أحداث وتقارير اخبارية

السجن هو “الثمن الذي ندفعه من أجل الحرية”

 


السجن هو “الثمن الذي ندفعه من أجل الحرية”

تبنى الرئيس السوري بشار الأسد جملة من القرارات التي تعد بحياة سياسية حرة وحياة معيشية كريمة وعلى رأسها إلغاء قانون الطوارئ المعمول به منذ 1963 وإصدار قانون تعدد الأحزاب.المحامي والناشط الحقوقي هيثم المالح يعلق على هذه الأحداث ويروي تجربته في السجون السورية.

سارة لودوك (نص)

بعد عشرة أيام من الاحتجاجات الشعبية في سوريا، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد على لسان مستشارته بثينة شعبان عن مشروع لرفع حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ العام 1963 وإطلاق سراح 260 سجينا .

فرض حزب البعث العربي الاشتراكي حالة الطوارئ في سوريا منذ وصوله إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في مارس/آذار 1963، وتحد قوانين الطوارئ من الحريات العامة ومن الحق في التظاهر والدعوة إلى تجمعات وتسمح باعتقال ” المشتبه بهم بتهديد الأمن”. ويقبع في السجون السورية حاليا نحو 4500 سجين رأي.

ويعتبر هيثم المالح، المحامي السوري المعروف والمدافع عن حقوق الإنسان في بلاده واحدا من هؤلاء السجناء السياسيين. فالرجل الذي بلغ 79 من العمر أمضى ثمانية أعوام من حياته خلف قبضان السجون السورية. العام الفائت حكم على المالح بالسجن ثلاث سنوات مع التنفيذ بعد أن اتهمته محكمة عسكرية في يوليو/ تموز 2010 من جملة ما أتهمته “نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة”.

وكان المالح وقبل إطلاق سراحه في الثامن من مارس/آذار الجاري بموجب قانون عفو عن السجناء الذين تجاوز عمرهم 70 سنة أو المرضى بدأ إضرابا عن الطعام لفترة غير محددة مطالبا بإغلاق ملفات “السجناء السياسيين، ووضع حدا للظلم وإعادة الحقوق للحياة السياسية والمدنية في سوريا”.

ويستعيد المناضل هيثم المالح في حديث مع فرانس 24 تجربته في السجون السورية ويبدي وجهة نظره بما تعيشه سوريا من أحداث منذ 15 مارس /آذار.

فرانس 24: لنعود قليلا إلى فترة اعتقالك السياسي؟

هيثم المالح: كنا خمسة سجناء سياسيين ولكنهم حرمونا من تقاسم نفس الزنزانة. لقد سجنت مع محكومي الحق العام، مع مجرمين، كانت التجربة صعبة بالنسبة لرجل متقدم بالسن ومريض مثلي، لم يكن نزلاء الزنزانة يكفون عن الصياح والعراك، ولم أكن استطيع النوم ولا القراءة. كان الأمر صعبا بحق.

كنت أنام على الأرض مع 40 سجينا في زنزانة مساحتها 6 على 15 مترا. مرة مرضت وأمضيت أكثر من أسبوع دون أن أتمكن من زيارة عيادة الطبيب التي تبعد أقل من 150 مترا عن الزنزانة، لم أكن املك القدرة على النهوض على قدمي وفي النهاية تكفل صديق من السجناء بالعناية بي وبتأمين الدواء. وأمضيت 45 يوما رغم ذلك عاجزا عن النهوض والحركة.

هل تسمح لك السلطات بالعودة إلى مزاولة مهنة المحاماة؟

لقد سجنت بسبب خطاباتي وآرائي، لقد كتبت عن الفساد عن تجاوزات المخابرات وعدم مراعاتها للقوانين، عن السلطة. وكل هذا أثار حفيظة السلطات فقامت بسجني. لقد أمضيت 8 سنوات و6 أشهر من حياتي في السجون السورية. المرة الأولى كانت في العام 1951 وكنت في العشرين من العمر وقتها كنت أزاول المحاماة. لقد أطلقوا سراحي قبل 3 أسابيع وأنا اليوم على مشارف الثمانين من العمر ولكنني لن أتوقف هنا

مزاولة المحاماة في سوريا أمر معقد للغاية فهناك عدد من القوانين والمواد المناهضة للحريات. المادة 69 مثلا تمنع ملاحقة عناصر المخابرات أمام العدالة. فهناك أمور كثيرة يجب أن تتغير ولكن حتى الآن لا يحدث شيء وأخاف أن يستمر الحال على ما هو عليه.

لقد عدت إلى العمل منذ خروجي من السجن بالرغم من التخريب الذي ألحقته السلطات بمكتبي. ولكن الناس يخافون من المجيء إلى مكتبي فعناصر الأمن منتشرون أمام المدخل. وهذه حياتي، هذه معركتي وأنا لست بخائف ومؤمن بالله. وهذا هو الثمن الذي علينا دفعه للحصول على الحرية.

لقد ناضلت طويلا من أجل حقوق الإنسان في سوريا وها نحن اليوم نشهد موجة من الاحتجاجات في البلاد. فهل تعتقد أن النظام سيصغي إلى شعبه؟

يسعى المتظاهرون لدفع النظام إلى منحهم حقوقهم، ولكنني لا اعتقد بأن السلطة سترضخ لهذه المطالب. النظام لن يتردد في تصفية معارضيه. مثلا بين العامين 1980 و1990 ارتكب النظام عشرات المذابح. أكثر من 70 ألف شخص كانوا في عداد المفقودين في الفترة المذكورة، أكثر من 20 ألف عنصر مخابرات نزلوا إلى الشوارع لمراقبة الإخوان المسلمين كما يقولون. 260 ألف سوري فروا من البلاد وأغلبيتهم غير مسموح لهم بالعودة.

نحن في خطر حقيقي ونسعى إلى تجنب صراع جديد مع السلطة قد يغرق البلاد في بحر من الدماء. بالمناسبة وقعنا قبل أيام على بيان للتأكيد على أهمية تجنب أي نزاع مسلح. فالسوريون ينتمون إلى طوائف ومناطق مختلفة ولكنهم شعب واحد يناضل من أجل الحرية. ويجب عليهم ألا يتقاتلوا فيما بينهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى