صفحات المستقبل

الغيمة


باسل حسين

كما تبدأ قصص الأطفال سأبدأ هذه القصة

لأن الأطفال هم الشيء الحقيقي الوحيد في هذه الحياة.

في قديم الزمان عندما كانت السماء تحب الأرض و الأرض تحب أشجارها.

عندما كان كل شيء على طبيعته

حدثت قصة هي التي مهدت لزمن الكذب و الخداع و النفاق الذي نعيشه اليوم.

في مكان ما من هذا العالم كانت أرض جدباء يلفها القحط و الجفاف

كانت تشتهي قطرة المطر منذ سنين دون أن تغيثها السماء

لم تكن السماء تكرهها و لكن كانت تريد اختبارها أو تركها تصبر حتى يأتي الفرج بأبهى حلة

و ذات يوم توقفت غيمة عظيمة فوق تلك الأرض , كانت بيضاء ناصعة يبدو عليها أنها مليئة بخير عظيم

ما أن رأتها الأرض حتى جن جنونها و توسلت إليها أن تلقي خيرها الوفير فوقها

قالت الغيمة : و لكن ما الذي يضمن لي أنك تستحقين كل تلك الأمطار التي أحملها ؟

الأرض : أرجوك ثقي بي أيتها الغيمة الطيبة.

الغيمة : هل هذا يكفي , أنا لا أعرف ما الذي يمكن أن تصنعيه بمطري ؟ هل ستنبتين عنباً و تفاحاً و تين أم أنها الاشواك و الاعشاب الضارة ؟

الأرض : لا لابد أنها الثمار النافعة.

في الحقيقة لم تكن تلك الغيمة قد أتت الى تلك الارض خصيصا إلا أنها كانت في طريقها و رأت الارض فرقّت لحالها، و لكنها كانت تريد التأكد من أنها تستحق إلا أنها بعد أن سمعت صوت الأرض المتوسل لمست أي حاجة بها الى الماء.

الغيمة : سأهطل عليك بالتدريج و ليس دفعة واحدة.

الارض : كلا أيتها الغيمة الطيبة فأنا شديدة العطش و الجفاف كما ترين و أحتاجك دفعة واحدة.

دار بين الغيمة و نفسها التالي : يا إلهي كم أحببت هذه الارض هي تحتاجني و أحتاجها أكثر من أي أرض أخرى صادفتها.

لا بد أنها هي التي تستحق مائي و خيري و أنا أيضا أحتاجها اذ لا معنى لي إن لم أتحول الى قطرات تمتصها الارض و تصنع منها أشجارا ترسم الجمال في هذا العالم

الأرض : هيا أيتها الغيمة لا بد أن نتحد لتتحولي من غيمة وحيدة في هذا الفضاء الموحش الى مطر ينام في قلبي أحوّله الى أشجار متنوعة تجعل مني و منك شيئاً ذا قيمة , قدرك هنا و قدري بين يديك فكوني.

كان هذا كافيا لينفطر قلب الغيمة و تسقط دون تفكير غيثاً يعيد الحياة الى تلك الارض.

في لحظات تلاشت الغيمة من السماء و أصبحت بكاملها في قلب الارض.

و في لحظات نبتت أشواك و أعشاب سامة.

أنا لا أعرف فيما اذا علمت الغيمة بما صارت إليه و لكني أعرف جيدا أنها اليوم تتشكل من جديد لترحل الى أرض أخرى ربما تستحق غيثها.

http://kenanphoenix.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى