صفحات العالم

السيطرة على بابا عمرو ليست النهاية


رأي القدس

دخول قوات الجيش السوري الى حي بابا عمرو في حمص واكمال سيطرته الكاملة عليه يشكل ضربة قوية للانتفاضة السورية، لان هذا الحي كان يجسد رمز المقاومة للنظام، مثلما تحول الى منطقة آمنة لاعداد كبيرة من الناشطين والعناصر المنشقة عن قوات النظام العسكرية والامنية.

البندقية لا تستطيع مواجهة الدبابات والمدفعية الثقيلة، هذه حقيقة لا بد من التسليم بها، ومسألة انسحاب قوات الجيش السوري الحر من الحي امر متوقع لان صمود قواته في مواجهة جيش جبار سيصل الى نقطة النهاية في ظل غياب اي دعم خارجي عربي او اجنبي مثلما كان يأمل المجلس الوطني السوري المعارض.

الخوف هو من عمليات التمشيط التي اقدمت عليها عناصر الجيش بعد دخولها الى الحي، واستهدفت جميع البيوت بحثا عن الناشطين والمسلحين، فالقوات الامنية والعسكرية السورية معروفة بقسوتها وتعاطيها الدموي مع هؤلاء الذين تعتبرهم ارهابيين وخارجين عن القانون.

المجتمع الدولي، ومن ضمنه جامعة الدول العربية صعد آمال السوريين المنتفضين بقرب الخلاص من النظام، واكد ان ايام الرئيس السوري في الحكم باتت معدودة، ويبدو ان هذه الوعود لم تكن في مكانها، او هكذا اكتشف ابناء حي بابا عمرو، وما يمكن ان يكتشفه اهالي مدينة حمص كلها في وقت لاحق.

لا شك ان الموقفين الروسي والصيني الداعمين للنظام السوري لعبا دورا كبيرا في تشجيع النظام على التسريع بانهاء الاوضاع في الحي المذكور، ولا يمكن تناسي دور الدول العربية ايضا في خذلان المنتفضين السوريين، وعدم تقديم اي شيء ملموس لانقاذهم من بطش النظام.

واذا صحت الانباء التي اكدت ان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي سيجتمع بوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في الرياض الاسبوع المقبل، فان هذا التوجه قد يصحح خطأ تاريخيا ارتكبته دول الخليج، عندما تجاهلت، وهي تقود العمل العربي المشترك وتهيمن على الجامعة العربية، تجاهلت اي تحرك دبلوماسي تجاه روسيا والصين، ووضعت كل بيضها في سلة الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية على امل ان تكرر هذه الدول سيناريو التدخل العسكري في سورية على غرار ما حدث في ليبيا، ولكن نسيت ان حلف الناتو ليس مؤسسة خيرية، والدول الغربية التي اسسته لا تدفع به الى حروب لا تعود عليها بعوائد اقتصادية ضخمة.

الازمة السورية بحاجة الى حل سياسي في ظل غياب او تراجع حظوظ التدخل العسكري، شريطة ان يلبي هذا الحل مطالب السوريين المنتفضين بالتغيير الديمقراطي الذي قدموا اكثر من 7500 انسان من اجل الوصول اليه. ولا شك ان روسيا والصين وايران يمكن ان تلعب مجتمعة او منفردة دورا كبيرا في هذا المضمار.

الشعب السوري هو اكثر الشعوب العربية المنتفضة تضحية وعطاء، ويستحق ان يحقق جميع مطالبه المشروعة في العدالة والمساواة والتغيير الديمقراطي والحرية، وهي مطالب من الصعب ان تتحقق الا بمساعدة ودعم اشقائه العرب على وجه الخصوص.

القوات السورية قد تكون دخلت حي بابا عمرو وسيطرت عليه، وقتلت واصابت واعتقلت العشرات من ابنائه فهي المدججة بالدبابات والطائرات والاسلحة من مختلف الانواع والاحجام وتخوض حربا غير متكافئة، لكن السيطرة على جميع الاراضي السورية تظل شبه مستحيلة طالما استمر النظام في تمسكه بحلوله الامنية الدموية، وتقديم بعض الاصلاحات الشكلية التي لا تقنع الا من هو مقتنع مسبقا بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى