صفحات الناس

الضبابية تحيط بمؤتمر “الرياض 2” للمعارضة السورية/ ريان محمد

 

 

كثر الحديث عن عقد الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة مؤتمراً تحت اسم “المؤتمر الموسع لقوى الثورة والمعارضة السورية” في العاصمة السعودية الرياض، هو الثاني من نوعه في حال تم انعقاده، وذلك استجابة لتوجه دولي يتحدث عن ضرورة وجود تمثيل موسع للمعارضة السورية، والوصول إلى وفد تفاوضي موحد، يضم إلى جانب الهيئة العليا للمفاوضات، منصتي موسكو والقاهرة، ليشارك في الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف الخاصة بسورية. يأتي ذلك، بالتزامن مع الحديث عن ضغوط دولية لأن ينتج هذا المؤتمر وفداً تفاوضياً يقبل بوجود بشار الأسد خلال المرحلة الانتقالية. إلا أنه إلى اليوم، ما تزال الضبابية تلف المؤتمر، من حيث المشاركين وما يمكن أن ينتج عنه، حتى أن مصادر في الهيئة العليا للمفاوضات أكدت لـ”العربي الجديد” أنه لم يحدد حتى اللحظة موعد انعقاده.

وكان مؤتمر “الرياض 1″، الذي عقد في ديسمبر/كانون الأول 2015، أنتج “الهيئة العليا للمفاوضات”، برئاسة رئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب، المنشق عن النظام. واليوم هناك مطلب دولي، ودعم، يبدو واضحاً، من مختلف القوى الدولية للسعودية لعقد مؤتمر جديد يضم أطرافاً وشخصيات لم تشارك في المؤتمر الأول، أو شاركت وانسحبت، على رأسهم منصّتا موسكو والقاهرة، مع الحديث عن استبعاد الشخصيات التي وصفت بالمتشددة ضمن “الهيئة”، وذلك بهدف الوصول إلى وفد موحد، الأمر الذي دفع بكل من هيئة التنسيق الوطنية والائتلاف الوطني إلى دعوة شخصيات وتجمعات سياسية مقربة من كل منهما لملء حصصهما في المؤتمر، وضمان وجود تمثيل وازن لكل منهما، فيما لم يتضح بعد ما سينتج عن هذا المؤتمر، سواء لناحية تركيبته أو اسمه أو الآلية التي سيتم خلالها اختيار الوفد الذي سيفاوض في جنيف.

وتتحفظ مختلف قوى المعارضة عن الخوض في تفاصيل المؤتمر، إلا أن مصادر من الوفد التفاوضي الحالي، طلبت عدم الكشف عن هويتها، قالت، في حديث مقتضب مع “العربي الجديد”، إنه “إلى الآن لا يوجد شيء واضح عن مؤتمر الرياض، لا من ناحية الموعد ولا الأطراف المشاركة، ولا عدد المشاركين”، لكنها “توقعت، في حال عقد المؤتمر، أن يحضره بالحد الأدنى 120 شخصاً، وقد يصل إلى 300 شخص”، موضحة أن “عدد الحضور مرهون بتركيبة المؤتمر وأسس عقده”. من جانبها، علمت “العربي الجديد”، أن هيئة التنسيق بدأت، منذ أيام، بدعوة تجمعات سياسية هامشية، وشخصيات محلية قريبة منها بشكل أو آخر، لترشيحها للمشاركة في المؤتمر المزمع عقده خلال نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. كما قام الائتلاف كذلك بتشكيل لجنة للتواصل مع التجمعات والقوى والشخصيات القريبة منه، برئاسة جورج صبرا. ويعتقد أن كلا من هيئة التنسيق والائتلاف يعملان على المحافظة على نسبة تمثيلهما، باعتبار أنهما التشكيلان الأكبر في المؤتمر و”الهيئة”، خصوصاً مع اشتراك منصتي موسكو والقاهرة. من جهته، نفى مصدر مسؤول في الهيئة العليا للمفاوضات، في حديث مع “العربي الجديد” أن يكون تحدد موعد عقد المؤتمر أو عدد المشاركين أو الجهات الداعية أو المشاركة. ووصف “ما يتم من اتصالات مع قوى وشخصيات، بأنها تأتي في إطار رغبة لدى هيئة التنسيق والائتلاف بمشاركة من يتم الاتصال بهم في حال عقد المؤتمر”.

بدوره، قال معارض من دمشق مقرب من هيئة التنسيق، لـ”العربي الجديد”، إن “المرحلة الحالية تشهد تعقيدات شديدة في العملية السياسية، فالمجتمع الدولي، من روسيا إلى أميركا، وما بينهما من قوى إقليمية وغربية، يصرون في العلن على المعارضة لتشكيل وفد موحد، بمرجعية القرار 2254 بشكل رئيسي، إضافة إلى البيانات والقرارات الدولية ذات الصلة، يقوم بخوض عملية التفاوض مع النظام. ويقوم هذا الوفد على الهيئة العليا للمفاوضات، بما تمثله من هيئة تنسيق وائتلاف وفصائل عسكرية، ومنصتي القاهرة وموسكو”. وأضاف “أما في حقيقة الأمر، فإن الروس لا يدفعون بمنصة موسكو إلى تشكيل مثل هذا الوفد، وهي التي تدعمها بقوة، وعلى رأسها نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق لدى النظام، قدري جميل، المتشبث بأن يكون هناك وفد واحد بمرجعيات مختلفة، ما يضعف موقف المعارضة بشكل عام خلال المفاوضات، ويتمسك باعتبار القرار 2254 المرجعية الوحيدة للمفاوضات، أي نسف بيان جنيف 1 وبيانات فيينا وغيرها من قرارات أممية ذات صلة، وهذا ما ترفضه المعارضة، إضافة إلى التمسك بدستور عام 2012 الذي وضعه النظام كمرجعية دستورية للعملية الانتقالية، وبقاء بشار الأسد، على أن يعين عدداً من النواب ويفوض لهم بعض صلاحياته، ناهيك عن النسبة التمثيلية التي يطالب بها في الوفد التفاوضي”. وأعرب عن اعتقاده بأن “مؤتمر سوتشي، الذي أطلق عليه أخيراً اسم مؤتمر الحوار الوطني، قد ينتج جسماً، يهدد بسحب البساط من تحت المعارضة في الهيئة العليا، في حال فشلت في عقد المؤتمر وتشكيل وفد موحد، خصوصاً أن هناك تياراً داخل الهيئة العليا للمفاوضات لديه تصور متقارب مع الروس، بما يخص بقاء بشار الأسد خلال الفترة الانتقالية، إضافة إلى الضغوط الدولية، أيقظ فكرة عقد مؤتمر الرياض 2، الذي كان لفترة قريبة غير ظاهر في الأفق”.

ولفت إلى أن “فشل الهيئة العليا بالتوصل إلى صيغة توافقية خلال اجتماعاتها منتصف الشهر الماضي حول عقد مؤتمر الرياض 2، جعلها تخرج ببيان عام يتحدث، عن مسألة تشكيل وفد جديد للمفاوضات، بناء على ما سيتم من توسعة في صفوف الهيئة العليا، عبر دعوة شخصيات وشرائح أوسع من المعارضة السورية للانضمام إلى صفوفها، من الداخل السوري خصوصاً. وهنا أعتقد أن هذا التحديد يستهدف منصة موسكو، فلم تقل إن هناك مؤتمراً جديداً سيشكل هيئة جديدة أو ما شابه”. واستذكر بأنه “عندما جاءت الهيئة على ذكر نقاشها الاستعداد لعقد مؤتمر جديد في الرياض، شددت على تمسكها بمبادئ الثورة ومطالب الشعب السوري وفقاً لبيان جنيف 1، وتمسكها بما نصت عليه القرارات الدولية المتعلقة بالقضية السورية، ولا سيما القرارات 2118 والقرار 2254، وما حدده بيان الرياض، ومحاسبة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم حرب وإبادة ضد الشعب السوري واستخدموا الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، وعلى رأسهم بشار الأسد، وهذا ينافي تماماً توجهات منصة موسكو ومن يدعمها”. وأضاف “اليوم لم نسمع بأنه قد تم تشكيل لجنة تحضيرية للإعداد لعقد الرياض 2، إن كان من جهة إرسال الدعوات أو الأوراق التي سيتم طرحها على المؤتمرين وغيرها من التفاصيل”.

يشار إلى أنه تم خلال الأيام الأخيرة تداول موعد عقد مؤتمر “الرياض 2” بين 10 و15 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، ما يعني أن كل الترتيبات اللوجستية يجب أن تنجز في أقل من أسبوع، وهذا يعتبر وقتاً قصيراً جداً، خصوصاً أن هناك دعوات لم توزع، في حين يتم تداول أسماء بعض المنصات والقوى المتوقع مشاركتها، على رأسها تيار “قمح” برئاسة هيثم مناع، ومنصة أستانة، وعرابتها رندة قسيس وهي مقربة من الروس، و”تيار بناء الدولة”، برئاسة لؤي حسين، الذي كان قد انسحب من الهيئة العليا للمفاوضات نتيجة خلافات مع رياض حجاب، وأعلن تأييده لمؤتمر سوتشي وشجع على المشاركة به، عبر بيان صحافي باسم تياره نشره على حسابه الرسمي على موقع “فيسبوك”.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى