صفحات سورية

السلمية … طريقنا إلى النصر


عبد العزيز الخليل

السلمية … هي مقتل النظام، فرصاصه الذي يقتلنا، يقتله أيضا وربما بصورة أكبر، قتل منا أزيد من ألفين أو ثلاثة آلاف من الشهداء، ولكنه قتل ملايين من أنصاره أو من الصامتين عنه، فصاروا معارضين له أو ناقمين عليه، خمسة أشهر والثورة تقطف ثمار الصبر والمصابرة، أعداد المؤيدين للنظام في تناقص، وكذا الحال لحلفائه الدوليين فقد بدؤوا يتململون من أفعاله، وباتوا لا يستطيعون الدفاع عن دمويته ووحشيته تجاه شعب مسالم أعزل…

بسلميتنا نعبد طريق حريتنا؛ أقول هذا وقد بدأت تظهر دعوات عاطفية انفعالية متعددة للثورة المسلحة، لعل بعض مصدرها الشباب الثائر ولكن هناك دعوات أكثر تصدر بإيحاء من النظام نفسه لتسليح الثورة وعسكرتها، فكم من تمثيلية يحاول إخراجها ليثبت هذا الأمر، وكم من خبر بثه ليوحي بصدقية زعمه.

وبعد؛ ألم نرَ أن النظام يستميت لدفع الثورة نحو العمل المسلح ليبرر القضاء عليها، انظر أخي الثائر إلى العالم كله يتفرج علينا ونحن سلميون، فما بالك لو كنا مسلحين لبرر للنظام كل جرائمه، وأما من يدعو إلى الثورة المسلحة –هداه الله- انظر هل من يملك مسدسا أو بندقية صيد (جفت) تسمي ذلك تسلحا، والله لو كان معنا دبابات وطائرات لتمكن النظام من قتل الثورة، لأنه مهما بلغ عتادنا فلن يبلغ عشر معشار قوته التي ستبطش بنا.

والأمثلة على ذلك كثيرة؛ فقد استدرج القذافي المعارضة حتى أصبحت مسلحة وما هي أيام إلا وبدأ بالعمل العسكري المنظم ووصل قلب بنغازي لولا تدخل الناتو في الرمق الأخير… فالجيش الليبي المنشق لم يكن بالرغم من سلاحه على موازاة الكتائب…

والمثال الثاني هو انتفاضة الجنوب العراقي بعد تحرير الكويت… فقد دعم الجميع الثورة ضد صدام حتى ما بقي معه إلا بغداد والمنطقة الوسطى.. ثم جاء الضوء الأخضر لصدام، فأباد الثورة وقضى على الحراك الشعبي رغم قوة تسلحه

وفوق هذا وذاك فقد خبرنا النظام عندنا حين دك حماة عام1982وسوّى أحياءها بالأرض، وقتل عشرات الآلاف لأن 300 عنصر من الطليعة المقاتلة اختبأت فيها، ولا يحملون أكثر من بنادق آلية وبعض القنابل اليدوية، لقد استدرج الناس في ذلك الوقت وأجبرهم على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، ثم قتلهم وقتل معهم أضعافا مضاعفة، حتى لا تقوم قائمة لمن بعدهم، وهذا ما حدث إلى حين.

الثوار جميعا مدعوون إلى عدم الانجرار وراء الخديعة التي استخدمها النظام سابقا ويحاول تكرارها الآن، فالثورة المسلحة تخدم النظام أكثر ما تقوض بنيانه…. وثمن السلمية مهما كان مرتفعا، فإنه لن يصل بأي حال من الأحوال إلى ثمن الثورة المسلحة، وحماة خير شاهد، وثورة ليبيا تمدنا بمثال حيّ.

وأما من يدعي أن السلمية لا تجدي فتيلا فإليك غاندي الذي حرر الهند دون أن يحمل عصا، وفي وقت لم يكن الإعلام القوي موجودا، بل طور السلمية إلى حركة مقاطعة اقتصادية شاملة أجبرت بريطانيا على الخضوع لمطالب الشعب الهندي بالحرية والاستقلال.

ونحن ملزمون بتطوير الحراك الشعبي السلمي ليصبح أكثر فاعلية وأسرع تقدما حتى إسقاط النظام. ثم إن السلمية هي من أسقطت نظامي بن علي ومبارك، مع كون الجيش عندهما هو من رجح عملية انتصار الثورة بخلاف الأمر في سورية، ولكن مهما يكن حال الجيش عندنا فإن إرادة الشعب -وهي من إرادة الله-ستنتصر في النهاية.

إنها السلمية طريقنا للحرية، ودم الشهيد هو من يرص هذا الدرب نحو الحرية والكرامة؛

دمك الطريق ولو حملنا وهجه أغنى وأرهب عدة وعديدا

سلمية… ثورة سلمية، ولا غير السلمية طريق.

http://www.arflon.net/2011/08/blog-post_3634.html#more

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى