعلق به من دون الكشف عن تلك المعلومات التي تشمل عادة أي شيء من صلات بالإرهاب إلى مشكلة بسيطة في جواز السفر والذي يرجح أن يكون سبب المشكلة.

وفي بيان صحافي حصلت “المدن” على نسخة منه، يفيد خطيب (21 عاماً) أن عمره لم يكن قد تجاوز 16 عاماً عندما بدأت الثورة السورية، ومنذ ذلك الوقت كان يشاهد الصحافيين الأجانب وفرق التلفزيون تأتي لتوثيق ما يجري في مدينته حلب، ويحلم بأن يتمكن من فعل ذلك يوماً ما وأن يتمكن من رواية قصة مدينته وشعبه، “وعندما شاهدت فريق الخوذات البيض، عرفت أنهم القصة التي أريد أن أحكيها للعالم”.

في السياق، كان خطيب يوثق عمل “الخوذات البيض” من تلقاء نفسه: “عندما تسقط القنابل أتابع فرق الإنقاذ إلى مكان الحادث، أشاهدهم وهم يستخدمون الحفارات والرافعات وأيديهم وأي شيء يمكنه أن يساعدهم في إنقاذ المحاصرين. ومن واجبي أن أبقى هادئاً لالتقاط ردود فعل الناس الذين يتعافون من صدمتهم إثر رؤية منازلهم وأسرهم وحياتهم تحت الأنقاض. أحاول التركيز على التقاط قصص أولئك الناس”.

في ما بعد عمل خطيب على تصوير الفيلم مع فون أينسيديل وخبير السينيموغرافيا فرانك داو، وتعلم الكثير من الأمور الاحترافية حول التصوير وتحرير اللقطات وكيف يمكنه أن يروي قصة عبر الكاميرا، وهو ما كان يحلم به عندما اتصل فون أينسيديل للمرة الأولى بـ “الخوذات البيضاء” ليخبرهم برغبته بصناعة فيلم ينقل قصتهم الملهمة للعالم.

ويعرض الفيلم لمحة عن الحياة اليومية لأفراد الدفاع المدني الذين تطوعوا في أعمال الإغاثة في الحرب. وقد يكون فوز الفيلم بالجائزة المرموقة أفضل تعويض لخسارة الفريق جائزة نوبل للسلام 2016، التي منحت لرئيس كولومبيا خوان مانويل سانتوس، حيث كان فريق “الخوذات البيض” أبرز المرشحين للجائزة بدعم من 126 منظمة سورية وعالمية حينها.

وتجب الإشارة إلى أن نجاح الفيلم وترشحه للأوسكار له أبعاد أخرى ترتبط بالبروباغندا التي يبثها إعلام النظام السوري على المستوى المحلي، والإعلام الروسي على المستوى العالمي، والتي تأخذ موقفاً حاداً من الفريق وتعمل على تشويه صورته بأكاذيب لا تنتهي، بهدف إظهاره كمنظمة إرهابية إسلامية تساعد جرحى التكفيريين وتتظاهر بالإنسانية ومساعدة المدنيين أمام الكاميرات. لأن وجود مثل هذا الفريق الإنساني يثبت وجود مدنيين أولاً ومسعفين لهم ثانياً ما يظهر حقيقة حرب النظام وحلفائه الهمجية على المدنيين المحاصرين في مناطق مختلفة من البلاد وتحديداً في الشمال السوري.

يذكر أن فريق “الخوذات البيضاء” ينشط منذ العام 2013 لإنقاذ المدنيين في مناطق المعارضة السورية التي تتعرض لقصف مستمر من طيران النظام السوري وحلفائه، بأسلحة مختلفة منها ذخائر محرمة دولياً، ويضم الفريق حوالى 3000 متطوع لا يمتلكون خبرة سابقة في مجال الإنقاذ، وبدأ بمبادرة من رائد صالح، أحد سكان مدينة إدلب المنكوبة شمالي البلاد.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى