صفحات الحوار

الصحفي البريطاني الناجي: لم أرَ أبطالاً كما في بابا عمرو


كيف تصف ما حدث لحظة إصابتك

حصل خراب فوري..عدة قذائف أصابت المبنى قبل أن تقتل أحدها “ماري” تحول كل شيء إلى ظلام …و شعرت بضغط شديد في ساقي…وضعت يدي عليها فدخلت فيها …فعلمت أنها مصابة بشده …زحفت للخارج و عندها رأيت ما حصل لماري ….بعد مضي حوالي ربع ساعه تم اخلاؤنا إلى المشفى الميداني ..حيث كان الأطباء محدودين جدا جدا …و المواد الطبيه المتوفره أولية (بيسيك ) ….(يتابع بألم ممزوج بمزحه ) و هكذا تم إدراجنا في “نظام بابا عمرو الاستشفائي”…

ذكرت أنه مشفى ميداني…ما هي طبيعته ….

غرفة جلوس أحد البيوت على طاولة الطعام…. لاوجود لأي أدوات متطوره

و ماذا رأيت خلال الأيام التاليه لأني أعلم أنك تملك شعورا قويا نحو ما رأيته من معاناة السوريين الذين كانو حولك وساعدوك

بكل تأكيد …. لقد غطيت الكثير من الحروب…لكني لم أر من قبل أي شئ على هذا المستوى …عندما نطلق عليها اصطلاح منطقة حرب نكون مخطئين بالاصطلاح …لا يوجد حرب هناك…الجيش الحر هناك يعملون ما بوسعهم لتأمين (ممرات) الخبز و إخلاء الناس …لا يوجد أهداف حربيه (ليهاجمها النظام ) في بابا عمرو …ما يحدث هو مجزره صافيه و ممنهجة للسكان المدنيين….

ليس هناك أي قيمه استراتيجية في مهاجمة بابا عمرو ….السبب الوحيد الذي يدعو النظام لمهاجمتها هو للقضاء على الناس و تسوية الحي بالارض…لقد شاهدتها ….ما يحدث هناك ليس حربا…ما يحدث هو مجزرة

كنت تعلم أنت و ماري ما يواجهكم فقد كنتم في عدة مناطق حرب من قبل …يتساءل الناس ما الذي يدفع أشخاصا مثلك و مثل ماري للمغامرة أو فقدان حياتكم

هناك أماكن لا تستطيع أن تفهم ما يحدث فيها عن بعد …مقاطع الفيديو في كل مكان ..على الانترنيت…. على اليوتيوب …..النظام يضع عليها رواياته …النشطاء يضعون رواياتهم…مما يزيد من اختلاط الأمور عليك …هناك ضرورة (للذهاب) وإلا لن يكون هناك شهود ….همُّ ماري كان ايجاد الحقيقة بتفاصيلها …عندما تضعها (التقارير الإخباريه على التلفزيون) و تقول إنه لم يتم التحقق من صحتها …هذا لا يكفيني ..أو يكفي ماري… أو بعض الصحفيين …لا يمكن أن يكون هناك ناس تذبح هناك و نحن هنا نأكل طعام العشاء ….و نأتي بعد عشر سنوات ونغسل أيدينا و نقول لماذا لم يقم أحد ما بفعل شيء ما ….

ما الذي كان يجول في بالك بعض أن أصبت

في اليوم الأول كنا ممتنين أننا لا زلنا على قيد الحياة ….هدأنا أنفسنا…كان الاهالي يطعموننا….لكن حدة القصف …كان يستمر حوالي ١٤ ساعه في اليوم ..ضربه مباشره…ثم أخرى …ثم أخرى …و على مدى أسبوع كنا نعيش في هذه الغرفه لحظة بلحظة …نحاول إيجاد طريقة للمحافظة على رباطة الجأش و عدم الانهيار … وكان الأطباء عندما يأتون يخبروننا عن خسارة خمسه هنا …عشره هناك …كنا نشعر أن المسأله مسألة وقت و أن علينا عمل شيء قبل أن نقتل…و بدأنا نحضر أنفسنا نفسيا لدخول القوات إلى الحي و كيف سنهرب …كنت أشغل نفسي بهذا كي لا أفكر بما حدث لساقي ….

وصلنا إلى الرمق الأخير… كان لديهم (شباب بابا عمرو ) من الإصابات ما يكفيهم …و أتت أصابتنا فوق ذلك …. كنا منهكين ….كانت (عملية تهريبي ) هي الأمل الأخير …كانت بمثابة آخر طلقه ….كانت محاوله من نمط أخلاء سفارة أمريكا (في فيتنام) بطائرة الهيلوكوبتر ….ركبنا السيارات ….و انطلقنا …القناصه كانو في كل مكان …يطلقون النار ….مع وصولنا إلى مخرج بابا عمرو نفد قسم منا و علق القسم الآخر بسبب هجوم قوات الحكومه …أصابوا الصحفي الاسباني إصابة غير خطيرة لكن بعض الذين كانو يحموننا فقدوا حياتهم ….

أقل ما يمكن أن أقوله عمّن أخرجنا من هناك… كل من في بابا عمرو أبطال …لكن تحديدا أولئك الذين اخرجونا …وضعوا حرفيا حياتهم على الخطر (جازفوا بحياتهم) ….لا يوجد ما يمكن أن أقوله مهما كبر بحق الشعب السوري…..

لقد تركت في سورية ما أخشى أن يكون رواندا أخرى أو سريبرينيتسا أخرى (في إشاره إلى الابادة الجماعيه) ….هناك تدمير منظم ….في بابا عمرو شاهدناهم …رأينا ما يفعلون …لكن المشكله الكبرى المناطق الأخرى كحماة و درعا….لا يوجد فيها من ينقل …لا يوجد فيها من يصور…لا اتصالات …لا تستطيع التحدث إلى القريه المجاوره ( لمعرفة ما يحدث )….و بمجرد سقوط بابا عمرو …و قد شاهدنا سقوطها على الأرض ….سينتقلون (قوات الحكومه) إلى المناطق الأخرى …

 هنا  أهم نقطه….لم ينته الأمر بسقوط بابا عمرو…النظام الآن سيتفرغ للانتقال من منطقه لاخرى ليفعل بها ما يشاء ….سيكون هناك نساء و أطفال و شيوخ….سيمحون من الوجود ….و لربما بعد عشر سنوات سنقوم بتحقيق ونسأل أنفسنا…كيف سمحنا بحدوث ذلك ….لا أعلم ماذا يفعل (العالم) الآن …إنتهى وقت الكلام ….على أحدٍ ما التصرف لأننا لن نرى المرحلة التالية …قد لا تشاهدون المرحلة التالية على الشاشات….ولكن هذا لن يعني أنها لا تحدث (المرحله التاليه من الابادة ) ….

النشطاء لن يكونوا هناك ليطلعوكم على ما يجري …سيكونون قد فارقوا الحياة …لن يكون هناك شهود ….

يسأل المحاور من ألبي بي سي الصحفي بول عن صحته بشكل عام….ثم يشير إلى زجاجه صغيره إلى جانب السرير و يقول له حدثنا عن هذا التذكار (سوفونير ) …فيتناولها بول و يخرج منها رصاصة ويقول لمحاوره….هذه (الرصاصة) هدية من روسيا…لا بد أنهم (يتحدث بتهكم) محظوظون جدا هناك بأن الأحداث جرت في ذروة حملاتهم الانتخابيه لبوتين …حتى يفعل ما في وسعه للتأكد من مساعدة أهالي بابا عمرو المساكين.

المندسة السورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى