صفحات سوريةغسان المفلح

الطائفية ومستقبل سورية

 

غسان المفلح

المناطق السورية كلها اصابها دمار شامل أو جزئي إلا مناطق بعض الاقليات والطائفة الكريمة..فاصبح لدينا تأسيس مناطقي أيضا بين مناطق مدمرة كليا أو جزئيا اومناطق لم يصبها أي ضرر لا بل العكس دخلها أيضا فائض النهب من المناطق المدمرة..ويتحدثون عن الطائفية رغم ان هذه المناطق لم تهاجمها قوات الثورة بمختلف انتماءاتها ورغم قدرتها على ذلك أيضا. كيف ستنعكس هذه الوضعية الجديدة على مستقبل سورية؟

 لم تتعرض ثورة من ثورات العالم لاقديما ولا حديثا ولا معاصرا، لهذا الحجم الهائل من الباطل، والتضليل والتجني والتبخيس والافتراء كما تعرضت له الثورة السورية منذ بداية انطلاقها في حوران..تواطؤ عالمي قل نظيره شرقا وغربا، حيث يمكننا بضمير مرتاح ان نتحدث عن جريمة دولية ضد شعب سورية. نحن الآن أمام عصابة دمرت البلد ما عدا مناطق قليلة، هذه المناطق لها صبغة طائفية حصرية اقصد أن غالبية سكانها الكاسحة من نفس المنبت الطائفي، من جهة أخرى الثورة انطلقت من اجل مستقبل بديل عن واقع بدء منذ اكثر من اربعة عقود ونصف، كان قائما على نمط من العلاقات الفاسدة على كافة المستويات، ادخلت سورية نفق الفساد المالي والسياسي ووزعت المجتمع السوري تجمعات طائفية تعبيرا عن مصالح سياسية واجتماعية واقتصادية ورمزية، بديل جديد عرفت سورية شبيها له في تاريخها بعد الاستقلال، رغم ذلك شعبنا ماض في ثورته من أجل تحقيق اهدافه، وبالوقوف ضد هذه الجريمة الدولية. صحيح أن سورية ستخرج مدمرة والفوضى فيها منتشرة، لكن الاخطر في الموضوع برأيي هو هذا التمايز المناطقي، عندما يرى المواطن السوري ان كل سورية تقريبا لحقها الدمار جزئي او كلي ما عدا المناطق الساحلية، اضافة لرؤية نتائج ما تدفق لها من اموال نتاج لعمليات النهب والسلب خلال الثورة، ببساطة عندما يرى المواطن السوري امواله هناك، في المنطقة التي كانت قاعدة شعبية للعصابة الأسدية لاسباب ربما نختلف او نتفق عليها، ولكن النتيجة أنها كانت كذلك، فماذا سيكون انعكاس هذا الامر على احساسه بتلك المواطنة المستقبلية؟ ربما تستلزم ظروف الثورة ومقتضيات انهاء هذه الجريمة الدولية، عدم وجود امكانية لعدالة انتقالية، فهذا يعني أننا امام تزايد الاحساس بالقهر الطائفي. هذا بدوره سينعكس سلبا على الاداء المجتمعي في بناء سورية المستقبل. نحن نتحدث عن ذلك لأن سورية لن تعود للخلف، لن تعود لما قبل 18آذار 2011 مهما كانت النتائج…هذه القضية أيضا لاعلاقة لها بأن للعصابة الأسدية قاعدة شعبية فيها من كل الطوائف والاديان..لكن حتى مناطق تلك القاعدة الشعبية قد لحق بها الدمار الشامل أو الجزئي، إلا المنطقة الساحلية وخاصة ريفها..مثال آخر يشير إلى حساسية مناطقية أخرى، الفارق بين الاحياء العلوية العامرة في حمص وبقية احياء المدينة المدمرة..كيف سيتم التعامل مع هذه القضية من قبل ابناء حمص في المستقبل؟

 الشعب السوري يلزمه قوى جبارة ليتمتع بها كي يرتفع فوق تلك الجراح من أجل مستقبله، الذي دفع الغالي والرخيص لتحقيقه..في النهاية أمام الشعب السوري تحديات ربما أكبر مما تم وسيتم تجاوزه، لأن الخطوة الاهم هو تحويل ثورة الحرية إلى دولة الحرية، رغم كل هذا الدمار والشقاق والنفاق، رغم كل هذه اللاعدالة التي نتعرض لها.. على المعارضة السورية والنخب السورية أن تعي حجم مسؤولياتها هذه، من أجل وطنا يليق بدماء الشهداء والجرحى والمنكوبين.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى