صفحات سورية

السيد فجوة يعترف بأخطاء ارتكبها مندسون والديناصور الجوراسي يلتهم ليلى الشايب!

 


أحمد عمر

أمسى الإعلاميون السوريون الذين يظهرون على فضائيات ‘الدس’ والتآمر، نجوما عربية وعالمية، أما ضوؤها وتحديد شدة نورها فمتروك للقراء ولعله نور في النهار؟ ولا بدّ أنهم يفضلون الإعلام العربي الدسّاس العامل بتقاليد الفروسية والتنافس والحجاج العقلي على التلفزيون المحلي الأعمى الذي يحبّ الهتاف والنشيد.

من هذه الأناشيد القول بأنّ الصور المروعة للشبيحة الذين كانوا يدعسون على ظهور المتظاهرين مزورة، وأن زيّهم ليس سوريا، النشيد هذا يفترض أن الزي جلد، وانّ الشبيحة ملائكة لا تغير جلدها؟

الإعلاميون السوريون الرسميون صنف واحد ولكن بنكهات مختلفة، وكاتب هذه السطور سيعمد كعادته إلى إغفال الأسماء، لحين تحقق التوازن الاستراتيجي بين المواطن ونفسه. يمكن أن نصف ‘صنف نظرية التسويف’ باسم أحد ابرز نماذجها وهو: ‘بين لحظة وأخرى’، وهي عبارة يكررها إعلامي سوري كما تكرر الناعورة نعيرها، فمنذ عشرة أيام وهو يقول، بين لحظة وأخرى، سترفع حالة الطوارئ. (وينزل بعدها قانون مكافحة الاحرار). يقول القرآن الكريم ‘وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ’، ويبدو أنّ اللحظة عند هذا ‘الرب’ هي ثمانية وأربعون سنة، لكنهم يستبطئون على الشعب بالعذاب؟

نذكّر بأنّ إعلانا رسميا صدر قبل حقبة من السيدة المستشارة سبتيما شعبان قالت فيه أمام حشد من الإعلاميين العدول البالغين الراشدين، وعلى الأرض مباشرة والهواء مباشرة: انّ قرارا برفع حالة الطوارئ قد اتخذ! المتفائلون يقولون انه إذا كان قد اتخذ فسيكون أمامه نصف قرن ليطبق، وانه إذا طبق فإنّه سيطبق على الناس بالقسطاس المبين يعني؛ درعا حدودية قريبة من بني إسرائيل والحسكة قريبة من ديار العم سام، وحمص يجري فيها نهر العاصي بالعكس.. ولن يطبق القانون إلا إذا مشى العاصي مثل كل انهار العالم؛ على العجين ما يلخبطوش.

هناك صنف ثان يمثله السيد فجوة فجوة (نسبة إلى إعلامي يكرر جملة ‘هناك فجوات بين النظام والشعب’ في خطابه) وبات معروفا للقارئ. النموذج هذا يعترف بأخطاء ارتكبها ‘مندسون’ من احد الكواكب التابعة لمجرة درب الشبيحة. وهناك صنف ثالث يستشهد بالثغرات الغربية الديمقراطية ليعتذر عن ‘ثغرات هنا وهناك’، فأمريكا العظيمة سيدة العالم وعدت بإقفال غوانتانامو ولم تغلقها؟ وفرنسا نفسها – التي عاش فيها احد أصحاب هذه النظرية عشر سنوات منعما بديمقراطيتها – لا تسمح للمظاهرات إلا برخصة، ونسي الفقيه الإعلامي المفوه ممثل هذا الصنف العالي، أنّ غوانتامو جزيرة مستأجرة، اعتقلت أمريكا فيها أعداءها المسلمين وليس مواطنيها؟ وأن انكى التهديدات للمعتقلين كانت بتسليمهم إلى دولهم الرحيمة! وأنّ فرنسا تعاور على سدة حكمها رؤساء عدة، احدهم يقدم للمحاكمة اسمه جاك شيراك – وليس فيها حالة طوارئ او احكام عرفية حسب المزاج، وان فرنسا ترددت في منع النقاب على المسلمات اللاجئات، الذي فرضه النظام السوري على مواطناته بثوان، فبأي ألاء ربكما تكذبان؟ النموذج الأخير هو نموذج ‘الحديقة الجوراسية’ الذي نجده في الضيف الإعلامي الذي ظهر لليلى الشايب من وراء سد يأجوج ومأجوج قبل أيام نحسات، وبدلا من أن يخفي الأنياب تحت قناع الابتسامة، كما يفعل صاحب نظرية ‘بين لحظة وأخرى’، ونظرية فجوة فجوة (مثل زنكة زنكة) بادر إلى الهجوم الكاسح، معتمدا نظرية أنّ خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، فكرّ عليها، بدلا من أن يكرّ على خصمه الإعلامي كما تفترض التقاليد الإعلامية والفروسية وتقاليد الأديان السماوية و.. الوثنية؟

نسي الديناصور الجوراسي أنّ الجزيرة انتصرت لحرب غزة ولثورة تونس وثورة مصر وثورة ليبيا ولتسونامي اندونيسيا وتسونامي اليابان وانّ قطر صديقة سورية والنظام، واتهم الشايب اتهاما لم يسمع به الإعلامي ارخميدس ولا حاتم الاصم: اخرجوا من هذه المربعات وإلا أخذتكم إلى القبو؟

تصور، عزيزي المندس الكريم، أن يصعد ملاكم إلى الحلبة وبدلا من أن يواجه خصمه يبدأ بلكم الحكم وتحت الزنار؟ ولما وقعت الشايب في دبق مكيدته القائلة بأنّ صور الجوال السورية مفبركة اضطرت إلى القول بأن الانترنت وسيلة إعلامية عالمية وانتهى الصراع الإعلامي بما يشبه التعادل. الإعلامي الحصيف نفسه ظهر للحبيب الغريبي، الذي استدرجه بهدوء إلى لكم نفسه وتحت الزنار عندما ساقه إلى القول بأنه لو له الأمر الإعلامي، فلن يسمح لأي قناة إعلامية بالدخول إلى قلعة سورية الصامدة. سورية املاك خاصة له، والشعب قاصر، بل انه بادر إلى قول ما لا يقال في غير مكانه، وذكر أسماء مكونات مذهبية سورية قابلة للانفجار! الخطاب المذكور يحتقر التاريخ السوري العريق والوعي السوري المشهود بالنبل والريادة. الخطاب يعترف بوجود مشكلة، ويريد أن يعالجها بكتمها وإهمالها وتأجيلها إلى يوم القيامة. لا يمكن معالجة مريض بإهمال مرضه وجعل السوريين أسرى لحين شفائه المستحيل من دون معالجة. العدالة تشفي الجروح كلها، والخطاب المذكور الذي سجن الشعب السوري في صندوق الإعلام التصفيقي الأسود، خطاب دارويني، يعتمد القوة والتهديد والتخوين ويقول: انّ الإنسان السوري أصله سلحفاة أو حلزون. نذكّر أنّ الديناصور انقرض لأنه كان عملاقا وذا صوت عال يعلو على صوت كل.. معركة؟

الجزيرة تفتح قارة درعا

هذه أيام مباركة، تمتزج فيها تراجيديا العدالة بكوميديا السياسة، فمبارك ينتقل من القفص الذهبي إلى القفص الحديدي، والرئيس اليمني بات يفتي للنساء المنقبات في تحريم الاختلاط، وغدا في رضاع الكبير، بينما ظهر ممثل لعب دور رئيس المخفر في ‘ضيعة ضايعة’ في لقطة قريبة جدا، في التلفزيون السوري يهدد ويتوعد بأن من ‘يملك’ الهوية السورية لا يمكن له خيانتها، الأكراد لم يكونوا يملكون الجنسية، ولم يخونوها، وهم لم يملكوها بعد، عجبا: ‘الهوية’ تملك وتمنح وتسلب مع أنها حق؟

– زهير سالم، تم تقديمه على الجزيرة كالتالي: الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سورية، واعتقد أن الصواب أن يقال: الناطق باسم جماعة الأخوان المسلمين السورية، ليس لأنه في لندن، بل لأن الدين لله والوطن.. لقيصر.

– ألقت الفضائيات السورية الثلاث التي لا أكاد أميز بينها، حبالها وعصيها، والقى الشهداء دماءهم في الشوارع، وبانتظار أن يلقي سحرة اللغو الإعلامي أنفسهم ساجدين للحق كما فعلوا في تونس ومصر.

– كوزيت إبراهيم مذيعة فرانكفونية في فرانس 24 تعذّر عليها نطق اسم سرية الهمام محمد بن مسلمة الغزية فقد لفظت اسم سرية بكسر السين وتشديد الراء، واعتبرت الهمام اسما وليس لقبا، ولفظت مسلمة بكسر اللام! لن ننسى نترحم على الشهيد فيتوريو اريغوني. أما حسن معوض، في بي بي سي، فيصيبني بالإعياء والتوتر، فالسؤال الذي تجيزه ثلاث كلمات يسأله بموضوع إنشاء لكنه أفضل من الإعلامية نايت سي بها في فرانس 24 التي دوختنا في برنامجها ‘ضيف وحدث’، يا سيدة نايت: البلاغة في العربية هي الإيجاز. يستحسن للمشاهد حبة دوار سفر أو قطعة زنجبيل قبل برنامجها العتيد.

– التلفزيون السوري الفضائي والأرضي شحيح بالصورة وغزير بالدعاية والوعيد، لم ينقل لنا لقاء الوفد الدوماوي والدرعاوي بالرئيس، وترك فضل ‘فتح’ درعا إعلاميا للجزيرة ‘المندسة’، التي نقلت صورا لمظاهرة فيها مئات من المندسين يهتفون هتافات قصوى، وعملت لقاء مع الشيخ احمد الصياصنة الذي صرح بأنه أول مرة يبوح بما في قلبه صراحة، الشيخ بدا ناضجا سياسيا عند سؤاله عن شعار: الشعب يريد إسقاط النظام، فقال هذا شأنهم وهو لا يريد سوى الحرية والكرامة. غير أن الشيخ الفاضل اعتدى على حقوقي الشخصية: فإذا حصل هو على الحرية والكرامة معا فماذا سيبقى لكاتب هذه السطور، العرجاء، الجريحة، الثكلى؟

كاتب من كوكب الأرض

القدس العربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى