صفحات الناس

الخوف يجمع السوريين/ رنا بحري

جو عام من الترقب يلف العاصمة دمشق، على الرغم من أن ردة فعل الناس، لا ترقى إلى من ينتظر حرباً على بلدهم، ربما لأن الحرب حلت على السوريين منذ نحو العامين، ما يجعلهم يتساءلون: وما الجديد في الأمر؟

أبو سامي، الذي أعياه الوقوف لمدة ساعتين تحت أشعة الشمس في طابور الفرن في أحد أحياء العاصمة دمشق، بدا عليه التوتر والقلق، ولم يكن ذلك بسبب تزاحم الناس على الأفران كما في المرات السابقة عند انقطاع مادة الطحين أو المازوت، ولكن بسبب تهديدات الدول الغربية بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا.

السوريون جمعهم الخوف ولكنهم يختلفون بآرائهم. يتهامسون ويتساءلون في ما بينهم عن جدية الضربة، فمنهم مؤيد للتدخل الأجنبي ومنهم من لا يزال رافضاً له.

هيثم، أحد المنتمين للجان الشعبية، وهو أحد القاطنين في منطقة السومرية القريبة من مطار المزة العسكري والموالية للنظام، تحدث بثقة كبيرة، مؤكداً أنه “ضد الضربة العسكرية المحتمل توجيهها لسوريا، وأن سوريا الأسد ستنتصر”. لكن هذه الثقة لم تمنعه من الاعتراف بأنه “أخرج زوجته وأطفاله منذ يومين الى “الضيعة” في الساحل السوري خوفاً عليهم”.

يبدو الخوف بادياً على الفئات الموالية لنظام الأسد، فهم ربطوا مصيرهم بمصيره منذ بداية الثورة السورية وانحازوا له، بينما تبدو الضربة العسكرية المحتملة وكأنها تستهدفهم بالذات. سابين، وهي موالية للنظام، تقول وقد بدا عليها الحزن: “أنا ضد التدخل الأجنبي وسيكون له عواقب سيئة جداً على بلدنا”، مضيفة “الشغلة منها لعبة أبداً”.

يخلق الخوف حالة من الوهم لدى موالي النظام. هم يمنون النفس بأن نظامهم “سيفاجئ العالم”، ويذهب بعضهم أبعد من ذلك، فيراهن على انتصار نظام الأسد. ابو يوسف، يملك بقالة في أحد أحياء العاصمة دمشق، تبدو عيناه زائغتان، والتوتر يسيطر على حركاته وهو يقول: “إنها مؤامرة! لكننا سنخرج منها منتصرين”. ويتابع ضاحكاً: “الأسد أو لا أحد”.

على الضفة الأخرى، يقف النازحون من الأرياف إلى العاصمة دمشق. هؤلاء يرون في الضربة العسكرية المحتملة أملاً في العودة الى بيوتهم وفرصة لوضع حد للظروف القاسية التي عاشوها خلال النزوح ونهاية رحلة العذاب التي بدأوها منذ أكثر من سنة. أما الخوف الأكبر لدى هؤلاء فيتركز على المعتقلين بعد انتشار شائعات أن النظام أخلى المواقع العسكرية والمطارات ولم يعد فيها غير المعتقلين.

أم طارق، نازحة من مدينة داريا في ريف دمشق، لم تستطع اخفاء تخوفها على ابنها وأقاربها، قائلةً “أنا مع الضربة لمواقع النظام، وبالتالي هناك احتمال كبير في عودتنا إلى داريا، ولكنني أخشى على المعتقلين، وما بعرف إذا رح يبقو عايشيين أم لا؟”.

من جهته، يقول أبو سامر، وهو لا يخفي حماسه بالعودة إلى بيته بعد نزوح دام أكثر من تسعة أشهر: “انتظر الأيام الآتية على أمل أن نرجع الى بيوتنا بعد فتح الطرق، للدخول إلى مدينتي المحاصرة بقناصة ودبابات النظام”. ويتابع “تعبنا من النزوح والتشرد وغلاء الأسعار بالشام الذي لم يعد يطاق”.

بين تأييد ورفض، يعلو صوت مخالف لكلا الطرفين، يرفض الحرب بأي شكل ومن أي جهة بغض النظر عن موالاة للنظام أم لا، فهناك من المعارضين من يرفض التدخل الأجنبي.

ريما، الرافضة للتدخل العسكري، ترى أن “السوريين يستطيعون حل الأزمة بأنفسهم”، مضيفة “أتمنى أن يكون الحل سورياً بعيداً عن التدخل الاجنبي، وأن يتفق الطرفان على الحل”.

أما التجار، وتحديداً في الصالحية التي تسيطر عليها محلات للألبسة الجاهزة، فيتهامسون في ما بينهم، بين خائف ومتفائل، ويترقبون ما هي المرحلة المقبلة، حيث قال أحدهم: “نحن نريد الخلاص حتى لو كلفنا هذا الشي خسائر مادية المهم أن تنتهي الازمة”. وأضاف “سنتان ونص السنة كافية، تعبنا مادياً ومعنوياً”.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى