صفحات سوريةعمار جلو

السيادة الوطنية وقناع آل الأسد

عمار جلو

                                                                                                                                        إن السيادة الوطنية بالعرف القانوني هي الحفاظ على عدم الأختراق والتعدي على حدود الدولة بأرضها وشواطئها وفضائها , ونظراً لكون الشعب العنصر الأهم للدولة بالمفهوم القانوني فيبدو أن هذه السيادة شرعت أحتراما لهذا الشعب وضمانا لعدم إيذائه بجسده أو كرامته .

هذه السيادة التي جعلها حافظ الأسد في سوريا حصنا يتحصن به للحفاظ على أستمرار حكمه , تابع وريثه من بعده هذه السياسة التي تتلخص بزبح الشعب وتجريده من حقوقه الوطنية والدولية وعدم التجاوب مع المبادرات الدولية بحجة السيادة,  التي لا تعني لهم شيء حين تعرضها لأي خرق اوأعتداء من قبل ما أصطلح على تسميتهم بالعدو الأول , فقد فرضوا على أنفسهم عدم أحترامها بالداخل السوري  و لم يحترموها أيضا بالنسبة لدول الجوار المحيطة بسوريا ,

إذا كان جمال عبدالناصر  أدخل قواته العسكرية ببلد أخر حين ارسلها إلى اليمن فقد بقي متخفيا بطلب اليمنيين (التقدميين ) بمواجهة الموالين لسلطة الامام (الرجعيين) كما وصفهم حينها,

الإ أن نظام البعث ومنهم حافظ الأسد قد أرسلوا قوات عسكرية للأردن لمقاتلة الجيش الأردني وحتى لأسقاط الحكم بعمان بأواخر الستينيات فيما سمي لاحقا بأحداث ايلول الأسود وحجتهم الدفاع عن الفلسطينيين بالأردن في صراعهم مع السلطة الأردنية ومع كل المحبة للفلسطينيين ومشروعية مقاومتهم الإ أنهم ليسوا اصحاب الإرض وهم أنفسهم يحاربون فكرة كون الأردن مكانا يقيمون فيه دولتهم ,

وقد مارس حافظ  بصراعه تجاه زملائه في القيادة السورية سياسة الرفض الخبيث حين طلبت منه التغطية الجوية لهذه القوات ومنبع ذلك لضرب معارضيه وأفشالهم , وليس رفضاً لمبدأ التدخل بدول الجوار , بل كان العكس تماماً ما أتسمت به سياسته,  للسيطرة على أوراق القوة التي تساهم بتركيز سلطته للأبد في لعبة الأمم , وهذا ما ظهر بالعلاقات السورية الفلسطينية ,والسورية اللبنانية, والسورية الأردنية إن بشكل أخف , والسورية العراقية بعد الغزو الأمريكي له .

لم تكن هذه السيادة ذات معنى حين تعرض الدولة السورية أو ملحقاتها بالعرف القانوني لإي أعتداء ,  حتى الجنين السوري برحم أمه يردد أستهزاءاً مقولتهم  ( نحتفظ بحق الرد بالزمان والمكان المناسبين ) أو لربما يكون الزمان والمكان هما المتأمرين الذين لم يتيحوا لهذه السلطة الرد والدفاع عن سيادة بلد أفترضوا أنهم سلطته الرسمية.

فلا أحترام لهذه السيادة بخصوص الدولة السورية ولا أحترام ايضا لسيادة الدول المجاورة من التدخل فيها لو سنحت الفرصة  لآل الأسد.                                                                                                              هذه القاعدة النبيلة تم تكريسها لغايات دنيئة , دعم بقائهم بالسلطة  فقط.                                                           ولذلك لم يبقى مكان بعيد عن خرق هذه السيادة من قبل إسرائيل , حتى القصر الجمهوري  حلقت طائراتها فوقه بمدينة اللاذقية, وضربت إي موقع ترى  خطره على أمنها , كما حدث لموقع عين الصاحب بمحافظة الدير الذي تشير المعلومات كونه مفاعل نووي بمراحله الأولى , ولا يتسع الوقت والمجال لذكر حالات الأختراق للسيادة السورية من كثير من الدول وأكثرها إسرائيل , ولم يكن حال النظام بعدها الإ كمن يختبئ وراء اصبعه.

والأكثر غرابة هو جلب التدخل من دول اخرى بحجة التحالف المشترك وهنا تطل ايران وذراعها حزب الله للواجهة , فما عبر عنه احد أيات ايران المقرب من مرشدها بأعتبار سوريا  المحافظة الخامسة والثلاثين, لم تعني هذه السلطة أي مس بسيادتها , ولم تستدعي حتى طلب تفسير لهذا القول,  في حين أن أكثر التنظيمات (راديكالية ) التي لا تؤمن بالدولة وتحرم السياسة  وهي القاعدة وفروعها,  قد جاءت برد فوري على لسان ابو محمد الجولاني أمير النصرة بسوريا على خطاب أمير بلاد الرافدين حين اعلن الوحدة بين الرافدين والشام .

وكثيرةً هي البعثات والوفود الأممية التي تعطلت قبل وصولها إلى سوريا , بالرغم من كون مهامها إنسانية وحقوقية بحجة أحترام السيادة والخشية من الأجندة السياسية والأستخباراتية لهذه البعثات, وأخرها البعثة الموجودة في قبرص أنتظاراً للسماح بدخولها سوريا للتحقيق بأستعمال السلاح الكيماوي من عدمه فقط دون تحديد المسؤولية .                          وأكثر من ذلك فقد عمل هذا النظام جاهدا على تربية السوريين على بناء جدار بينهم وبين أي بعثة أممية ولو كانت بعثة أنسانية أو لحقوق الإنسان, و يظهرهذا جليا بالظروف الراهنة  بالنظرة السلبية تجاه البعثات الأممية مما يضعف عملها ويهدر حقوقنا بموجب القوانين الدولية , هذه البعثات ورغم عدم وجود مخالب لها الإ أنها تشكل ضاغط  من خلال تقاريرها على الحكومات الغربية الديمقراطية وعلى قراراتها السياسية, كما تشكل تقاريرها ضاغط أدبي تجاه الحكومات غير الديمقراطية والدول الأعضاء بمجلس الأمن .

لم تكن السيادة لدى آل الأسد الإ كالزوجة القديمة التي هجرها زوجها ولا يلجأ لها الإ لحاجة لديها  ثم ينساها وربما يكيد لها بعد ذلك.

تضع الغارة الإسرائيلية الأخيرة على مواقع سورية (جبل قاسيون – جمرايا ) هذا النظام على أقسى المحكات فلم يعد مقبولا ما كان يردده (نحتفظ بالرد بالزمان والمكان المناسبين) , فقد دمر المدن السورية تدميرا شبه كامل وقتل ما لا يقل عن 70000 الف سوري بحجة المؤامرة المزعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل تساندهما دول عربية وأقليمية , وبتقديري على الرغم من أستفادة نظام الأسد سياسيا من الرد على الضربة الإسرائيلية الأخيرة, وذلك من خلال خلط الأوراق التي لم يترك منبر بالفترة التي أعقبت الثورة الشعبية عليه , الإ وهدد بها لأشعال المنطقة , ولكنه لن يجرء على الرد لإيمانه المطلق بأن ذلك تعجيل لسقوطه المحتوم , وقرار السماح للفصائل الفلسطينية الموجودة بسوريا بمهاجمة إسرائيل من الجولان لا يختلف عن مقولته الشهيرة (الرد بالزمان والمكان المناسيين) التي أضحت وكأنها مسجلة كعلامة تجارية له في المحافل الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى