صفحات العالم

السوريون الشجعان

 


خلدون جاويد

” نـُسب الى سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “هيومان رايتس ووتش” قولها (“….. لقد أظهر السوريون شجاعة مذهلة في التجرؤ على المجاهرة بمعارضة أحد أكثر الحكومات قمعاً في المنطقة ……”) .

ان المبدأ الذي يقوم عليه الشعار او الهتاف : ” سلمية ” “حرية ” على ماينطوي عليه من معاني سامية ، ينقلب بالتالي وفي النهاية على السلطات بالويل والثبور اي بإزاحة السلطة . واول من يُدرك مآل او نتائج هذا الهتاف هو السلطة ذاتها . وقد أثبتت التجارب ان التحولات التراجيدية في المنطقة العربية انطلقت من هذا الشعار الرهيب ـ او ماشابه ـ ” سلمية ” ” حرية ” انه بصيص يستحيل الى شعلة ومن ثم الى نار كبرى تعصف بغابات الخريف الذابلة .

ولو نخضع المسألة برمتها الى التحليل ، نخلص الى أن من حق الأفراد او الجماعات والشعوب ان يتظاهروا ، ومن واجب السلطات الحفاظ على ابنائها واستيعاب دوافع التظاهرات والعمل الجماعي الممكن مع متطلبات كل حالة . هذا مايحدث في دول العالم المتقدم .

في عالمنا الموبوء بأمراض الخلافة والسلطنة والسرطنة! يُعطى لظل الله في ارضه الصلاحيات بقتل الانسان كما لو يكون حشرة . المفارقة هنا : امام شعار سلمية يوجد شعار ” قمعية ” واما “حرية” يوجد شعار “رجعية” وآمرية واستبداد واعتقال وسجن وتعذيب وقتل وحتى ابادة . قتل في تونس ، بلطجة وقتل ودهس وتحايل على الإرادات في مصر ، قصف بالمدفعية والطائرات وكل اشكال الذخيرة الحية مع الاستقواء بالمرتزقة في ليبيا . القنص والقتل وتأليب مظاهرة حكومية على اخرى معارضة مع الاحتمالات الخطيرة المفتوحة نموذج اليمن .

أما في دمشق ودرعا وبانياس ومدن اخرى فاللغة المعبر عنها سلطويا هو القمع والقتل ، والقتل مع سبق الاصرار واثناء تشييع ! مع وجبة اخرى من شهداء فجر الاربعاء 23/3/2011 والمسلسل الدموي مستمر . وبما ان سوريا من اكثر الدول قمعا للحريات وهي مركّب استخباراتي مرعب ، فإن زحزحة النظام تعتبر من قبيل الخطورة بمكان . الاّ ان نبراس الثورة العربية اللآهب ، وحالة التكلّس السلطوي السوري الداخلي هما ـ كعاملين محركين اساسيين ـ اللذان دفعا بالقاعدة الشعبية المقموعة لعهود وعهود بأن تتململ بل تثور . ان الشجاعة التي أبداها السوريون كما اشارت لها سارة ليا ويتسن، وكما هو على ارض الواقع ، سوف تدفع بطوفان مذهل من الاحتجاجات والاعتصامات . والأسباب السياسية والاقتصادية معروفة للجميع .

قال ملهم الثورات الشاعر ابو القاسم الشابي : ” ومن يتهيّبْ صعود الجبال …. يعشْ أبد الدهر بين الحفر ” ” ومن لم يعانقه شوق الحياة …. تبخر في جوها واندثر ” ! ان الشعب السوري هو من اكثر الشعوب تعطشا الى الحرية والى ازاحة الظل السام والقاتل المتمثل في شخص الحاكم وريث الخلافة السلطانية مدى الحياة .. شعب عانى من مكبات الحفر التي يلقى فيها كل نهار ومن حالة تشبه الحالة المشار اليها عند الشابي : التبخر والاندثار .

ليس أمام الشعب السوري المعبأ بروح التذمر ، بوجع الحقيقة الاّ التحلي بالشجاعة وبروح الفداء الى النهاية وكذلك ازدراء الموت وهذا هو المهم! لاحرية بلافاتورة !. ان السوريين مرشحون قبل سواهم الى زحزحة الوضع السياسي وقلب المعادلات القمعية على رأس السلطة .

وثمة من يقول : ان اسقاط السلطة في سوريا اسهل من سواه وذلك لأن الرافعة السلطوية الحاكمة ذاتها تعمل بميكانزم التخويف ، والارهاب ، وماعلى المتظاهرين الأ ان يثقوا بأن فرص التحاق قطاعات واسعة من الاعتصامات المدنية والعسكرية بالاعتصام وبالمظاهرة ، سانحة الى حد بعيد . آن للسوريين ان يتفجروا بالحان الثورة الباهرة والمنتصرة لامحالة .. ان السوريين لايقلون في المنعطفات الثورية شجاعة وارادة عن أي شعب آخر : ” اذا الشعب يوما اراد الحياة …. فلابد أن يستجيب القدر ” .

*******

توْقٌ أخيرٌ :

ـ انظر الى صدري كم من جراح وطعنات فيه ، بالمقابل انظر الى ظهري لاندبة لاخدش لا جرح ! هذا يعني أني لم أهرب أمام عدو ! اعطاء الظهر للعدو بداية الانتصار له . زوربا بطل الروائي اليوناني نيكوس كازانتزاكيس .

ـ دانتون، جورج جاك (1759 – 1794م). أحد زعماء الثورة الفرنسية. كان شعاره “بالجرأة والجرأة أكثر وأكثر يكون الخلاص لفرنسا” …

*******

23/3/2011

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى