صفحات العالم

الرهانات على انفتاح سعودي – إيراني تراجعت وَفَورة السيارات المفخخة تُنذر بمرحلة خطرة/ روزانا بومنصف

تراجع الرهان الذي عقدته مراجع رسمية على احتمالات انفتاح ايراني – سعودي على اثر انتخاب حسن روحاني وتسلمه منصبه قبل بعض الوقت وتأليفه حكومته، يمكن ان ينعكس ايجابا على لبنان وتاليا يمكن ان يظهر على الاقل في حكومة جديدة طال انتظارها على رغم انها لم تتخط حتى اليوم بوابة الاشهر الخمسة التي باتت تصبح عرفاً قسرياً في تأليف الحكومات. وبحسب مصادر سياسية، فإن المخاوف الذي يبديها رئيس الجمهورية ميشال سليمان من الوصول الى استحقاق الانتخابات الرئاسية في الربيع المقبل في ظل فراغ حكومي مستمر هو مؤشر مهم الى ان لا اوهام لديه باحتمال انعكاس ايجابيات في المنطقة خلال المدة الفاصلة عن موعد الانتخابات ما لم يدخل ذلك في باب المفاجآت بكل ما للكلمة من معنى. والمؤشر الاخر بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية وسياسية على حد سواء، هو طبيعة الخطاب المتكرر الذي اطل به الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله خلال شهر رمضان وبعده، والذي توجه بخطابه في عيتا الشعب غداة انفجار ارهابي طاول منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية. فمع انه اعلن الاستعداد في المبدأ للمشاركة في طاولة حوار حول الاستراتيجية الدفاعية على نحو يناقض كل ما ذهب اليه مسؤولو الحزب في المراحل الماضية، فان تشددا طبع مواقفه ازاء كل المسائل. فتوجيه تهديدات الى النائب وليد جنبلاط بواسطة اعلام تابع للحزب او يدور في فلكه، منعا لتأليف حكومة جديدة قد يتوافق الزعيم الاشتراكي على تأليفها مع القوى الاخرى انقاذاً للوضع في البلد أمر يكرس طابع الاندفاع في تثبيت التشدد وعدم القبول او التهاون في مراجعة تكتية ولو لمصلحة البلد، لا بل التلويح بالهجوم والتقدم وليس بالدفاع على كل الصعد.

ثم هناك رد الفعل الذي ابداه على انفجار الرويس ورأى فيه متابعون كثر أمرين لافتين: الاول هو امعانه في التحدي ازاء تدخل الحزب في الحرب السورية بالاعلان عن النية الى توجهه وكل الحزب الى سوريا اذا اقتضى الأمر. والثاني هو اعلانه النية في مواجهة “التكفيريين” في لبنان بالاعتماد على الدولة اللبنانية والا من دونها. وعلى الايجابية التي سجلتها قيادات عدة لمحاولته الفصل بين هؤلاء والطائفة السنية ودعوته الى عدم الانزلاق الى الفتنة المذهبية. وقد برزت ثُغر جوهرية في موقفه يتخوف السياسيون المعنيون ان تؤدي الى الفتنة عملياً بالتزامن مع رفضها لفظياً. فمع ان غالبية القوى الاساسية تتفق على وجوب حصر ما يسمى بالتكفيريين، فان المواجهة التي يخوضها الحزب في سوريا الى جانب النظام تقوم على مواجهة هؤلاء وفق تبني الحزب لمنطق النظام الذي يدرج جميع معارضيه الحقيقيين وليس معارضيه الوهميين الذين يشاركون في حكومته تحت هذه التسمية. ولا تعتقد المصادر ان الحزب طلب او يطلب من كل معارض سوري يرفع السلاح ضد النظام ان يكشف له عن هويته لمعرفة إن كان المعارض تكفيرياً يستحق الاعتقال وربما القتل، او انه معارض يريد اسقاط النظام ولا ينتمي الى الجهات التكفيرية. والأمر الذي يثير تساؤلاً اذا كان هذا التبني ينطبق على لبنان ايضاً خصوصاً اذا كان الحزب هو المرجعية في تحديد هؤلاء.

من جهة اخرى، فان ثمة من اعتبر في كلام السيد نصرالله حضا للدولة اللبنانية على تبني معركة النظام السوري ومساهمة اعلام الحزب او الدائرين في فلكه من داعمي النظام في تسمية بلدات او منطقة معينة مرشحة لمتابعة حركة “التكفيريين” فيها. وقد رسمت قيادات ومرجعيات في الطائفة السنية علامات استفهام قوية منذ ما يزيد على سنة من الآن على اهداف مبيتة لمناطق بقاعية اما بناء على استهدافها بالقصف من النظام السوري او حصول حوادث مشبوهة ترى فيها هذه القيادات استدراجاً قسرياً للجيش من اجل ضربها او حصارها وتكرار ما حصل في عبرا، وان كانت له مبرراته الفعلية الموضوعية في اعتداء الشيخ احمد الاسير على الجيش اللبناني من شأنه ان يضع ابرز مؤسسات الدولة الامنية والعسكرية على المحك اكثر من اي وقت مضى. ولا يمكن ضمان تفادي فتنة سنية شيعية في ظل رعاية الحزب للدفع في هذا الاتجاه او المشاركة فيه، كما حصل في عبرا او توليه هو شخصيا هذه المهمة، في حال لم تتجاوب الدولة مع الدفع الذي يقوم به.

ولذلك في مقابل رهانات وآمال في ان تجمع المصائب اللبنانيين، بحيث يذهب الزعماء والمسؤولون في اتجاه تحصين البلاد من الاخطار الكبيرة التي تتهددها عبر التعجيل في تأليف حكومة مقبولة بعيدا من الشروط والشروط المضادة، فان “طفرة” ملاحقة وكشف سيارات مفخخة تبدو بالنسبة الى المصادر المعنية منذرة باوضاع امنية خطيرة وليس بأمان اكبر تبعاً للتجارب المتعددة التي عاشها اللبنانيون زمن الحروب منذ العام 1975. اذ غالبا ما تكون هذه الفورات خصوصاً متى كانت مبررة بانفجار ارهابي ذهب ضحيته ابرياء كثر بين قتيل وجريح، مقدمة او نذيراً لتطور اكبر لن تنقص الوسائل او الذرائع لافتعاله وفق ما تخشى هذه المصادر.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى