صفحات الثقافة

الفوضى/ كولالة نوري

 

 

 

الفوضى ليست ما أنا فيه أو بالأحرى ما تراه أنت في، وليست ما تعتقده بأنه خارج كل هذا الترتيب والتنظيم والتعقيم الذي تمارسه كل يوم.. وليست قطع ملابسي المتناثرة هنا وهناك، وبحثي الدائم عن شيء مفقود كأنني أفقده لأول مرة أو للأبد، وهي ليست  اتهامي لولعك بالتنظيم سببا لاختفاء أشيائي.

وليست الفوضى خلطي الملابس الفاتحة مع غامقة اللون في الخزانة أو عدم طي المناشف حسب التدرج بالأحجام، أنت المتيم بطي الأشياء وطي قلبي كطفل يرسم خطه المستقيم الأول في المدرسة ! والفوضى ليست كوب الشاي أو ثبات كأس النبيذ كل يوم قرب رأسي، ولم أشرب منهما سوى رشفة أو رشفتين، أنا فقط أحب أن ابقى بشوق دائم لنهاية الكوب أو الكأس. الفوضى ليست ابتعادي عنك كل ليلة لأنام على الأرض ثم لأعود ثانية لأقبلك بعد ساعات. أنا فقط لا أريد أن أكون قريبة بحجم فراش واحد. أريد أن أمارس اشتياقي وأن أكون قادرة على ذلك بلا عوائق. إنها لعبة أثيرة أن أبحث عنك بعد منتصف الليل وأجدك بسهولة. الإحساس بالنجاح في إيجادك حين أفتقدك يعوض فقداني الدائم في ليال طويلة لمن أحببتهم ورحلوا ولم أعثر عليهم قطّ.

أي أحمق يفكر في ترتيب الغرفة وتنقيط التعبير في الحب وهو يحتضن من يحبه؟ ربما جنوني هو رغبتي الأبدية فيك وخوفي الدائم ألا أجدك.

أريد أن أعيش حبي لك بطريقتي وأنت تراني سيدة الفوضى والضوضاء والاشتياق المخطط له وعقاب من الآلهة لسيد التنظيم. السعادة ليست في ترتيب الخزانة والأثاث حسب الألوان والأحجام بل أن تحتفظ بألوان وحجم حبي.

الفوضى بالنسبة لي فقط هي المغادرة للأبد إلى أسفل سافلي الأحاسيس، وستعرف يومًا أن الفوضى هي الألم العميق الذي يقلب كيانك كله إلى مكان غير معرّف وبلا قرار. السعادة أن تحتفظ بكيانك مع قرارة واضحة.

ضفة ثالثة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى