صفحات العالم

الشيخ حمد وآلة القتل السورية


طارق الحميد

يقول الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر، ورئيس اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا، إنه في حال استمر القتل في سوريا فلا جدوى من إرسال المراقبين العرب إلى هناك. كلام جميل بالطبع، ولكن بعد ماذا؟ بعد قرابة الشهرين من المماطلة الأسدية، وبعد كل هذا الدم؟

أمر عجيب، فهل يحتاج المعني، أو المتابع للشأن السوري، لكل هذا الوقت من أجل معرفة أن القتل لا يزال مستمرا في سوريا؟ أولم يشاهد الشيخ حمد، مثلا، تغطية قناة «الجزيرة» القطرية للأوضاع في سوريا؟ أولم يشاهد الشيخ، ومثله العرب، وتحديدا نبيل العربي، الأطفال المقتولين في سوريا، ومثلهم الشيوخ والنساء؟ أولم يكن واضحا لمن احترف السياسة في العالم العربي أن النظام الأسدي يكذب ويماطل؟ أولم نكن نحذرهم من نظام بشار الأسد ويقولون أنتم عاطفيون؟

للأسف احتاج العرب أكثر من عشرة أشهر ليكتشفوا أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف، بينما في تسعة أشهر أنهوا نظام معمر القذافي، وبمساعدة الناتو، بينما اليوم نجد بيننا عربا، مثل الحكومة الجزائرية والعراقية، يقولون لا لتدويل الأزمة السورية، حتى مع سقوط ستة آلاف قتيل سوري، ورغم أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف يوما عن قتل السوريين العزل!

واقع عربي محزن بالطبع بلغ مرحلة من التردي وصلت بالجامعة العربية إلى أن تستعين برجل انقلابي مثل خالد مشعل للتوسط بالأزمة السورية، فإذا كانت القضية فقط محاباة للإخوان المسلمين، أو نفاقا لهم، فليرسل مريدو الإخوان راشد الغنوشي، وليس مشعل، فخطابه «الموثق»، أي الغنوشي – والذي حاول نفيه عبثا – في معهد واشنطن المقرب لإسرائيل عن الثورة على الملكيات العربية، يدل على أن الغنوشي رجل يجيد اللف والدوران، وقول الأمر ونفيه. وهذه، للأسف، أبسط المؤهلات لدينا، في كثير من الحالات، ليكون المرء سياسيا، وإلا كيف يقتل النظام الأسدي شعبه ويجد كل هذه المهل، ثم وبعد أن قيل إننا نصل إلى نهاية الطريق مع النظام الأسدي تقوم الجامعة بإرسال خالد مشعل للوساطة في الأزمة السورية، وإقناع الأسد بوقف العنف؟

الطريف أن مشعل يقول إنه حان الوقت للانتقال من الحل الأمني إلى السياسي في سوريا، وهو الرجل، الذي حسم الأمور في غزة عسكريا. فيا لها من سخرية، إذ إن وسيط الجامعة هو زعيم حماس الانقلابي، ورئيس الوفد العربي إلى سوريا هو الدابي جنرال الرئيس السوداني الانقلابي أيضا. وبالطبع لا يلام الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما احتج على توسيط مشعل في الأزمة السورية، إذ يبدو أن على عباس السعي اليوم للحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية من الجامعة العربية وليس من الأمم المتحدة! واقع عربي متخبط تجاه سوريا، وإفراط في الدم السوري بشكل مرعب، وتهاون مع بشار الأسد بشكل مريب.

وعليه، فما دام الشيخ حمد بدأ يتحدث عن أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف، وإن كان بعد فوات الأوان، فإن أفضل ما يمكن أن يقدم للسوريين العزل هو نقل ملفهم لمجلس الأمن، حماية للسوريين، وإنهاء للخطأ الفادح بتوسيط رجل مثل مشعل في سوريا.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى