صفحات العالم

الروس ذبحوا الإبرهيمي… ويندبونه!

    راجح الخوري

لماذا يقيم الروس كل هذه المناحة على مهمة الاخضر الابرهيمي التي كان بشار الاسد قد دفنها قبل ثلاثة اشهر؟ هل هي دموع التماسيح تذرف على الاوهام الديبلوماسية و”اعلان جنيف”، ولم تذرف يوماً على آلاف الضحايا السوريين الذين سقط معظمهم بالسلاح الروسي وتحت غطاء “الفيتو” الذي دفع بسوريا الى المذبحة بعدما اسقطت موسكو “المبادرة العربية”، معتبرة منذ اللحظة الاولى ان اطفال درعا ارهابيون؟

كان مضحكاً والأصح مبكياً ذلك الهياج الذي بدا على سيرغي لافروف وسفيره في الامم المتحدة فيتالي تشوركين، رداً على قرار “قمة الدوحة” منح مقعد سوريا للمعارضة، وهو ما تقول موسكو انه يمثّل تقويضاً لمهمة الاخضر الابرهيمي ورفضاً للحل السلمي، لكن بعدما كان الابرهيمي قد غادر سوريا قبل ثلاثة اشهر مهاناً وشبه مطرود تقريباً، حين وقف الاسد وانهى المقابلة الثالثة لمجرد انه تحدث عن عملية “الانتقال السياسي” التي يتحسّر عليها الروس الآن بعدما افشلوها عبر تمسكهم ببقاء الاسد ورفضهم مبدأ الحل اليمني لإنهاء الازمة!

ربما كان على الرفيق لافروف ان يتذكّر ان الابرهيمي انتظر اسبوعاً في القاهرة ليحدد له الاسد موعداً، وانه تدخّل شخصياً لترتيب هذا الموعد بعدما هدد الابرهيمي بالاستقالة، فكيف يستطيع الآن وهو وزير خارجية دولة كبرى ان يقلب الحقائق ويزوّر الوقائع في مسألة خطيرة لا تتصل بمذبحة تدمر شعباً ووطناً فحسب، بل ربما تدمّر اسس العلاقة بين روسيا والدول العربية والاسلامية؟!

عندما يقول لافروف ان قرارات قمة الدوحة تعني ان دول الجامعة العربية رفضت التسوية السلمية وألغت “اعلان جنيف”، يتعيّن عليه ان يتذكر ان بلده هو الذي دفن التسوية السلمية بعدما عطّل الجامعة العربية ومبادرتها واشترى مدى عامين ونيّف الوقت تلو الوقت للحل العسكري، الذي استلزم منه إقامة جسر جوي وبحري لتسليح النظام الذي يفتك بشعبه، وربما عليه ان يتحسس ظلامة اسس الحل الذي تتمسك به موسكو، عندما تدعو المعارضين بعد سقوط اكثر من 90 الف قتيل وتدمير نصف البلاد الى الاذعان والجلوس للتفاوض مع الاسد الذي يقصفهم بالطائرات ويعتبرهم ارهابيين !

والآن عندما يرفع فيتالي تشوركين صوته أعلى مما رفع اصبعه تكراراً معلناً “الفيتو” ضد التدخل الدولي لإنهاء المذبحة، ليقول ان موسكو ستعارض بحزم اي محاولة لمنح مقعد سوريا لدى المنظمة الدولية للمعارضة لأن “هذا سيقوّض سمعة الامم المتحدة”، عليه ان يرى الوحل الذي يلوّث سمعتها والعار الذي يعتري صورتها، بعدما تحولت منذ عامين ونيّف مجرد شاهد زور يحصي عدد القتلى والمهجرين ولا يستطيع ان يحمي الاطفال من القنابل العنقودية وصواريخ “سكود”… أوَليس هذا ما قوّض ويقوّض هذه السمعة وبسكاكين موسكو ايها الرفيق فيتالي !

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى