صفحات المستقبل

الفكر و لغة القتل …بين الفلسفة والواقع

 


ايمان عياش

هي لغة واحدة لا يفهمون غيرها .. لغة الدم والقتل

لغة لم نتعلمها في المدارس ولكن تعلمنا أصولها  وقواعدها الشاذة في الحياة

تعلمنا أنه لمجرد أن تقول لا فلن تسمع جوابا مثل لم لا ؟

وإن قلت أعترض فلن تسمع من يقول لك إذا ً ما هو رأيك ؟

وفي كلتا الحالتين سيستخدمون معك أصول لغتهم..لغة الدم

فإما أن تصمت للأبد وتلغي فكرة المعارضة من صميمها أو ببساطة..تقتل

هي لغة ليست كاللغات.. لا تدرس إلا في الجامعات الدكتاتورية العالمية الموحدة

ظنوا أنهم إن تحدثوا بها بطلاقة فهم ملكوا الدنيا بحالها وملكوا البشر

طبقوا كل قواعدها المتعلقة بالدم والقتل والبطش

وترجموا ذلك على أرض الواقع..على ناقديها من البشر

لطالما تفننوا بها..وهم في كل يوم يضيفون الكلمات إلى معاجم لغتهم

كلمات لا تتكون من الحبر أو الحروف

إنما هي كلمات تتعدى نظرية الكلمة …هي معان تطبيقية مشبعة بالدماء والقتل والتعذيب بأبشع صوره

لغتهم هذه لا تعترف بالتذكير أو التأنيث أو الجمع أو المفرد

فالإعراب واحد..والكلمات الدامية واحدة تستخدم مع الجميع في حال نقدها

ضمائر المتحدثين بها غائبة ومستترة ..وربما لا أصول لها من الأساس

استخدموها في الماضي.. ولا زالوا يستخدمونها في الحاضر ..والمستقبل مجهول

وأما أهم ما تولده هذه اللغة في نفوس المخاطبين بها فهو الخوف المميت

وألخص الصفة التي يصل إليها من يشعر بالخوف من هذه اللغة بمصطلح الحر المأسور

فمن يشعر بالخوف من لغتهم التي اعتادوا عليها – أي المواطن- هو حر إلى حد ما فهو يأكل ويشرب وينام

أما أسره فيكمن في أسر أفكاره في معتقلات الخوف

الخوف الذي يحافظ  به على حياته ويأسر أفكاره لكنه لا يقتلها…وهنا يكمن السر

أما إن حاول كسر هذه الأغلال من معتقلات الخوف.. فمصيره حتما هو المعتقلات الجسدية حيث نقطة البداية.. لغة القتل والتعذيب

لكنهم ورغم حوزتهم على درجة الشرف في اتقان لغة القتل ..هم أغبياء.. نعم أغبياء وحمقى

لم يدركوا أن الفكر والعاطفة لا يمكن أن تواجه بلغة القتل بأي حال من الأحوال..فهي ليست كالجسد تقتل .. وهذا هو السر

لم يوقنوا أن الإنسان هو نتاج أفكاره..وأن الفكرة هي أقوى سلاح يستخدم للتعامل مع هذه اللغة

وأن الأفكار لو ترجمت على أرض الواقع لجعلت هذه اللغة في عداد اللغات المندثرة العتيقة

حتما هم الغباء عينه.. ما علموا أن الفكرة ليست كالجسد لا يورث

فهي إن ذهب صاحبها..توارثها ذويه

ولو كانت هذه مجرد فلسفة فلم نحن نؤمن اليوم بأفكار العديد من الشخصيات التاريخية ونطبقها رغم موت أصحابها ؟

ولماذا نؤمن بالأفكار التي جاء بها الإسلام ونشيد بها رغم أن من أتى بهذا الدين توفي منذ قرون عديدة ؟

نعم إننا نخسر الأرواح ويقتل منا العديد .. لكن نزيف الدم لا يعني أبدا قتل الأفكار مادامت ملتحمة وبأعداد هائلة

إذا الفكرة هي السلاح الوحيد الذي يمكن أن تواجه به لغة القتل

ومما لا شك فيه أنه ليست أي فكرة تقتل هذه اللغة

إنما هي الفكرة التي تنبع من العاطفة الصادقة والعقل الواعي على حد سواء

هي الفكرة الواضحة التي لا يعتري صاحبها أدنى شك أن قتل الناس دون أي ذنب هو عمل لا تقبله الإنسانية ولابد من الوقوف ضد المتحدث بلغة القتل كائنا من كان

وأن أساس الحرية.. هو حرية الفكر ..وأن حرية الفكر لا يجب أن تلغي حرية الجسد

إن تطبيق هذه الأفكار يعني أن لغة القتل تنازع وقد تصل لدرجة قتل المتحدثين بها توهما بالبقاء

وهذا ما نشاهده اليوم من قتل شرفاء الجيش الذين أبوا أن يسفكوا دماء أهليهم وذويهم

فكما أشرت في البداية هم لا يتحدثون إلا بلغة القتل مع كل من يشذ عن قواعدهم

إذا  أستطيع أن أقول الوداع لكل الأنظمة التي تتعامل بهذه اللغة القمعية البائسة .. وداعا بلا عودة

فها نحن نرى تطبيق هذه الأفكار تطبيقا لا يمكن لأي انسان أن ينكره

فهو ليس على مستوى فرد أو مجموعة أو حزب

إنما هو على مستوى شعوب .. أي الألوف المؤلفة.. بل الملايين

وها نحن نواجه لغة قتل الجسد بلغة الأفكار الموحدة والتي تكمن قوتها بهذا التوحد

وها نحن كسرنا أغلال أفكارنا التي كانت حبيسة سجون الخوف المميت – كما ذكرت

وأؤكد أن قتل أجسادنا لا يوهن قوة أفكارنا مهما سالت الدماء

وأن تطبيق هذه الأفكار الحرة هي التي قضت وستقضي على اللغة البشعة التي تحدثت بها الأنظمة العربية على مدى عقود طويلة

نعم إنها حرية الأفكار التي لطالما كانت الركيزة الأساسية التي بنيت عليها الحضارات

وأقول أن هذه هي الخطوة العملاقة التي تحرك اليوم دفة النهضة من جديد .. إنها حرية الأفكار.. إنها البداية

بقلمي

أرحب بأي نقد فأنا لا أستخدم لغة القتل

خاص – صفحات سورية –

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى