زين الشاميصفحات سورية

السيناريوات المحتملة لسقوط النظام السوري


زين الشامي

بعد مرور اكثر من عام على اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الاسد وبعد مقتل نحو خمسة عشر الف سوري ونزوح عشرات الآلاف خارج مدنهم وقراهم وبعد الدمار الذي حل بالكثير من المدن والبلدات والقرى السورية، صارت إمكانية بقاء النظام في السلطة ضربا من الخيال مهما بدا متماسكا ومهما ادعى من قوة وحضور ومهما بالغ في استخدام القوة والعنف ضد المحتجين.

أيضاً يجب ألا ننسى أن النظام السوري يعيش اليوم في شبه حالة من العزلة عن محيطيه العربي والإقليمي على الرغم من دعم دولة إقليمية له هي ايران ورغم عدم جرأة دول مثل لبنان او الأردن او حتى العراق على اتخاذ مواقف تواكب بقية المواقف العربية والإقليمية.

غير ان الأهم من هذا كله هو العزلة الدولية ممثلة بسحب غالبية الدول الغربية لبعثاتها الدبلوماسية من دمشق وفرض عقوبات اقتصادية شديدة الوطأة والتأثير على النظام وعلى كبار مسؤوليه وداعميه من التجار ورجال الاعمال.

لكن ربما هناك من يتساءل، لماذا لم يسقط النظام رغم كل الظروف والمعطيات السالفة الذكر؟

ان الجواب على ذلك بسيط جداً، وهو متعلق بالخلافات المصلحية والجيوسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا على سوريا، لكن وما ان يتوصل البلدان الى صيغة ما او «صفقة» سياسية، فإن مسألة إسقاط النظام لن تأخذ سوى ايام قليلة.

لذلك فإن سيناريو سقوط النظام، وفيما لو تم التوصل الى تلك الصفقة، سيكون مرتبطا بشكل وتفاصيل وبنود الاتفاق الاميركي الروسي، وفي هذه الحالة فإن كل الاحتمالات واردة، قد نرى حلا على الطريقة اليمنية او شيئا مشابها لها او ربما صيغة مختلفة لكنها بالتأكيد ستكون سياسية.

لكن ماذا لو افترضنا ان الولايات المتحدة وروسيا لم يستطيعا التوصل الى اتفاق او صيغة لإنهاء حكم الرئيس بشار الاسد، وهذا أيضاً احتمال قوي وقائم في ظل الفشل الذي خيم على اللقاءات الاميركية الروسية المستمرة منذ نحو عام تقريبا والتي كان آخرها لقاء الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين في المكسيك على هامش قمة مجموعة العشرين؟

في هذا الصدد لا بد من القول ان لدى الادارة الاميركية اتجاهين او لنقل مدرستين في التعاطي مع الملف السوري، اولى وجهات النظر تلك تقول ان الأزمة السورية أزمة معقدة وهي مرتبطة بجملة ملفات إقليمية يأتي في مقدمتها الملف الايراني وان على الولايات المتحدة ان تفاوض الروس على الملف النووي الايراني لانه اكثر اولوية وإلحاحا من مسألة إسقاط النظام في سورية لكن من خلال الاستفادة مما يجري في سوريا بحيث يتم الضغط على موسكو وطهران من اجل تقديم تنازلات استراتيجية في البرنامج النووي مقابل إبقاء النظام السوري.

أما وجهة النظر الثانية فتقول ان النظام السوري ساقط لا محالة ان عاجلا او آجلا، وما هي الا مسألة وقت حتى تتغير موازين القوى على الارض لصالح المعارضة المسلحة فيصبح سقوط النظام أمرا اسهل من قبل، وتصبح شروط التفاوض مع موسكو اسهل بكثير، لذلك لا بد من دعم هذه المعارضة تقنيا وإعلاميا وتشجيع بعض الدول العربية على توفير السلاح كما ونوعا ريثما يحين إسقاط النظام.

بكل تأكيد فإن كلا وجهتي النظر لا تقوم على أسس او معايير أخلاقية او انها ترضي توق السوريين لحل سريع وعاجل لمعاناتهم او توقف آلة القتل اليومية التي يستخدمها النظام ضد المنتفضين.

ان وجهة النظر الاولى تعبر عن عدم اكتراث اميركي بحرية السوريين او إسقاط النظام الديكتاتوري وتؤكد مصلحية وانتهازية الدول الغربية التي تحمست للتدخل في ليبيا والعراق من اجل السيطرة على النفط

لكنها لم تفعل شيئا لسوريا لانها دولة غير نفطية.

اما وجهة النظر الثانية فهي أيضاً مصلحية وتقوم على عامل الوقت حيث تستطيع الولايات المتحدة التوصل الى ما تريد لكن شرط ان يدفع السوريون وحدهم ثمن إسقاط النظام رغم اختلال موزاين القوى بين جيش النظام المدجج بكل انواع الاسلحة وبين المعارضة المسلحة التي لا تملك الا سلاحا خفيفا.

وجهة النظر هذه تعني مزيدا من سقوط الضحايا وربما تعني عدم الاكتراث بانزلاق السوريين او شعوب المنطقة الى أتون الحرب الطائفية والدينية.

اذاً نحن امام سيناريوهات متعددة، قد تكون سياسية او عسكرية، لكن المشكلة الى اليوم ان لا شيء يلوح في الافق، نقصد لا يوجد ما يدل على توصل الأميركيين والروس الى اتفاق، ولا يبدو ان المعارضة المسلحة قادرة في وقت قصير على إسقاط النظام نظرا لضعف إمكانياتها العسكرية واللوجستية، لكن رغم ذلك فإن هذا لا يعني ان النظام سيستطيع حسم الامور على الارض لصالحه، فلو كان قادرا لفعلها منذ اكثر من سنة، لكن بات من شبه المؤكد انه فقد السيطرة على غالبية المدن والقرى السورية.

لكن الا توجد سيناريوات بديلة؟

نعم يوجد الكثير، تصعيد عسكري سوري تركي على الحدود يفرض تورطا من الناتو وروسيا وإيران ما يؤدي الى احتمال حرب كونية ثالثة وهو امر مستبعد اذ من المرجح ان توافق روسيا على رحيل النظام وعدم التورط في مثل هذه الحرب، كذلك هناك احتمال لانقلاب عسكري من داخل النظام او عملية اغتيال للرئيس السوري…مثل هذه السيناريوهات غير المتوقعة لا يمكن استبعادها حتى لو بدت صعبة التحقق. لكن وكما قلنا سابقا فإنه ومها تأخر الوقت فإن مصير النظام السوري بات بحكم المنتهي وينتظر نضوج الظروف من حوله ومن داخله.

الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى