صفحات سوريةغسان المفلح

السوريون الكرد لحظة الثورة


غسان المفلح

إلى الصديق فاروق حجي مصطفى

أفكار للنقاش في هذه الصفحة

إنني من متابعي غالبية مواقع النت السورية الكردية، وايضا ما يكتبه الأصدقاء في الحركة الآشورية، لأنني كما أرى أن هذا الأمر يجعلنا نفكر بطريقة تفاعلية، خلاقة تناسب شعبنا الذي يسجل اسطورة في تاريخ ثورات الشعوب ضد أنظمة متسلطة وبشعة وتمتلك آلة قمع قل نظيرها، وتعتمد ثقافة أيضا لايمكن أن توجد بين أبناء الوطن الواحد، وشعبنا السوري الكردي جزء أصيل وعضوي في هذه الثورة، ومشكلته كمشكلة العرب السوريين وغيرهم، تكمن بمعارضتهم، وهذه حقيقة أولى أسجلها هنا، لأن كل هذه الاحزاب التقليدية تفاجأت بالثورة، ولاتزال غالبيتها تتخبط في كيفية الالتحاق بها، واقول أيضا بصراحة اكبر، المعارضة السورية مخترقة من قبل النظام واجهزته عربا وكردا، ولهذا فعله أيضا الذي يلمسه كل متابع للشأن السوري، وهذه مشكلة ارى ان اجيال الثورة ستتجاوزها حكما، وستنهي كل هذه المعيقات العضوية!! والمتعضية على الثورة، وهنا لايظن بعضنا انني استثني نفسي أبدا، لكن على الأقل أن المستقلين حركتهم تبقى أسهل من حركة الحزبيين في الانخراط السريع بهذه الثورة، ومحاولة منا ككتاب أيضا مفهمة روحية هذه الثورة، وادراجها في حيز الوعي التأسيسي لها ولما بعدها، وهنا أرى في مواد كتاب سوريين كثر، هذا المنحى التصاعدي الخلاق، ومنهم ما يكتبه من الاصدقاء منهم فاروق وهوشنك اوسي وهوشنك بروكا وصلاح بدر الدين..وحامل سيف العداء للثورة بالعمق الصديق طارق حمو، بحجة أنه أولا علماني جدا جدا!! وثانيا انه يرى أن هذه الثورة تحركها اياد تركية- أقدر المقدمات التي ينطلق منها- احترمها لو كانت تناقش لوحدها، لكن طارق أكثر من يعرف أن تركيا لو كانت حقيقة تدعم المعارضة منذ بداية الثورة وحتى الآن لكان وضع الثورة اختلف كليا، وليس طارق لوحده من يعرف ذلك بل قيادة حزب العمال الكوردستاني عموما والبي دي خصوصا..والثورة التي انطلقت من حوران لتشعل سورية كلها، الاتراك كانوا ضدها في البداية والجميع يعرف ذلك..وكنت كتبت اكثر من مرة على رفضي حتى عن عقد اي مؤتمر للمعارضة داخل تركيا، لكن ما باليد حيلة..الاوضاع على الارض والمحيط الاقليمي ووضع الدولة التركية الديمقراطي قياسا بدول الجوار السوري، بغض النظر عن القضية الكوردية في تركيا، ومع ذلك يعرف الجميع أنه عندما هتف شعبنا في درعا وبقية سورية بآزادي هتفنا فيها كمعارضة في قلب تركيا..ومع ذلك خرجت جماهيرنا السورية الكردية في عفرين والشيخ مقصود والاشرفية في حلب..بغض النظر سواء كان الأمر برغبة البي دي أم لا لكنها خرجت للتظاهر…وخروجها القليل هذا يعبر عن أن كل ما قامت به بعض الاطراف وما تقوم به من أجل الطعن بالثورة السورية باءت بالفشل قبل كل شيئ على يد شبابنا الكردي السوري الثائر..ومع ذلك كي نترك هذه القضية لماذا اباح حزب العمال الكردستاني العمل في كنف النظام السوري لمدة عقود، واستفاد مما سمح له به ولم يسمح بأقل منه بكثير للاحزاب الكردية السورية بالعمل..؟ لماذا يرفض ان تحاول الثورة السورية الاستفادة من الوضعية التركية؟ مع ان حتى النشاط الكردي في تركيا هو أكثر حرية وعلنية من سورية؟ أسئلة اتركها للحوار في القضايا التي اثيرها هنا..

منذ أن تشكل المجلس الوطني السوري وانا أرى يوميا مقالات تهاجمه لكتاب كورد، تارة لأنه لم يعترف بالحقوق المشروعة للشعب الكردي؟ وتارة لأن الموجودين فيه ليس لهم عمقا جماهريا كرديا مع ان أول شهيد من المعارضين المعروفين سقط في هذه الثورة سقط لأنه أعلن أنه قيادي في المجلس الوطني السوري وهو رائد من رواد الشهادة الصديق المناضل مشعل التمو، واعتقد ان لا احد من القادة الكرد أو غيرهم يزايد على شعبية الشهيد أبو فارس في سورية وليس في مناطق الكرد..الخ نقول للاحزاب الكردية، تعالوا للمجلس، والآن لكي نرى ما يحصل ان طرح المجلس الوطني الكردي لمقولة اللامركزية السياسية هو لوضع حد لعدم دخول الاحزاب الكردية في التشكيلات السورية المعارضة.. وهذا مصطلح جديد جدا جدا !!! مع انني كنت ومن خلال كتاباتي الكثيرة عن المسالة الكردية عموما والسورية خصوصا كنت ومنذ سنوات احذر مما وصلنا إليه الآن وكل متابع يعرف تماما ما كتبت عن هذه القضية..وطالبت بعدم الانخراط بما أفرزته التجربة العراقية التي لن تنتج دولة مهما حدث حتى في إقليم كوردستان العراق لن ينتج دولة لو استقل الآن، وفق التوافقات التي حدثت على مستوى العراق أو حتى داخل الاقليم والاصدقاء الكرد جميعا يعرفون ذلك..

يقول الصديق فاروق حجي مصطفى في مقال له بعنوان” أكراد سورية…في الثورة: بين حدّي اللامركزية السياسية والفيديرالية” أن «اللامركزيّة السياسيّة» الآن وخلال الثورة السوريّة ونتيجة للمعطيات الجديدة رفع المجلس الوطني الكردي (وهو إطار يمثل غالبيّة الأحزاب الكُردية وتأسس قبل شهور) صيغة «اللامركزيّة السياسيّة» إلى جانب الدعوة إلى إقامة الدولة الديموقراطيّة التعدديّة العلمانيّة. واعتبر ان أي طرح مغاير لهذا الطرح يعني التهرّب من حقوق الكُرد والأقليّات. ويرى الكُرد السوريين أنّ هذه الصيغة تحقق هدفين؛ الأول: الحفاظ على الوحدة الوطنيّة، والانسجام الاجتماعيّ والسياسيّ؛ والثاني: تحقيق رغبة الغالبيّة في المناطق الكُرديّة، أي تحقيق شرط إدارتهم لمناطقهم. تجدر الإشارة إلى أنّ المأخذ الوحيد على هذا المطلب (اللامركزيّة السياسيّة) – وفق وجهة نظر الصديق فاروق – يكمن في أنّ صيغة «اللامركزيّة السياسيّة» صعبة التحقيق لأن المناطق الكُرديّة غير مترابطة والأنسب هي صيغة «اللامركزيّة الإداريّة» مع اتّفاق كل مكونات الشعب السوري على الشراكة السياسيّة في حكم البلاد. وإذا كان النظام المركزي الشديد قد دفع بالكُرد إلى التمسك بالهويّة الكُرديّة في شكل أكثر صرامة، فإن النظام اللامركزي سيكون مفتاحاً لعملية الاندماج الوطني. انتهى قول فاروق.

أولا الفيدرالية لا تعني في كل تجارب العالم ما عنته بالعراق، والفيدرالية هي دستوريا أقل من اللامركزية السياسية، لأن هذا الاشتقاق ليس حقوقيا، بل هو اشتقاق سياسي حصرا يعتمد على توازنات اللعبة السياسية وليس على مبدأ الحقوق الدستورية في إنتاج الدول المعاصرة..أعطوني دولة واحدة فيها لامركزية سياسية؟ قبل أن يتصيد أحد انا مع حق تقرير المصير للشعب الكردي عموما في دولة مستقلة.

لكن هذا المطلب غير مطروح كما تقول كل القوى الكردية عموما، وكما هو مبين اعلاه فيما قاله الصديق فاروق، فإنه لايوجد وحدة جغرافية لكردستان سورية.. واهم المحافظات التي تعتبر القامشلي عاصمتها، متنازع على الحقوق فيها، بين العرب السوريين والاشوريين والكورد، فهل هذا التنازع شهدناه في اربيل مثلا؟..إذا الصيغة المطروحة هي التعايش في دولة واحدة..وعندما نقر بذلك، وهذا ما يقر به الجميع، عندها الحديث عن لامركزية سياسية، يصبح اشتقاق مفهوم لا اساس له من التاريخ ومن الحقوق، ولا في تجارب الدول الحديثة والمعاصرة، فأهم كونفيدرالية ديمقراطية في العالم والتي هي سويسرا أو أمريكا أو بلجيكا لايوجد فيها لامركزية سياسية، الدولة تعني السيادة.. السيادة الواحدة غير المقسمة على آخرين..عربا او كردا او خلافه.. وخير من يعرف هذا الموضوع هو الصديق فاروق، فإن أهم منتجات العصر البرجوازي التنويري، انه اصبحت السياسة هي ضابط ايقاع الانتماءات الأخرى في عصر الدولة الحديثة والمعاصرة أيضا…والسياسة هذه لاتتجزأ سياديا، فنصبح امام دول مستقلة داخل دولة تفرض أمورها وفقا لموازين القوى!! أو وفقا لاشتراطات غالبا ستكون مدعاة لانهيار هذه الدولة في أية لحظة.. عندما تطرح المعارضة الكردية ان اعتبار القضية الكوردية في سورية هي قضية وطنية بامتياز؟ ماذا تعني كلمة وطنية هنا؟ هل الوطنية تقبل القسمة على أحد؟ بمعنى المفهوم السيادي للوطن والمواطن؟ أكثري أو أقلوي؟ أن يشعر بها جموع الوطن أنهم منتمين لهذه الدولة وان هذه القضية هي قضيتهم جميعا، هذا الشعور لايترجم سياسيا بتقسيم سيادة الدولة السياسية..لامركزية ادارية هذا صحيح سوريا أما لامركزية سياسية هذا غير صحيح ليس فقط لعدم وجود كتلة جغرافية موحدة، بل أيضا لأنه لايساهم ببناء دولة ديمقراطية بل يزرع لغما في عدم إنتاج ضابط أيقاع ديمقراطي يصون الوحدة السياسية من خلال تجسيدها انتخابيا وبرنامجيا على مستوى سورية..فنصبح امام حالة شبيهة بما يحدث في العراق، وقلته هذا الكلام منذ بدايات التجربة العراقية الملغمة بالتفجير والانفجار على مستوى العراق وحتى داخل إقليم كوردستان..لأنه حتى داخل الأقليم السيادة السياسية مجزأة بين الحزبين الرئيسيين، وإلا ماذا تعني تداولية- حزبية بين حزبين لايمكن أن تتغير قياداتهما الأسمية- على رئاسة الحكومة الكوردستانية بين الحزبين؟ هل هذا إجراء ديمقراطي مثلا؟ وأين تكمن التوافقية ومن يمثلها ومن تمثل هي؟ ملخصه التالي” أشاركك في حكم العراق وكردستان لي وكوردستانيا نتشارك لكن السليمانية لي واربيل لك” كيف يمكن تفسير جودة العلاقة بين الاتحاد الوطني الكوردستاني من إيران وموقفه من الثورة السورية العلني، وبين موقف رئاسة الاقليم والحزب الديمقراطي وكل يعمل وفقا لتوجهه ومصالحه…كيف أجيبونا على هذا السؤال؟ إذا كان لايحق لوزير بالحكومة المركزية ان يقوم بجولة تفتيشية واحدة في كوردستان العراق؟ أين هي سيادة الدولة المركزية؟ بينما يحق لمن هو مندوب الفيديرالية التوافقية!!! أن يكون في الحكومة المركزية وزيرا…أعطونا مثالا واحد في العالم يتم العمل فيه وفق هذا المنظور أو تم العمل فيه، ونجح؟

السياسية المركزية- تعبر عنه حكومة مركزية- والدفاع عن الحدود والآمن العام هذا موحد، هو جزء عضوي لايتجزأ من سيادة الدولة، لأن الدولة في أهم تعريف لها تعني فيما تعنيه السيادة الواحدة.. ليترجم لنا الاصدقاء في المجلس الوطني الكوردي…ويشرحوا لنا ماذا تعني اللامركزية السياسية؟

لهذا اعتقد ان ما تم التوافق عليه داخل المجلس الوطني السوري يمثل فعلا انتصارا حقيقيا ليس لقضية الكرد بل للشعب السوري عموما…ويجب العمل من أجل ترجمته من قبل الجميع على الارض..وبودي هنا أن أسأل الاصدقاء في المجلس الكردي، هل يحق لقيادي في المجلس الآن التفتيش مثلا أو محاسبة قيادي في حزب ليس حزبه؟ ألا يعتبر ذلك انتقاصا من سيادته الحزبية؟ دعونا لانضع العصي في وجه الشباب السوري بكل مكوناته الذي علمنا الكثير لكننا لانزال نريد الاحتفاظ بمواقعنا التي لم تؤدي إلى الثورة بل كانت أحد اهم أسباب إعاقتها في بعض الجوانب…شعبنا قال كلمته في كل شيئ ويدفع الدم من حقه علينا ألا يرى هذا الاصرار الشقاقي لدى المعارضة السورية باختراع صيغ لاأساس تاريخي ولا حقوقي لها..وهذه المسألة لاتنطبق فقط على المجلس الوطني الكردي بل على السوري أيضا…اما هيئة التنسيق فهي ببساطة انتقلت لصف النظام لهذا لن اناقشها…انتقلت كخط سياسي ومن يترجمه وليس كأشخاص…نقطة أخيرة الافضل للمجلس الوطني الكردي أن يطالب بالانفصال، على أن يطرح مفهوما لغما لاأساس تاريخي او دستوري له…

فأرجو ان يتسع صدرنا لبعضنا وان نناقش الامور بمسؤولية اعلى لأن شبابنا السوري كانت تظاهراته واحدة وتحت مطالب واحدة والاهم من كل هذا هو الدم السوري الواحد….اتركوا تجربة العراق للعراقيين التي لم تأت نتيجة ثورة شعبية كاسحة وعارمة، ودعونا نرى ثورتنا وما تحتاجه منا في هذه المرحلة من عمر الدم السوري الواحد….

غسان المفلح

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى