صفحات العالم

الضيف الثقيل

 


حازم الأمين

كتب عدد من الصحافيين والكتاب اللبنانيين ممن يعتبرون حلفاء ومقربين من النظام السوري مقالات دانوا فيها ممارسات الأجهزة الأمنية السورية بحق المواطنين في درعا وفي غير درعا. وتفاوتت الإدانة بين من طالب النظام باعتقال الفاسدين فيه وعلى رأسهم رامي مخلوف بدلاً من اعتقال مواطنين عزل، وبين من سخر من توظيف “المؤامرة الخارجية” في تفسير ما يجرى من تظاهرات واحتجاجات.

لا بد من تسجيل ان ما أقدم عليه هؤلاء كان خطوة تستحق ان يبادر خصومهم الى رفع القبعة لهم، لكن الدلالة في ما ساقه هؤلاء لا تكمن فقط في نواياهم الايجابية حيال الشعب السوري، انما أيضاً في أنه يُشكل رداً على الإهانة التي تعرض لها ذكاؤهم بفعل الخطاب الرسمي السوري الذي دُعوا الى تبنيه، اذ إن أصحاب هذه المقالات ومهما كانت درجة خلافنا معهم لم يكونوا يوماً في المستوى الذي بلغه الخطاب السوري لجهة عدم ذكائه وابتذاله. من الصعب عليهم، لا بل من المستحيل ان لا تُهينهم هذيانات النظام في تفسيره ما يجرى في المدن السورية.

جردة صغيرة بما بثه الإعلام السوري وما قاله مفوهوه كافية للشعور بالعار اذا ما دُعي المرء الى تبني هذا الخطاب.

– صور لتظاهرة في دمشق بثها التلفزيون الرسمي السوري قائلاً ان المشاركين فيها خرجوا من منازلهم ليحتفلوا بهطول المطر بعد فترة جفاف طويلة.

– استاذ جامعي مقرب من النظام قال ان المندسين يخرجون من التوابيت التي يحملها مشيعوا ضحايا التظاهرات، ويشرعون بإطلاق الرصاص على من يحمل التوابيت التي اختبأوا فيها.

– محلل سياسي يعمل في الصحيفة الرسمية للنظام قال ان الأوامر تصل الى المندسين في التظاهرات عبر نشرات الحالة الجوية التي تبثها محطة الجزيرة، وذلك عبر شيفرات تتولى مذيعة الطقس تلاوتها.

– مواطن مصري يتم اعتقاله ويجري التلفزيون السوري مقابلة معه يعترف فيها بأنه عميل للاستخبارات الأميركية ويتولى التقاط صور لمناطق حساسة، وفي اليوم الثاني يتم اطلاق سراحه، بعد تدخل السفارة المصرية.

– ويمكن ادراج استقبال سياسيين لبنانيين سابقين لا صفة تمثيلية لهم ولا صدقية لكلامهم في هذا السياق الفضائحي. ويبدو ان النظام في سورية لا يدرك ان استضافته ميشال سماحة وناصر قنديل ووئام وهاب في تلفزيونه الرسمي سيضاعف من رصيد خصومه في الداخل، ولم ينتبه الى ان حلفاء له أكثر صدقية من هؤلاء لم يشاهدهم السوريون على تلفزيون النظام.

هذه عينة صغيرة من الخطاب الذي يُواجه به المتظاهرون في المدن السورية، وهو بمعنى ما خطاب يساعد المتظاهرين في استقطاب المزيد من المؤيدين في سورية وفي خارجها، وما قصة انحياز صحافيين لبنانيين من المفترض انهم غير معترضين على نحو جوهري على النظام في سورية الا واحدة من نتائج اشتغال هذا الخطاب.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى